عاد الحديث، خلال الأسابيع الماضية، عن العقوبات البديلة كحل مثالي لمشكلة الاكتظاظ التي تعاني منها السجون نتيجة تفعيل مسطرة الاعتقال الاحتياطي. وعلمت «المساء» بأن وزارة العدل سبق لها أن هيأت تصورا متكاملا حول العقوبات البديلة تم ضمه إلى مشروع التعديلات التي عرفها القانون الجنائي في عهد وزير العدل الراحل محمد الطيب الناصري، غير أنه لم يرَ النور وظل مركونا في رفوف الوزارة. وأقر المشروع، الذي لم يخرج إلى حيز الوجود، عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية في الجرائم المعاقب عليها بالحبس لمدة لا تتجاوز 5 سنوات، من قبيل الإقامة الإجبارية أو الحرمان من ممارسة الحقوق المدنية أو العمل من أجل المنفعة العامة؛ كما أقر عقوبات تكميلية أيضا كإلغاء رخصة القيادة أو الحرمان من رخصة السلاح، والمنع من المشاركة في الصفقات العمومية أو المنع من الحصول على دفتر الشيكات. وأوضحت معطيات حصلت عليها «المساء» أن العقوبات البديلة تطبق فقط في الجرائم البسيطة التي لا يشكل مرتكبوها خطرا على المجتمع مع ربط تنفيذ تلك العقوبات في حق المتهمين بموافقتهم القبلية عليها. وأكدت المعطيات ذاتها أن تطبيق تلك العقوبات البديلة من شأنه أن يحد بشكل جذري من مشكل الاكتظاظ الذي تعرفه السجون ويوفر للدولة موارد مالية كانت تنفقها على المعتقلين داخل السجون، سواء بطريقة مباشرة من خلال تجهيز البنايات والتغذية والتطبيب أو بطريقة غير مباشرة من خلال توفير مصاريف الحراسة والنقل وغيرها. وتمثلت أهم العقوبات البديلة التي ضمنت في مشروع القانون الجنائي الذي لم ير النور، وفق المعطيات ذاتها، في العمل من أجل المنفعة العامة الذي يقوم على إنجاز المتهم عملا يصب في المصلحة العامة للمجتمع عوض الاعتقال داخل مؤسسة سجنية. وأفادت المعطيات بأن القاضي هو الذي يملك السلطة التقديرية لتحديد طبيعة الخدمة التي سيؤديها المتهم تبعا لتخصصه؛ فإذا تعلق الأمر بطبيب فسيكون عليه أن يشارك في حملة طبية مجانية أو إجراء عمليات جراحية، وإذا ما تعلق الأمر بأستاذ فيمكن أن يقوم بتدريس مجموعة من التلاميذ بشكل مجاني، كما يمكن أن يؤدي خدمات أخرى مثل تنظيف الشوارع أو الحدائق العمومية. يذكر أن وزارة العدل سبق لها، بتعاون مع سفارة الدنمارك في المغرب، أن انكبت على مشروع من أجل إدماج بدائل العقوبات السالبة للحرية في المنظومة الجنائية المغربية، وقد حمل هذا المشروع اسم «بدائل العقوبات السالبة للحرية في المغرب»، وخصص له خلال الفترة الممتدة ما بين سنتي 2010 و2012 مبلغ 4,9 ملايين درهم. وتكوّن المشروع من ثلاثة عناصر، تمثل أولها في تبادل المعارف والخبرات بشأن استحداث بدائل السجن، إضافة إلى وضع إطار لتنفيذ العقوبات البديلة، إلى جانب تبادل المعرفة حول الجريمة والعقاب من خلال تنظيم أربع حلقات دراسية لإطلاع جميع أصحاب المصلحة والممارسين في مجال العقوبات البديلة على الموضوع والحصول منهم على تعليقات حوله، والقيام بزيارات دراسية للدنمارك من طرف القضاة والممارسين المغاربة للتدليل على التطبيق العملي لبدائل السجن.