حذر سعيد شيبا الدولي المغربي السابق من خطورة النقاش حول اللاعبين المحليين والذين يمارسون بالخارج، مشيرا في حوار أجرته معه"المساء" إلى أن مثل هذا النقاش مغلوط، وأنه لا يمكن لأحد أن يزايد على الآخر في وطنيته. وأبرز شيبا المحلل بقناة "الجزيرة الرياضية" أن الاختيار يجب أن يكون للأكفأ ايا كانت البطولة التي يمارس فيها. من ناحية ثانية، قال شيبا إن المنتخب الوطني في حاجة إلى "الاستقرار الذي يوفر الجو الصحي والملائم للعمل"، داعيا إلى ومنح الوقت للطوسي، لأن سفره مع المنتخب إلى جنوب إفريقيا تم في ظروف خاصة، وبالتالي لم يكن لديه متسع من الوقت لبناء منتخب وفق نظرته الخاصة به"، بيد أن شيبا دعا في الوقت نفسه إلى الاستفادة من دروس كأس إفريقيا، ومضى قائلا:" الآن بعد تجربة جنوب إفريقيا من الأكيد أن رؤية الطوسي تغيرت فيما يخص عددا من الجوانب، كما أن الكأس القارية مكنته من لعب ثلاث مباريات قوية، سيعتمد عليها أيضا في وضع تصوره المستقبلي". - بداية كيف عشت مغادرة المنتخب الوطني للدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا التي تحتضنها جنوب إفريقيا في الفترة الراهنة؟ بالطبع ككل مغربي أحس بخيبة أمل، وبحسرة لأنني كنت أتمنى أن ينجح المغرب في التوقيع على مسار طيب في هذه النهائيات، لكن بعين التقني أعود لأقول إنه من الواجب وضع هذه المشاركة في إطارها الكامل والموضوعي، فالوقت لم يكن يسمح لنا بأن نتوفر على منتخب قوي وقادر على أداء دورة ناجحة بكل المقاييس، ورغم الإخفاق في جنوب إفريقيا إلا أننا لاحظنا من خلال المباراة الأخيرة أن لدينا نواة منتخب شاب وقوي يجب العمل معه حتى يكون جاهزا للاستحقاقات القادمة، وأنا أرى أننا بدأنا العمل في مشروع منتخب قوي للمستقبل. - لكن ألا ترى أن الناخب الوطني يتحمل قسطا من المسوؤلية من خلال الأمل الذي زرعه في نفوس الجماهير المغربية؟ لا يمكنني بالتأكيد أن انتقد تصريحات الطوسي وهذا السؤال يجب على رشيد الإجابة عنه، وتوضيح إلى ماذا كان يرمي من خلال خرجاته الإعلامية السابقة، فمن الممكن أن تكون هناك متغيرات قد حصلت وأدت إلى التأثير سلبا على أداء المنتخب المغربي في النهائيات، وفي الأخير أظن أن الطاقم التقني والإداري الذي يسهر على المنتخب يجب أن يأخذ العبر والدروس من هذه المشاركة على جميع المستويات سواء من الجانب التقني وحتى فيما يخص نوع وتوقيت وفحوى التصريحات الإعلامية، حتى نتمكن إن شاء الله من بناء منتخب قوي في المستقبل. - هناك من عاتب على الطوسي ذلك التخوف الذي لعب به المباراة الأولى والثانية ضد أنغولا والرأس الأخضر، في رأيك هل كان ذلك التخوف مبررا؟ قبل الإجابة على هذا السؤال، أود الإشارة إلى أنه من الصعب أن نقول أن الطوسي كان متخوفا في المباراتين الأوليين، لأننا لم نكن حاضرين معه في المعسكر ولا خلال إعطائه للخطة التي لعب بها المنتخب ضد أنغولا في المباراة الأولى واستراتيجيته في المباراة الثانية، لكن فيما يخص المباراتين الأوليين أستطيع القول أن خصمنا الأنغولي كان قويا على أرض الملعب، وتبين أن لاعبيه كانوا أكثر حضورا سواء على المستوى البدني أو في الثنائيات التي كانوا يتفوقون فيها في جل الأحيان، والأمر نفسه تكرر مع منتخب الرأس الأخضر، الذي بدا منظما وقويا على المستطيل الأخضر، وتمكن من فتح باب التسجيل، وهنا تغير أداء المنتخب المغربي حيث قاتل اللاعبون وتميزوا خلال دقائق المباراة المتبقية ليحرزوا هدف التعديل، وكانوا حتى قريبين من الانتصار. أما فيما يخص المباراة الثالثة فأظن أن الكل متفق على أن الأداء كان مطمئنا، وبعث إشارات على أن هامش تطور المنتخب كبير، وأنه يلزمنا الوقت للعمل حتى نقوي أكثر صفوفنا، ونحضر للاستحقاقات القادمة بصورة أفضل. - في السياق نفسه، هناك من يقول أن المباراة الثالثة كانت تحصيل حاصل، وبالتالي المنتخب المغربي قام بردة الفعل، على اعتبار أنه كان مجبرا على تحقيق الفوز لضمان المرور لدور الربع، ألا ترى أنه من الصعب أخذ أداء المنتخب المغربي في المباراة الثالثة مقياسا لقوة المنتخب، حتى يتجنب السقوط في الخطأ نفسه بعد مباراتي الجزائر والموزمبيق؟ أنا لا أتفق معك في هذا الطرح، لأن اللاعب الذي يكون قادرا على منحك أداء طيبا، بإمكانه إعادة الأداء نفسه في مباراة أخرى، إذا تم توفير الجو المناسب له وتحضيره بالطريقة المثلى، والتعامل مع المباريات بعقلانية بعيدا عن التشويش والخطابات السلبية. - في نظرك ما هي الأخطاء التي وقع فيها المنتخب؟ وهل كان بالإمكان القيام بمسار أفضل من الخروج من الدور الأول؟ بكل صراحة لا يمكنني تقييم أداء مدرب آخر، فالمدرب لا يقيم زميلا له في المهنة، والوحيد المخول له الإجابة على هذا السؤال هو الطوسي نفسه، كما أن التقييم الصحي هو الذي يكون بعد انقضاء مرحلة متفق عليه بين المدرب والجامعة، أو بعد الانتهاء من مشروع معد سلفا، وأنا أستغرب من بعض المدربين الذين يدلون بتصريحات إلى وسائل الإعلام المختلفة ويظهرون الأمور سهلة إلى حد كبير، وهذه ثقافة يجب أن نؤسس لها في منظومتنا الرياضية، ويلتزم كل طرف بحقوقه وواجباته. - في الاتجاه نفسه، هل توافق على أن المغرب يعيش بالفعل عقدة الخروج من الدور الأول؟ من الممكن أن يكون لكثرة استعمال هذا التعبير تأثير على نفسية اللاعبين خصوصا وأنه قبل بداية أي نسخة للكأس القارية، يبدأ اهتمام وسائل الإعلام بالإحصائيات وتتعدد القراءات، وهذا قد يؤثر سلبا في بعض الأحيان إذا لم يتم الانتباه إلى هذا المعطى، فاللاعب في نهاية الأمر إنسان له مشاعر ويتأثر بمحيطه سلبا وإيجابا، أما فيما يخص الشق الثاني من السؤال، فالمنتخب المغربي لا يمكنه أن يعكس واقعنا الكروي سواء إن خرج من الدور الأول أو فاز بالكأس القارية، لأنه واقع بعيد كل البعد عن أحول المنتخب، فصحة كرتنا تقاس ببنيتنا التحتية التي تحتاج إلى عمل كبير، وتقاس أيضا بضرورة الاعتناء بمراكز التكوين، التي لم تعد تقوم بالأدوار المنوطة بها، أي أن هناك مشاكل بنيوية يجب معالجتها دون إلصاقها بالمنتخب الأول. - بعد الخروج من الدور الأول كثر الحديث عن ضرورة تكوين المنتخب المغربي من لاعبين يمارسون بالدوري المحلي بدل استقطاب لاعبين من خارج البطولة الوطنية، كيف ترى هذا النقاش الدائر اليوم؟ أنا أعتبره نقاشا مغلوطا، وغير ذي قيمة فعلية وبناءة، لأنه من العيب علينا كمغاربة أن نتجه بنقاشنا لمسار مغلوط يجعلنا نناقش أمورنا بشكل متطرف وفيه هذا التمييز الجارح، فلا يجب أن ننسى أنه إلى الأمس القريب كنا نصفق ونهلل لكل لاعب قادم من خارج الحدود، والآن نغير خطابنا بشكل جذري، وأنا أرى أن هذا الخطاب الشعبوي الذي يحاول البعض الترويج له لن ينفعنا في شيء، فالمعيار الوحيد لاختيار التشكيلة هو الجاهزية والاستعداد الكامل للانخراط في رؤية الناخب الوطني، وليس من حق أي أحد أن يزايد على وطنية مغربي مثله، أنا أقبل أن يقول الجمهور هذا الكلام بالنظر إلى تلقائيته وحبه للانتصارات، لكن من العيب أن يصدر هذا الكلام من إعلامي أو تقني من المفروض فيه أن يساعد على توجيه الرأي العام لما فيه مصلحة بلد بأكمله. - لكن كيف تفسر إذن هذا الإخفاق المتكرر، في كل مرة، ولماذا تراجع مستوى الكرة في شمال إفريقيا وتقدمها في باقي الإفريقية الأخرى؟ ليس هناك سر وراء النجاح الكروي، لأن العمل الجيد والرؤية الواضحة تؤتي أكلها، كما أننا نرتكب أخطاء من نوع آخر، فخلال تحضيرنا لمباراة ضد بلد إفريقي مثلنا، نتحدث فقط على أنفسنا ونلغي الآخر، كما لو أنه غير موجود، وبالتالي نفاجأ بأدائه على أرضية الملعب، وهذا الأمر تبين أكثر من مرة في هذه النسخة من الكأس القارية، لقد تغيرت موازين الكرة في القارة السمراء، وأصبح الفوز على منتخبات عهدناها ضعيفة في الماضي أمرا في غاية الصعوبة، لهذا يجب علينا مضاعفة الجهود وتوحيد الرؤى لأن الأمور لم تعد سهلة كما كانت من قبل. - بالعودة للحديث عن الكأس القارية، لم يتمكن أي منتخب من المجموعة التي كانت تضم المغرب من المرور إلى دور نصف النهائي، فقد تم إقصاء الرأس الأخضر وجنوب إفريقيا، هل هذا يدل على أن مجموعتنا كانت سلهة بالمقارنة مع المجموعات الأخرى؟ هذا صحيح، لأنه على الورق كانت الأمور تشير إلى أن مجموعتنا كانت أقل صعوبة من باقي المجموعات، لكن هذا لا يعني بشكل آلي أن الانتصار على الرأس الآخضر وجنوب إفريقيا أمر سهل، فقد تابعنا كيف أحرج منتخب الرأس الأخضر فريق غانا في مباراة الربع، ووقف ندا قويا ضده إلى آخر اللحظات، كما أن جنوب إفريقيا خرجت بالضربات الترجيحية أمام مالي. - هناك من عاب أيضا على الطوسي عدم استدعائه لعميد المنتخب المغربي السابق حسين خرجة، ما تعليقك؟ الأمر لا يحتاج إلى شرح أو تفسير، فالناخب الوطني هو الوحيد المخول له اختيار تشكيلته، وهذه المسؤولية من الأمور التي تبرر راتبه، وإذا فتحنا باب الاختيار أمام كل الأطراف، فسيصبح المنتخب المغربي مشكلا من مئات اللاعبين، فلكل واحد منا وجهة نظره فيما يتعلق بلائحة اللاعبين التي يراها قادرة على الدفاع عن ألون المنتخب، لكن في الأخير المدرب هو الوحيد الذي له حرية اختيار من يتناسب من اللاعبين مع رؤيته وخططه. - لكن كيف ترى رد الطوسي عندما علل عدم استدعاء خرجة بضعف الدوري القطري، وانخفاض مستوى التنافسية في قطر؟ بالتأكيد الإجابة عليها عتاب، ليس لأنني أدافع عن الدوري القطري أو اللاعب، ولكن لأن أي مدرب يجب عليه احترام كل الدوريات والممارسين أينما كانوا وحيثما وجدوا. المنتخب المغربي مقبل على مباريات صعبة في إطار تصفيات كأس العالم المزمع تنظيمها بالبرازيل، في رأيك ما الذي يجب عمله للخروج بسرعة من الظرفية الصعية التي نعيشها جراء خروجنا من نهائيات جنوب إفريقيا؟ من وجهة نظري يجب البحث عن الاستقرار الذي يوفر الجو الصحي والملائم للعمل، ومنح الوقت للطوسي، لأن سفره مع المنتخب إلى جنوب إفريقيا تم في ظروف خاصة، وبالتالي لم يكن لديه متسع من الوقت لبناء منتخب وفق نظرته الخاصة به، الآن بعد تجربة جنوب إفريقيا من الأكيد أن رؤية الطوسي تغيرت فيما يخص عددا من الجوانب، كما أن الكأس القارية مكنته من لعب ثلاث مباريات قوية، سيعتمد عليها أيضا في وضع تصوره المستقبلي، وأتمنى له حظا موفقا مع النخبة المغربية. - كلمة أخيرة؟ أنا على يقين أن الجمهور المغربي أصبح يفهم جيدا كرة القدم، وتحليله ينم عن ثقافة كبيرة لهذه الرياضة، ولهذا أطلب منه أن يقف إلى جانب المنتخب المغربي في هذه الظرفية، ويتجنب الوقوع فريسة للخطاب العدمي الهدام الذي يحاول البعض الترويج له، سواء من خلال محاولة خلق التفرقة بين مغاربة البلد والمغاربة المقيمون في دول أخرى، أو أيضا رسم صورة سوداوية وقاتمة لمستقبل الكرة في المغرب، وشخصيا أنا متفائل وأرى أن الأمور بدأت تأخذ منحاها الصحيح شيئا فشيئا، فقط يجب التزود بالصبر واحترام المسؤوليات.