فوجئ سكان مدينة فكيك، صباح أول الثلاثاء، بقرار منعهم من طرف عناصر القوات المسلحة الملكية من العبور إلى ضيعاتهم، التي تضمّ مئات أشجار النخيل، والواقعة في «تاغيت»، في المنطقة المسماة «سد نايت البالي»، المتاخمة للجزائر. وصرّح أحد مواطني فكيك ل»المساء» بأنّ السكان صُدموا لهذا المنع، بعد أن تهيؤوا، ككل موسم، لعملية تطهير أشجار النخيل وتهيئتها لفترة التلقيح، وتلقوا أمرا بعدم الاقتراب من ضيعاتهم، مع الإشارة إلى أنهم فقدوا جلَّها، بعد أن حازتها الجزائر ظلما خلال سنوات ما بعد استقلالها. «كانت لنا ضيعة تضمّ 600 شجرة نخيل.. ولم يبق لنا إلا شجرتان بعد حيازتها من طرف القوات الجزائرية.. التي منعتنا من الوصول إليها دون أي ردّ فعل من بلدنا»، يقول إبراهيم بأسف شديد، قبل أن يضيف أنّ أسرته تخلت عن الشجرتين أيضا.. وتقدّم المتضرّرون بشكاية للمسؤولين الإقليميين، الذين أوضحوا للساكنة أنّ «الوضع يتجاوزهم»، بعد أن رفعوا تقارير في الموضوع، وينتظرون الجواب والتوجيهات خلال ال24 ساعة اللاحقة. وخاض هؤلاء المحرومون من أراضيهم وقفة احتجاجية في عين المكان، حسب المصدر نفسه، على أساس اللجوء إلى محطة نضالية أخرى، في حالة استمرار الحصار ومنعهم من استغلال أراضيهم، وذلك بنصب الخيام والاعتصام داخلها. ويعمّ «غضب» شديد حاضرة فكيك، التي تعيش حالة استثنائية بعد أسبوع من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية العارمة، انطلقت يوم الاثنين 17 دجنبر الماضي، و»شلت» حركة المدينة وأنشطتها، رفع خلالها السكان شعارات تنديدية ومطالِبة ب«فكّ العزلة والحصار» عن ساكنة فكيك. ويذكر أن مطالب السكان الملحّة، التي تم تداولها خلال الاحتجاجات والمسيرات والخطابات وطُرِحت في الاجتماع مع السلطات المحلية، تتمثل في ضرورة توفير الخدمات الإدارية اللائقة المحلية، ورفض الحديث عن تمركزها في بوعرفة أو في يد مسؤول واحد وضرورة احترام الأمن ورجال المخابرات لكرامة ساكنة فكيك، وإلغاء كاميرات المراقبة التي تعيق تحرّكات المواطنين، وإلغاء الحواجز عند مدخل المدينة، وتوفير خدمات صحية في المستوى المطلوب وقسم للولادة ومختبر للتحاليل، وتشغيل العاطلين حاملي الشهادات وإحداث تجزئات سكنية في إطار السكن الاجتماعي، كما في باقي المدن المغربية لفائدة ضحايا فيضانات 2008، والاهتمام بالبنية التحتية للمدينة وتزفيت الطرقات وفكّ العزلة والتهميش عن بعض أحياء المدينة، مثل قصر لعبيدات والحمام الفوقاني وخلالة وبغداد.. وإنجاز قنطرة أساسية على وادي بيّازة وقناطر على مجموعة من الوديان التي «تعزل» المدينة أثناء الفيضانات، ومنح المدينة امتيازات، كما في مناطق الصحراء المغربية وتمتيعها بتخفيضات 50 في المائة من مواد الاستهلاك وجبر الضرر الجماعيّ تبعا لتوصيات المجلس الاستشاري لحوق الإنسان، وإيفاد لجنة عليا للحسابات والتحقيق في مجموعة من المشاريع. وسبق لسكان مدينة فكيك أن وجّهوا رسالة/ عريضة مفتوحة، في مارس 2012، تحمل عشرات التوقيعات تحت شعار «حرّروا فكيك»، إلى السلطات المغربية وإلى عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، تدعوه فيها إلى «العمل على رفع الحصار المفروض من طرف السلطات المغربية على مدينة فكيك». وأوضحت العريضة أنّ «مدينة فكيك تحوّلت في العشر سنوات الأخيرة، إلى سجن مفتوح على السماء، وأصبحت المدينة الأكثرَ مراقبة في العالم».. بعد نصَب مراكز عسكرية مغربية على بعد 300 متر، مجهّزة بأحدث كاميرات المراقبة، تغطي النفوذ الترابيّ لهذه المدينة -الواحة، مع التذكير بأنّ هذه الأخيرة فقدت 50 كيلومترا من مساحة منطقتها الحيوية خلال الاستعمار الفرنسي وكذا بعد استقلال الجزائر.