سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شيماء وأميمة: هكذا اختطفونا في سلا واغتصبونا في أكادير وهذه قصتنا كاملة الفتاتان القاصران تحكيان ل«المساء» تفاصيل اختفائهما وكيف تعرّضتا للتخدير والاغتصاب والضرب على يد الدرك
مباشرة بعد نهاية تحقيق الشرطة مع الفتاتين «المختفيتين» في مدينة سلا يوم الجمعة الماضي، انتقلت «المساء» إلى بيت العائلة وحاولت لملمة شتات قصة بدأت عادية في سلا وانتهت كارثية في إحدى قرى مدينة أكادير، حيث تعرّضت الفتاتان للاغتصاب والتخدير، حسب قولهما. في هذا التحقيق تفاصيل دقيقة عن الطريقة التي التقت بها الفتاتان الشبان الثلاثة وكيف تعرّضتا للاغتصاب وطريقة الوصول إليهما. ولتنوير القارئ فالرواية كلها مبنية على أقوال الفتاتين، وهي كلها مسجلة، وكل المعلومات هنا تهمّ ما صرّحت به الفتاتان فقط، بسبب غياب وجهة نظر الشبان المتهمين بالاختطاف، والذين يوجدون حاليا قيد الحراسة النظرية. بدأت القصة المثيرة لاختطاف الفتاتين القاصرتين (أميمة وشيماء) في مدينة سلا عشية يوم الجمعة الماضي، حينما أوهمتا عائلتيهما بأنهما في مقهى للأنترنت من أجل إنجازبعض البحوث.. في حقيقة الأمر كانتا «تخطفان» لحظات غرامية مع أبناء حي مجاور (حي السلام) لهم ماضٍ أسود في الإجرام، وأحدهم ما يزال مُتابَعا في قضية الاغتصاب، حسب إحدى الفتاتين. تسكنان في العمارة نفسها في حي الانبعاث وتدرسان في الاعدادية نفسها ولا تفترقان إلا لماما. لم يتجاوز عمرهما 14 سنة في حين يبلغ الشبان الثلاثة (حسن، محسن ومحمد) على التوالي 32، 25 و18 سنة.. خرجتا من البيت من أجل البحث عن العمل في حي الرحمة، على حد قول شيماء، غير أن الشبان الثلاثة قدّموا لهما عصيرا فيه مخدّر.. والدليل -تضيف- أنهما لم تستيقظا إلا لتجدا نفسيهما في إحدى قرى مدينة أكادير.. وبعد مرور أيام، سيتم تخديرهما مجددا واغتصابهما بعد ذلك.
أصل الحكاية تعود فصول القصة إلى ليلة يوم الأربعاء، 30 يناير الماضي. فقبل يومين من اختفاء الفتاتين، تناول «حسن»، كعادته، كميات كبيرة من الكحول وشرع في السبّ والشتم أمام المنازل المجاورة للعمارة التي تقطنها الفتاتان. يلقي بألفاظ تخدش الحياء، مهددا بقبضتيه كل من يقترب منه. أطلّ عليه الأخ الأكبر لأميمة من النافذة، طالبا منه الكف عن السباب.. لم يستسغ ذلك، فبدأ يُهدّد بحرق العمارة بقنينة غاز.. ولما تصدى له بعض شباب الحي ووصلت الشرطة إلى المنطقة قام بضرب يده اليمني بسكين حادّ، متهما «زكريا»، أخ أميمة، بالاعتداء عليه، حسب ما قالت شيماء.. لم تمر 48 ساعة على ذلك حتى «انتقم» على طريقته الخاصة، فقد استطاع أن يُقنع شيماء، بعد رجوعها من الحمام عند حدود الثامنة ليلا، بأنه يريد التحدث معها في اليوم الموالي وأنه لا يقصدها شخصيا بواقعة التهديد ولكنْ يقصد أشخاصا آخرين في العمارة، في إشارة إلى أخ الفتاة أميمة، التي سيحاول التغرير بها لاحقا. في الرابعة زوالا من يوم الجمعة، التقت الفتاتان بالشبان الثلاثة في الطريق المؤدية إلى القنيطرة، غيرَ بعيد عن أحد الأسواق الممتازة في سلا.. هنا تتدخل شيماء، لتؤكد أنهما في الوقت الذي كانتا تنتظران الوصول إلى حي الرحمة -على بعد 5 كيلومترات- وجدتا نفسيهما في خلاء في مدينة أكادير.. تقول إنهما تعرضا للتخدير، وأُخذتا إلى القنيطرة، أولا، ثم أركبتا، وهما غائبتان تماما عن الوعي، في حافلة إلى الجنوب. لم تنفِ شيماء ما صرّحت به للقناة الأولى أمام الشرطة من وجود مشاكل عائلية ورغبتها في ترك الدراسة والبحث عن عمل في مكان ما، لكنها نفت بشكل قاطع نيتها السفر مع الأشخاص الثلاثة إلى مدينة أخرى. أكدت ل»المساء» أنها تعرف أن الشبان الثلاثة لا مستقبل لهم، بسبب سوابقهم الاجرامية، لكنها قبلت أن تلتقيّ بهم، لأنها على معرفة مسبقة بأحدهم، وحتى «تطمس» ما حدث في اليوم السابق بين حسن وزكريا.. حينما وصل الجميع إلى بادية «أمسكرود» في مدينة أكادير عند حدود السابعة صباحا (تقول أميمة) بدأت تستعيد وعيها شيئا فشيئا، لكنّ صديقتها شيماء كانت ما تزال مضطربة. وقالت إن الحافلة أنزلت الخمسة في خلاء في الطريق السيار المؤدي إلى أكادير، وقد أدى انزلاق شيماء في أحد المنحدرات إلى تعرضها لإصابة خطيرة ما تزال بسببها غيرَ قادرة عن الوقوف والمشي.. في أمسكرود توجه الغرباء الخمسة إلى بيت أحد أفراد عائلة حسن في مكان لا توجد فيه إلا منازل قليلة ومتناثرة على مساحات شاسعة. حاولوا الدخول إلى الدوار بدون اثارة عيون الفضوليّين.. وصلوا إلى بيت آجوريّ لا يزال قيد البناء، ودخل الجميع إلى البيت، الذي كان بدون سقف. وفي غرفة متهالكة سيقضي الخمسة الأيام الثلاثة المقبلة.. وأخرج الشبان الثلاثة سيوفهم وقطعة حشيش وأدوية لم تستبعد أميمة أن تكون «منوما» أو «حبوب الهلوسة». تحكي أميمة أنها في هذه اللحظة كانت غائبة عن الوعي، وما تزال غيرَ قادرة على تذكر كل تفاصيل ما جرى، لأنها طيلة الرحلة كانت مُجبَرة على تناول مواد لا تعرف طبيعتها. انتهت الليلة الأولى البادرة في جو طبعه التعب والرغبة في الاستراحة من عناء السفر. في اليوم الموالي، ستأخذ القصة مجرى آخر، حيث استيقظت الفتاتان وطلبتا من الشبان الثلاثة مغادرة أكادير والرجوع إلى مدينة سلا.. لم يكن لهما غير البكاء أمام اصرار محسن وحسن على إبقائهما في المنزل. تقول شيماء: «كنت جائعة وعطشى جدا، وقد أغلقوا علينا الأبواب وطلبوا منا الصمت حتى لا يدرك أحد من أهل القرية أننا متواجدون في البيت»، مضيفة: «كانوا يريدون قضاء بعض الأيام في أمسكرود قبل التوجه إلى مدينة أكادير من أجل البحث عن عمل».. حل الليل وناولوا الفتاتين مجددا أدوية منومة يُعتقد أنها «القرقوبي». تقول شيماء: «لم أدر ماذا حدث بعد ذلك، إلى بعد أن استيقظت في الصباح وأنا أتألم بسبب وجع في أسفل بطني ورضوض حمراء وتمزّقات». في هذه الأثناء يصمّ بعض أفراد العائلة (الذين يستمعون مجددا للقصة) آذانهم، فيما يدلف آخرون خارج الغرفة التي نتواجد فيها حتى لا يسمع بقية القصة.. وتضيف أميمة: «أدركتُ أنهم اغتصبوني حينما شعرت بألم، فبدأت أتحسّس سروالي لأكتشف الدم يندلق منه». بعد ذلك، قالتا إنهما غادرتا إلى مكان قصيّ في البيت، فبدأتا تندبان حظيهما وتبكيان.. أكد لهما أحد الشبان الثلاثة -لعله محسن أو محمد- أن الأمر عاديّ ولا يتعلق سوى بالعادة الشهرية ولا داعي للخوف.. لم تصدّقا الأمر، بسبب الألم غير العادي الذي أحستا به طيلة اليوم.. هنا تحوّل كل شيء إلى كابوس مرعب. لقد أصبحتا رهينتين بيد ثلاثة شبان جانحين في مكان بعيد عن الأهل وفي بيت مهجور تتضوّران جوعا لوحدهما.. في اليوم الموالي لتناوبهم على اغتصابهما، اتصل الشبان الثلاثة بعائلتي الفتاتين برقم مجهول، وبدأوا في استفزازهما، قالوا لأخ إحداهما: «لقد نلنا ما أردنا»، وردد آخر: «إيلا كْنتو رْجال لْقاونا».. بداية النهاية لم يستطيعوا مواصلة مسلسل الاستفزاز، لأن مقال جريدة «المساء» لعدد يوم الثلاثاء الماضي وصل إلى مدينة أكادير واطّلع عليه الشبان الثلاثة (تقول أميمة) فصاروا يرتجفون من الخوف، فقد أصبحت القضية معروفة للجميع باسم «اختطاف فتاتين في مدينة سلا».. ربما كانت «عيون» بعض أهالي القرية هم الذين وشوا بالشبان الثلاثة، خاصة بعد ملاحظة الحركة غير العادية في المنزل المهجور، أو ربما أحد افراد عائلة محسن هو سبب وصول رجال الدرك إلى تلك البادية البعيدة في أحواز أكادير. بيد أن والد أميمة له رواية أخرى، حين قل: «حينما كنت جالسا في الكوميسارية مرّت والدة حسن أمامي، فقامت بالتبليغ عن ابنها ومكان تواجده في أكادير، حتى تتبرّأ بذلك من فعلته الشّنعاء». قبل هذا، وفي الليلة الماضية اتصلت الفتاتان بعائلتيهما. تقول أميمة إنها كانت تتكلم مع والدتها وهي غائبة عن الوعي ومهدَّدة بالسلاح الأبيض، لأنّ حسن كان يردد عليهما: «سنقطع رأسيكما ونضعهما في قفتين ونرسلهما إلى عائلتكما إن لم تنفذا ما نطلبه منكما».. وتضيف: «بفعل المخدر والخوف، اضطررتُ إلى شتم أمي وأبي وطلبت منهما التنازل عن متابعة الشبان الثلاثة لأنهم أبرياء».. في الصباح، وعند حدود اليوم الحادية عشرة، سيستيقظ الجميع على وقع المداهمة الأمنية للبيت، بعد أن فاجأ رجال الدرك الخاطفين والرهينتين وهم ينزلون من سطح البيت.. تقول شيماء وأميمة: «الجوندارْم شبّعونا عْصا بقضيب حديدي أسود»، وتضيف شيماء: «كانوا يرددون: دْرْتو قْربالة في البلاد ونْشرتو البْسالة فْالجريدة.. ويستمرون في الضرب ولم يتوقفوا لحظة عن توجيه ضرباتهم غير الرحيمة».. وأكدت الفتاتان أن رجال الدرك قاموا بحجز قطعة كبيرة من الحشيش (كان الشبان الثلاثة يتعاطون لتجارة الحشيش في سلا، حسب شهادات بعض الجيران) وثلاثة سيوف، إضافة إلى هاتف محمول مسروق، حسب أميمة، وبعض النقود وأشياء أخرى مهملة.. بعد ذلك، تؤكد شيماء، قاد رجال الأمن الجميع إلى كوميسيرية في مدينة أكادير، ونامتا في قبو بارد وفوق الإسمنت إلى الصباح الباكر، حيث سيتم تسليم الخمسة إلى شرطة مدينة سلا. بين أحضان العائلة وضعت الشرطة الشبان الثلاثة والفتاتين في مكان واحد، والجميع مصفدي اليدين من أكادير إلى مدينة سلا، حيث ستبدأ فصول جديدة من التحقيق. تقول شيماء: «نزعوا عنا الأصفاد، وكان الثلاثة يترجّون أن نكتم سرهم وأن نقول إننا مارسنا معهم الجنس بمحض إرادتنا مقابل الزواج».. وتعلق شيماء على ذلك قائلة: «قال حسن لي إذا ورّطتني مع البوليس فسأرسل من يقتلك ويقتل أباك وأمك وأنتقم منك شرّ انتقام».. قبل انتهاء التحقيق معهما رافقهما أحد أفراد الشرطة إلى المستشفى من أجل التأكد من عذريتهما، وتتنهد شيماء قائلة بعد ذلك قال رجل الأمن: «نْتوما دابا وْلّيتو مْراواتْ»، مضيفة: «كنتُ أعرف ذلك ومتأكدة منه، لأن الذي خرج مني لم يكن دم الحيض».. بعد انتهاء التحريات، من المتوقع أن يكون الشبان الثلاثة والفتاتان قد مروا، يوم الجمعة، أمام وكيل الملك للبحث في تهم التغرير بالقاصر والاغتصاب، وقد يواجه الأظناء تهما أخرى أشدّ منها: الاختطاف، خاصة إذا ثبتت أقوال الفتاتين حول كونهما تعرّضتا للتخدير ولم تستفيقا إلا في مدينة أكادير.. لتكون القصة عملية انتقام غير عادية من كلمات سمعها حسن ذات لحظة سكر من زكريا (أخ أميمة) فقرر اتخاذ الخطوة غير المحسوبة.. وترفض عائلتا الفتاتين تزويجهما بالمغتصبين، بل طالبتا بحقهما في متابعة الأظناء بالقانون الأخير، الذي تصل فيه عقوبة الاغتصاب إلى 30 سنة..