أعلن الشيخ السلفي، محمد المغراوي، رئيس «جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة»، معارضته للتدخل الفرنسي العسكري في دولة مالي، محملا مسؤولية شن هذه الحرب بدرجة أولى إلى الجماعات الدينية المقاتلة في مالي. وقال المغراوي في بلاغ توصلت «المساء» بنسخة منه، إن «الحرب مدخل إلى شرور كثيرة، تنشر الفتنة وتزهق الأرواح وتتلف الممتلكات وتشرد الضعفاء، وكان ينبغي استبعادها بالكلية كحل لأزمة تسبب فيها إنقلابيون لا يكترثون بعواقب صنيعهم الفاسد». واعتبر المغراوي أن «هذا الانقلاب المشؤوم هو السبب الأول والمباشر في ما آل إليه الوضع في مالي، ومن الأسباب أيضا: المطامع الإمبريالية لفرنسا التي تتحرك بالأساس من أجل مصالحها وتأمين هيمنة إيديولوجيتها». في المقابل، حيى المغراوي غيرة الحركات الدينية المقاتلة في مالي ومن بينها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وجماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، على الدين الإسلامي، لكن استدرك قائلا، إن من بين أسباب هذه الحرب، «غياب الحكمة عند بعض الإسلاميين الغيورين على دينهم، وفي الوقت الذي نحيي فيه كل مسلم على غيرته على الدين، ولا خير في من لا يغار على دينه، لكن ينبغي أن يحاط خلق الغيرة بإطار من الحكمة والبصيرة التي تحمل على التعقل ولزوم الضوابط الشرعية، ولا يجوز للمسلم أن يفتح على إخوانه باب الفتن والهلاك». وأضاف المغراوي، في البلاغ نفسه، أن التاريخ أثبت بأن «كل التدخلات العسكرية للدول الأجنبية في بلاد المسلمين قامت على الظلم والعدوان وتجاوز كل الحدود الشرعية والقانونية وخلقت أسوأ الآثار على كل المستويات». ورغم موقف المغرب الرسمي الداعم للتدخل العسكري في دولة مالي، إلا أن المغراوي صرح بأنه لا «يجوز الإعانة على هذا المنكر ولا المشاركة فيه، بل الواجب التدخل لمنعه وإيقافه، ومن هذا المنطلق فإننا ندعو حكومات وحكام الدول الإسلامية لإيقاف هذا النزيف الذي لا ندري عند أي حد سيتوقف». وفي سياق متصل، انتقد كل من الشيخين السلفيين، عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبي حفص وحسن الكتاني، افتتاحية جريدة «التجديد» الناطقة باسم حركة «الإصلاح والتوحيد»، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية، وكتب على صفحته الرسمية على «الفيس بوك»: «أما جريدة «التجديد» فقد فاجأتنا أمس بافتتاحية للكاتب بلال التليدي ينتقدنا فيها من منطلقات غريبة لا علاقة لها بالمرجعية الإسلامية التي نعرفها عن هذه الجريدة، أظن أن الأستاذ التليدي لو ترك الكلام لعلماء حركة الإصلاح والتوحيد الذين نكن لهم الاحترام ونعرف مكانتهم العلمية لكان أفضل من اقتحامه الكلام في مجال هو من اختصاصهم». وجدد الكتاني التأكيد على موقفه الرافض للحرب على شمال مالي، ورد على مناصري حرب فرنسا على مالي بالقول بأن «هناك تناقضا كبيرا في الساحة المغربية بشأن الحرب على الشعب المالي الذي ثار ضد الحكومة الفاسدة في بماكو ثم استغل الانقلاب العسكري ضد الحكومة الفاسدة فاستطاع تحرير أغلب البلاد من قبضتها والتحق بالربيع العربي». وأوضح الكتاني على صفحته على الفيسبوك «لأن الراية كانت إسلامية واضحة، اجتمع العالم على وأد هذه الحركة التحررية». واستنكر الكتاني سكوت القوى اليسارية على حرب فرنسا على مالي، موجها سؤالا للتقدميين المغاربة من اشتراكيين وأمثالهم، قائلا: «كيف تقبلون بتدخل أجنبي سافر ضد قوى وطنية في بلد من العالم الثالث؟ ألم ترفضوا التدخل الأمريكي في العراق؟ وفي ليبيا قديما وعددتموه تدخلا في الشؤون الداخلية للغير؟» من جهته قال أبو حفص تعقيبا على افتتاحية «التجديد»، «مع أنني أعتبر نفسي غير معني بهذا المقال، وليس في ما صرحت به أي حديث عن التكفير، لكن ما أستغربه هي هذه الرؤية المقاصدية التي يتحدث عنها الأستاذ، أي مقاصد في الدين أولى وأعظم من حفظ الدين ثم حفظ الأنفس يا أستاذ بلال؟»، مضيفا أن «إدانة الهجوم الفرنسي هو موقف كل علماء المسلمين وعلى رأسهم اتحاد علماء المسلمين، والهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التي أحد أعضائها خيرت الشاطر، فلم التركيز على السلفية، أم هو ركوب الموجة والتماهي مع الحملة المسعورة التي تشنها علينا بعض المنابر؟، أرجو أن لا يكون الأمر كذلك، فلجريدة التجديد في قلوبنا مكانة خاصة».