فضيحة من العيار الثقيل شهدها اليوم الرابع من أيام المهرجان الوطني للفيلم بطنجة، عندما تحولت قاعة سينما «روكسي» إلى ما يشبه ثكنة أمنية أجبر المتفرجون، عند مداخلها، على إفراغ محتويات حقائبهم، ومنع أشخاص آخرون من الدخول ل«الاشتباه فيهم»، حسب زعم اللجنة المنظمة، كما تم الاعتداء المادي واللفظي على الصحافيين المعتمدين الذين احتجوا على الإجراءات الأمنية «المبالغ فيها»، كل ذلك حماية لفيلم «تنغير جيروزاليم... أصداء الملاح»، المتهم بالتطبيع. وتعرض عشرات الصحافيين إلى اعتداء بالضرب والسب والشتم من طرف حراس الأمن الخاص الذين توزعوا على بوابة القاعة السينمائية المحتضنة للعروض، بعدما عبروا عن رفضهم الخضوع للتفتيش بشكل وصف ب«المهين»، ترافقه عبارات نابية دفعت الصحافيين إلى الاحتجاج بقوة على اللجنة المنظمة، التي خضعت في نهاية المطاف إلى إصرار ممثلي وسائل الإعلام، والذين ولجوا القاعة قبل أن ينسحبوا من العرض بعد دقائق من بدايته تسجيلا لموقفهم الاحتجاجي. وتمادت عناصر الأمن الخاص في استفزازاتها بشكل وصف ب«المهين»، حيث عمد بعضهم إلى وصف الصحافيين ب«الأوباش»، وهي العبارة التي أطلقت مصحوبة بقهقهات مستفزة، فيما وصف حراس آخرون بعض الصحافيين الذين رفضوا الخضوع للتفتيش ب»الإرهابيين». ودخل حراس الأمن في جدالات مع ممثلي الصحافة الورقية والإليكترونية والإذاعية، حيث إن بعض الصحافيين عندما سألوا عن سر هاته الإجراءات أجيبوا بعبارات وصفوها ب«المشينة»، من قبيل «نحن نحمي إسرائيل ونتوما مالكوم؟»، كل هذه الإهانات مرت أمام أعين عناصر الشرطة الذين وقفوا موقف المتفرجين. ووقع العشرات على الصحفيين بيانا شديد اللهجة، وزع على وسائل الإعلام والمشاركين في المهرجان، يستنكر ما وصفه بالسلوك الأرعن المشين لحراس الأمن الخاص»، وأدان البيان ما اعتبره «استفزازات رخيصة» تعرض لها الصحافيون الذين كانوا يحملون بطائق الاعتماد، والذين وصفوا ب«الإرهابيين والأوباش»، حسب البيان، الذي ذكر بالسلوكات المنافية لأعراف المهرجان، والتي دأب أغلب أفراد الأمن الخاص بسينما «روكسي» على نهجها. وحمّل الصحافيون مسؤولية ما حدث إلى مدير المركز السينمائي المغربي، نور الدين الصايل، وطالبوه بالاعتذار الرسمي، مؤكدين على احتفاظهم بحقهم في اتخاذ الإجراءات الكفيلة ب«التصدي لهذه الإهانة الرخيصة»، ومن بينها، حسب البيان، المتابعة القضائية للمركز السينمائي المغربي». ووقع البيان ما لا يقل عن 40 صحفيا يمثلون منابر إعلامية مختلفة، في مقدمتها يومية «المساء» و«الخبر» و«الأخبار» و«أخبار اليوم» و«التجديد» و«الصباح» و«إذاعة طنجة» و«شذى إف إم» و«كاب راديو» ومواقع «طنجة 24» و«صافي» و«الرأي» و«طنجة نيوز» بالإضافة إلى ممثلي صحف ومواقع وطنية محلية أخرى، حيث طالب الصحافيون وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، ب»توقيف العبث الحاصل في مهرجان طنجة الذي تنظمه مؤسسة تابعة لوزارته». وذكرت مصادر مطلعة أن مدير المركز السينمائي المغربي، نور الدين الصايل، وجّه أوامر مباشرة للجنة المنظمة للمهرجان بتشديد الإجراءات الأمنية على مدخل قاعة العرض، حتى لو أدى ذلك إلى مضايقة المتفرجين والصحافيين، ليتمكن من إكمال ما اعتبره «انتصارا على وزير الاتصال»، بإدراج فيلم «تنغير جيروزاليم»، وهو ما يرجح أن يكون السبب الرئيسي وراء غياب الخلفي عن حفل الافتتاح. وكان عرض فيلم «تنغير جيروزاليم... أصداء الملاح»، لمخرجه المغربي –الفرنسي كمال هشكار، قد استقبل بوقفة احتجاجية شارك فيها المئات من الحقوقيين والجمعويين والفاعلين السياسيين من تيارات إسلامية ويسارية، بالإضافة إلى مواطنين عاديين، الذين رفعوا شعار «نعم للفن والإبداع، لا للتطبيع». واعتبر بيان صادر عن الهيئات المنظمة للوقفة، أن الفيلم يهدف إلى تكريس التطبيع مع الكيان الصهيوني عبر تمرير رسائل «خطيرة» تشرعن للاستيطان وتروج لمفاهيم وقيم صهيونية من قبيل «أرض الميعاد» و«حرب التحرير والاستقلال»، في إشارة إلى نكبة فلسطين عام 1948. وذكر البيان بأن قضية فلسطين «كانت دائما قضية جميع المغاربة، ناضلت من أجلها القوى الحرة والوطنية وقوى الشعب المعتزة بانتمائها العربي الإسلامي الأمازيغي»، مستنكرا إقحام مسألة الإبداع في قضية «مرتبطة بشكل واضح بالتطبيع»، حسب لغة البيان، الذي دعا إلى الاعتذار لأبناء طنجة وعموم المغاربة من طرف المسؤولين عن برمجة ما وصفه ب«الشريط المشبوه».