نذر أخطار تتهدد السياحة المغربية في السنة القادمة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية التي يبدو أنها لم تفصح عن كامل تداعياتها، لذلك تحاول السلطات العمومية أن تستبق التراجع المتوقع بالقطاع، بإجراءات تريدها هجومية حتى تحافظ على حصص المغرب في الأسواق التقليدية وتفتح أسواقا جديدة، في نفس الوقت الذي تبدي فيه مرة أخرى، كما في كل أزمة، الاهتمام بالسوق الداخلي. أول أمس الثلاثاء بالدار البيضاء، التأمت وزارة السياحة و الصناعة التقليدية والمكتب الوطني للسياحة ومرصد السياحة والمراكز الجهوية للسياحة و الفيدرالية الوطنية للسياحة... حيث أراد هؤلاء المتدخلون في القطاع إبداء نوع من التآزر والتكاثف في مواجهة الأزمة التي تطل برأسها على السياحة المغربية، وهو ما تمت ترجمته بالإعلان عن إجراءات استثنائية يراد من ورائها التعاطي مع الركود الذي ينتظر أن تعرفه السياحة في جميع أنحاء العالم، فبعد أن خفضت منظمة السياحة العالمية توقعاتها لنمو السياحة العالمية في السنة الجارية إلى اثنين في المائة، توقعت أن يكون النمو نسبة صفر في المائة في السنة القادمة. بوادر ركود السياحة في المغرب بدأت تتجلى في العائدات السياحية التي يتوقع أن تنخفض في نهاية السنة الجارية بواحد في المائة في ظل تراجع المبيتات السياحية، و إن ارتفع عدد السياح، حيث إن المنحدر الذي يبدو أن السياحة المغربية ستنخرط فيه في السنة القادمة، بفعل اشتداد الأزمة الاقتصادية العالمية و ما لها من تداعيات على حركة السفر في العالم، فرض وضع خطة إضافية تدعم رؤية 2010، وهي عبارة عن إجراءات تكتيكية، رصد لها غلاف مالي يقدر ب100 مليون درهم، نصفه يوفره المهنيون والنصف الآخر يأتي من ميزانية الدولة، حيث ينضاف إلى الخمسمائة مليون درهم التي تخصص للمكتب الوطني المغربي للسياحة للقيام بمهامه الترويجية لوجهة المغرب. ويهدف المخطط، الذي أعلن عنه أول أمس الثلاثاء، إلى التخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية الدولية عبر إجراءات توطد حصة المغرب في السوق، وإطلاق إجراءات جهوية تروم بث الحيوية في النشاط السياحي بأربع جهات ذات أولوية، حددت في مراكش وفاس والدار البيضاء و أكادير. وتسعى الخطة كذلك إلى الحفاظ على دينامية الاستثمارات الجارية وتكثيف التواصل. والاتصالات مع منظمي الأسفار ووسائل الإعلام و مواقع الأنترنيت، ناهيك عن التحضير لمرحلة ما بعد الأزمة الاقتصادية الدولية. وتتركز محاور المخطط حول جلب المزيد من السياح من خلال الاستفادة من القرب من أوربا، وفتح أسواق جديدة في أوربا الشرقية والبلدان العربية، وهذا ما ترمي إليه أنشطة الإنعاش وتوطيد صورة المغرب. في نفس الوقت، يتطلع المخطط إلى تنمية السياحة الداخلية من خلال بلورة عروض جديدة تتلاءم مع الزبناء المحليين، وتنمية منتجات تحفيزية خلال عطلة نهاية الأسبوع والعطل المدرسية، وتحسين خدمات الاستقبال والتنشيط و النظافة الصحية و الجودة، و الرفع من نجاعة و سرعة ملفات الاستثمار و الحفاظ على انخراط الأبناك المغربية فيها، كما قرر واضعو الخطة إحداث خلية لليقظة و التتبع من أجل التفاعل الناجع مع تحولات السوق على مستوي مرصد السياحة لمراقبة الظرفية الدولية السياحية. وقد تمت بلورة الخطة، التي تريدها وزارة السياحة استباقية، من طرف مجموعة عمل، حيث تم التشاور وفق منهجية تشاركية بين وزارة السياحة والفيدرالية الوطنية للسياحة ومرصد السياحة والمراكز الجهوية للسياحة. في نفس الوقت، تم تشكيل لجنة لتتبع مجموع العمليات وإنجاز تقارير حول سير التنفيذ تحت إشراف مرصد السياحة.