تتوالى عملية تغيير المسؤولين الأمنيين التابعين لولاية أمن طنجة، بالإعلان عن إعفاء رئيس الدائرة الأمنية الثانية العميد سعيد الناصري، الذي نُقل إلى مدينة جرادة بدون مهمة، في سياق محاولات والي أمن طنجة، عبد الله بلحفيظ، استعادة التحكم في زمام الأمن على مستوى مختلف مناطق المدينة، خاصة في الأحياء الشعبية، وهي العملية التي سبق أن أطاحت بمسؤولين أمنيين آخرين منذ أحداث حي أرض الدولة في مقاطعة بني مكادة. وحسب مصادر مطلعة، فإن أحداث أرض الدولة كانت النقطة التي أفاضت كأس حقيقة الوضع الأمنيّ المتردي في طنجة، وأكدت ضرورة تغيير مجموعة من المسؤولين الأمنيين، الذين ظلوا لسنوات يشغرون مناصبهم. وأضافت المصادر ذاتها أن والي الأمن، الذي انتقل من وجدة إلى طنجة في ماي الماضي، ليخلُف محمد أوهاشي، الذي نقل إلى بني ملال، كان قد أسرّ إلى مقربين منه رغبته في تغيير طاقم المسؤولين الأمنيين بآخرين يعرفهم جيدا، في محاولة للتحكم المباشر في كل المصالح والدوائر الأمنية. وشهد شهر يونيو الماضي تعييرَ اسمين بارزين في ولاية أمن طنجة، ويتعلق الأمر بكل من رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية محمد المنصوري العزوزي، الذي نقل إلى تازة بعد 4 سنوات من العمل في طنجة، ثم رشيد خزران، رئيس المصلحة الولائية للاستعلامات العامة «إيرجي»، الذي نقل إلى آسفي. وفي الشهر نفسخ غادر طنجة اسمٌ أمنيّ بارز آخر، ويتعلق الأمر بالكولونيل سعيد الشمري، رئيس القيادة العليا للهيأة الحضرية لطنجة، الذي أحيل على الإدارة المركزية للأمن الوطني في الرباط، وعوّضه الكولونيل صلاح عبد الله، الذي كان يشغل المنصبَ نفسه في الدارالبيضاء. وعرف شهر دجنبر تنقيلات أمنية وازنة كانت أهمها إحالة سعيد الطيب، نائب رئيس المنطقة الأمنية الثانية في بني مكادة، على التقاعد، ليخلفه العميد سعيد بروحو، الذي كان رئيسا للدائرة الأمنية الأولى، التي بات يشغلها أشرف فكري. ولم تقف التغييرات الأمنية على الدوائر والمناطق الأمنية، بل طالت أيضا رئيس المصلحة الولائية للشرطة القضائية ف ميناء طنجةالمدينة، والذي سبق أن شغل أيضا منصب رئيس فرقة مكافحة المخدرات في الميناء نفسه، غير أن قرار تغييره صدر هذه المرة عن المديرية العامة للأمن الوطن بشكل مباشر، حسب مصادر «المساء»، دون أن يُعرَف السبب الحقيقي وراء ذلك، مع العلم أنه قضى ربع قرن في الميناء، منذ أن كان ما يزال المعبر البحريّ الرئيس لطنجة. وكان والي أمن طنجة، عبد الله بلحفيظ، قد أكد في لقائه الأول بوسائل الإعلام، عقب تعيينه في منصبه الجديد، أنه سينهج سياسة «حازمة» بخصوص الدوائر الأمنية وأنه سيعمل على «تطهيرها»، خاصة تلك الموجودة في الأحياء الشعبية، وكشف نيته تغيير مجموعة من رؤساء الدوائر الأمنية بآخرين «يتمتعون بحزم كبير»، حسب تعبيره. وتحمل بعض التغييرات التي طالت مسؤولين أمنيين في طنجة، حسب مصادر مطلعة، «الصبغة العقابية»، خاصة تلك التي تهمّ رؤساء الدوائر، الذين فشلوا في الحد من تفشي الجريمة في طنجة، وهو ما كشفته حملات أمنية نفذت منذ قدوم بلحفيظ، واستهدفت تجار المخدرات والمبحوث عنهم في قضايا جنائية ومقاهي الشيشة وأوكار الدعارة والمتورطين في عمليات اختطاف وابتزاز واغتصاب، وهي العمليات التي تمخّض عنها توقيف مئات المجرمين والخارجين عن القانون، في حين كشفت أحداث حي «أرض الدولة» عدم قدرة الأمن على فرض سيطرتها على المقاطعة الأكثر تهميشا في طنجة. وبات الأمن هاجسا يؤرّق سكان المدينة، خاصة أن الأمر لم يعد يقتصر على الجرائم الاعتيادية، من قبيل السرقة والنشل والضرب والجرح وتجارة المخدرات القوية والبغاء، بل تطور إلى جرائمَ أكثرَ خطورة، مثل القتل واقتحام البيوت وانتشار المخدرات القوية وعمليات السطو على البنوك، وهو التسيب الذي حمّل السكان مسؤوليته لرؤساء بعض الدوائر الأمنية، خاصة تلك الموجودة وسط الأحياء الشعبية.