لايزال مسلسل معاناة الحجاج المغاربة بالديار المقدسة مستمرا منذ انتهاء موسم الحج لهذا العام، فقد نقلت مصادر مطلعة من جدة، في اتصال مع «المساء»، أن مئات الحجاج المغاربة محاصرون منذ يوم أول أمس في مطار جدة بانتظار مجيء الطائرة التابعة للخطوط الجوية الملكية لنقلهم إلى المغرب، في ظروف صعبة ومعنويات سيئة، وقال مصدر من هؤلاء الحجاج المحاصرين منذ يومين وليلة في المطار: «حالتنا الآن تشبه حالة من كان في سوق لبيع الزيتون بسبب الأوساخ وليس حالة من ذهب لأداء مناسك الحج». وأوضح الدكتور خالد أبطال، أحد هؤلاء الحجاج الذين ينحدرون من الرباط وسلا والصخيرات وتمارة، أنه تم إخبارهم صبيحة أول أمس الاثنين بضرورة التوجه إلى مطار جدة على الساعة الثانية عشرة ظهرا استعدادا للرحلة التي ستنطلق في السادسة والربع من صبيحة أمس الثلاثاء، لكن الحافلات لم تحضر إلا ساعتين بعد الموعد، مما نتج عنه وصول وفد الحجاج إلى المطار متأخرا في السابعة، ولدى اقتراب موعد الرحلة حضرت الطائرة التي كانت ستقلهم، لكنها نقلت وفدا آخر سجل تأخرا في رحلته هو أيضا، الأمر الذي أدى إلى حالة من الفوضى داخل المطار، إذ قرر الحجاج المحاصرون الدخول إلى المدرجات لمنع الطائرة من الإقلاع، غير أن وفدا من وزارة الحج السعودية تدخل لفك الاشتباك وتعهد للحجاج المغاربة بعمل اللازم في حالة لم يقم المسؤولون المغاربة بالواجب. وقال أبطال في اتصال مع «المساء» أمس إن أعضاء البعثة المغربية المكلفة بالحجاج لم يظهر لهم أثر خلال كل تلك المدة، وتركوا الوفد لمصيره، وهو ما استغله أعضاء من الوفد الجزائري الذين تدخلوا لتقديم المساعدة للحجاج المغاربة، غير أن هؤلاء رفضوا خوفا من تسييس الموضوع، حسب أحد أفراد الوفد المغربي الذي تحدثنا إليه. وقال نفس المصدر إنه في غياب أعضاء البعثة الرسمية تم تشكيل لجنة من أربعة أشخاص من ضمن الوفد للقيام بالإجراءات الضرورية مع المسؤولين السعوديين، مضيفا أن «البعثة المغربية أصبحت حديث الجميع بسبب المآسي التي حصلت». وقد سجلت أول أمس، في ساعة متأخرة، حالة وفاة لحاج مغربي من تمارة، بعدما دخل في غيبوبة لمدة 12 يوما وظل طريح الفراش بمستشفى بمدينة مكة حتى وافاه الأجل المحتوم متأثرا بمرض الالتهاب الرئوي، حسبما نقل مصدر أمس، وأضاف هذا الأخير أن أعضاء البعثة الطبية المغربية لم يتدخلوا لإسعاف المريض، وأن جميع الاتصالات التي قام بها الحجاج باءت بالفشل، لأن أعضاء البعثة الطبية أغلقوا هواتفهم، وأردف المصدر قائلا: «عندما ندخل إلى المغرب إن شاء الله سنرفع دعوى قضائية وسنفضح ما حصل». وروى نفس المتحدث أن الإقامة في مطار «درة النخيل»، الذي كان الوفد نازلا به، لم تكن مشرفة للحجاج المغاربة وكانت تفتقر إلى العناية، مما أدى إلى حصول مشاكل وصلت إلى حد الخروج في تظاهرة بالنسبة إلى الحجاج الذين كانوا مقيمين بفندق «جوهرة الصالحين». وحاولنا الاتصال بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لأخذ رأيها في الموضوع، لكن تعذر ذلك، وهو الأمر الذي تكرر في مرات سابقة، غير أن أحد أفراد البعثة العلمية التي رافقت الحجاج هذا العام، رفض الكشف عن اسمه، قال ل«المساء» إن مثل هذه المشاكل في موسم الحج تتكرر كل عام، دون أن تكلف الجهات المسؤولة نفسها عناء البحث عن حلول لها لعدم تكرارها. وأوضح المصدر أن موسم الحج لم يعد موسما دينيا فقط لأن عدة جهات تتدخل فيه، مثل وزارة الأوقاف ووزارة الداخلية ومندوبو الوزارة والعمالات، وأن سبب تكرار المشاكل يعود إلى ضعف التنسيق فيما بين هذه الأطراف. وقال المصدر إن تأخر الرحلات الجوية أصبح يتكرر في كل مرة، بل إن أول وفد توجه إلى الديار المقدسة مباشرة بعد تلاوة وزير الأوقاف أحمد التوفيق للرسالة الملكية أمام الحجاج تأخرت رحلته بأكثر من ساعتين، وقال إن الوزارة «تدفع الأموال للخطوط الملكية المغربية بدون أي دفتر تحملات ولا تعاقدات واضحة مما يترك مساحة للتلاعب». وبخصوص المشاكل التي حصلت في بعض الفنادق التي كان ينزل بها الحجاج المغاربة، قال المصدر إن السبب يعود إلى مندوبي الوزارة خلال وضعهم للوائح الحجاج، حيث تحصل فيها تغييرات كبيرة دون أن تؤخذ بعين الاعتبار، مما يؤدي إلى حدوث مشاكل لدى الوصول وفوضى في أرقام الغرف وأسماء الحجاج، وهو الأمر الذي حصل في بعض الفنادق مثل درة النخيل والحجيلي وجوهرة الصالحين.