شهدت سنة 2012 تجديد منصب الأمين العام داخل خمسة من أهم الأحزاب المغربية، وخلال تلك السنة لم يستطع سوى عبد الإله بنكيران، وصلاح الدين مزوار ضمان منصبيهما على رأس الأمانة العامة داخل حزب العدالة والتنمية، والتجمع الوطني للأحرار على التوالي. أما باقي الأحزاب فشهدت تنصيب أمناء عامين جدد، ومن بين هؤلاء الذين أثاروا نقاشا حادا داخل الحقل السياسي المغربي بحر السنة، نجد النقابي عبد الحميد شباط، الذي استطاع وطرد آل الفاسي من أهم منصب داخل حزب الاستقلال. وعلى نفس المنوال صار الاتحادي إدريس لشكر، الذي ظفر مؤخرا بمنصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، ليثير بذلك حفيظة بعض قياديي الحزب، وعلى رأسهم علي بوعبيد، الذي ساهم والده رفقة المهدي بنبركة في وضع اللبنات الأولى للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. هذه التنحية لأفراد عائلة القادة التاريخيين، الذين كان لهم الفضل في تأسيس حزبي الاستقلال والاتحاد، لم تسلم منها كذلك جماعة الراحل عبد السلام ياسين، فبعد وفاة المرشد العام للجماعة توارت خلف الأضواء نادية ياسين وزوجها لتثار بسبب ذلك مجموعة من التساؤلات حول الدور الذي يمكن أن يكون قد لعبه فتح الله أرسلان، القيادي داخل الجماعة، في إبعاد كريمة الشيخ وصهره عن مراكز القرار داخل العدل والإحسان. يرى الأستاذ محمد ضريف، المختص في العلوم السياسية أن انتصار لشكر داخل الاتحاد الاشتراكي وشباط داخل الاستقلال هو علامة تدل على بوادر التحول داخل الحزبين. كما يرى أن هذا التحول تربط بينه قواسم مشتركة، وإن كانت متفاوتة الدرجة. «هناك مجموعة من القواسم المشتركة بين الحزبين، من بينها غياب المشروعية الديمقراطية، وسيطرة المشروعية التاريخية، وهو ما جعل العائلات أكثر بروزا داخل حزب الاستقلال»، يوضح ضريف قبل أن يضيف: «هذه الهيمنة تنطبق لحد ما كذلك على حزب الاتحاد الاشتراكي، رغم عدم وجود صراع للسيطرة على الحزب بناء على هيمنة عائلة المؤسس، وهو ما جعل عائلة بوعبيد أقل بروزا داخل الاتحاد». على خلاف جماعة العدل والإحسان التي لم يتحدث أي أحد، سواء من داخلها أو خارجها، عن وجود منافسة شديدة على منصب القيادة، أو نشوب أي صراع بين صفوف المتنافسين على منصب الزعيم، باستثناء التساؤلات الكثيرة التي تناسلت بسبب غياب نادية ياسين عن أشغال الجماعة، آلت الأوضاع داخل حزب الاتحاد الاشتراكي إلى حالة مثيرة للاهتمام لحظة الإعلان عن فوز ادريس لشكر بمنصب الكاتب الأول لحزب الوردة. فعكس حزب الاستقلال الذي قبل أعضاؤه نتيجة الاقتراع الداخلي، وبعد مرور بضع ساعات فقط عن لحظة الإعلان عن نتائج التصويت داخل الحزب، انبرى علي بوعبيد، للتعبير عن رفضه المطلق لاختيار لشكر. كما قدم علي بوعبيد، القيادي بالحزب الذي أسسه والده رفقة المهدي بنبركة، استقالته من الحزب، كأحد أشكال التنديد بوصول لشكر لقيادة الحزب. وبغض النظر عن الدوافع التي جعلت بوعبيد يستقيل من الحزب الذي كانت لجهود والده الفضل في تأسيسه، يبقى ما تحقق على أرض الواقع حتى الآن أحد المؤشرات القوية على أن انتقال المناصب لم يعد حكرا على معايير الأبوة والنسب. وقبل الإعلان عن نتائج المؤتمر التاسع للحزب، كان علي بوعبيد، بصفته عضوا بالمكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد صرح بأنه لا يتوقع الشيء الكثير من مؤتمر الحزب، في إشارة لخيبة أمله من حال «الاتحاد الاشتراكي (الذي) سيستمر في خدمة المصالح الشخصية»، كما جاء على لسان بوعبيد. كما أن مقاطعة أشغال الحزب، أو التلويح بالاستقالة، أو تقديمها كما حصل مؤخرا، ليست بالأمر المستجد بالنسبة لنجل عبد الرحيم بوعبيد، فقد سبق له سنة 2010 أن علق مشاركته في اجتماعات المكتب السياسي لحزب الوردة رفقة محمد الأشعري والعربي عجول بعد حصول إدريس لشكر على منصب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان في حكومة عباس الفاسي وتولي عبد الواحد الراضي رئاسة مجلس النواب خلال نفس السنة. لكن، علي بوعبيد سينخرط من جديد في العمل والتنسيق مع قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي، وسيظهر من جديد بين صفوف قياديي الحزب لحظة عرض مشروع الدستور الجديد للمملكة أمام الأحزاب لأجل الاستماع لاقتراحاتها بخصوص تعديل الدستور سنة 2011. وإذا صحت مقولة «من شابه أباه فما ظلم» بالنسبة لآل بوعبيد داخل الاتحاد الاشتراكي، فسنكون هذه المرة أمام قطيعة حقيقية داخل الاتحاد الاشتراكي من لدن نجل عبد الرحيم بوعبيد، وبالتالي النزول من قطار الاتحاد الوطني للقوات الشعبية الذي أسسه والده رفقة المهدي بنبركة، والده الذي لم يتردد يوما في الاستغناء عن المناصب والمسؤوليات متى ظهر له بأن ذلك لا يخدم مصلحة الاتحاد. وعلى نفس تلك الشاكلة، طبع علي بوعبيد مشواره داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وأصبح معروفا داخل أوساط الحزب بقوة شخصيته وعدم تزحزحه أو تخليه عن القيم التي يؤمن بها. كما أن اسم علي بوعبيد تردد بقوة في مرحلة الاستعداد للإعلان عن المرشحين لقيادة الحزب، حين تحدثت بعض الأوساط عن الرغبة في طرح اسمه كمرشح لمنصب الكاتب الأول سعيا لتشبيب الحزب، وإيصال صوت شبيبة الحزب المتذمرة من قرارات الحزب التي تتخذ بدون استشارتها. لكن، تلك الرغبة لم تلاق الدعم الكافي رغم أن البعض لوح بإمكانية استغناء فتح الله ولعلو عن الترشح لمنصب القيادة من خلال الوساطة التي سعى لإقامتها بعض قياديي الحزب لإقناعه بالتخلي عن ذلك، ودعم ترشيح علي بوعبيد. لكن أمرا من ذلك لم يحدث، لتنطلق المنافسة على المنصب بين صقور الحزب عكس رغبة تيارات صامتة داخل الحزب، تتكون أساسا من بعض العائلات الرباطية. كما أن موقع إدريس لشكر داخل الاتحاد الاشتراكي، الذي يحظى بدعم الكثير من مناضلي الحزب بمختلف مناطق المغرب، وقدرته التنظيمية الكبيرة أهلته ليتمكن من الظفر بمنصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، بعد وصوله إلى الدور الثاني من الانتخابات الداخلية للحزب رفقة أحمد الزايدي، الذي انهزم في الدور النهائي، وخرج بعد مرور بضعة أيام على تاريخ الإعلان عن النتائج للتعبير عن كون عملية الاقتراع شابتها بعض الخروقات. وبغض النظر عن الطريقة التي استطاع من خلالها إدريس لشكر خطف منصب الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، فقد أدى فوز هذا الأخير إلى خروج ابن الراحل عبد الرحيم بوعبيد من حزب الوردة، وسد الباب بشكل نهائي أمام ما وصفه بعض الاتحاديين ب «التوريث السياسي» داخل الحزب. محمد ضريف اعتبر استقالة علي بوعبيد من حزب الاتحاد بمثابة «تتويج لخلاف ولمواقف كان يعبر عنها بوعبيد وكانت منتقدة لتوجه الحزب»، ونهاية لمشواره داخل حزب الوردة رغم أنه لم يعبر عن رغبته في خلافة أبيه.
ربما عبد الحميد شباط نفسه لم يكن يوما يحلم بأنه سيتمكن من دفع آل الفاسي داخل حزب الاستقلال إلى التنحي عن أهم منصب داخل حزب الاستقلال. فبعد انتخابه أمينا عاما لحزب الميزان، اعتبر شباط أن ما حصل حدث تاريخي، على اعتبار أنه استطاع دفع الحزب لأول مرة في تاريخه إلى اللجوء إلى الانتخاب الداخلي لاختيار الشخص الذي سيتولى منصب الأمانة العامة. فعلى امتداد جميع مؤتمرات الحزب السابقة، كان يحسم مسبقا في اسم الأمين العام، وأحيانا كان اسم الشخص الذي سيتولى قيادة الحزب معروفا بسنوات قبل حلول موعد المؤتمر العادي لاختيار الأمين العام. علاوة على ذلك، استطاع شباط التفوق على عبد الواحد الفاسي، نجل الراحل علال الفاسي، ليضع بذلك حدا لسيطرة آل الفاسي على أعلى المناصب داخل حزب الميزان. وقبل إقدام شباط على تقديم ترشيحه لمنصب الأمانة العامة، كان التوافق الذي تم التوصل إليه يقضي بوضع منصب الأمين العام في يد عبد الواحد الفاسي. لكن، شباط اختار بعثرة كل الأوراق أسبوعا واحدا فقط قبل انعقاد المؤتمر السابع عشر للحزب، الذي كان سيتم خلاله الإعلان عن تنصيب عبد الواحد الفاسي، ليدفع بذلك المكتب السياسي للحزب إلى تأجيل ذلك المؤتمر لإفساح المجال أمام كلا المرشحين للتنافس على المنصب وتهييء ظروف إجراء الانتخابات الداخلية. حينها قال شباط بصريح العبارة بأن هدفه هو سحب البساط من تحت أقدام عائلة الفاسي داخل حزب الاستقلال، وإعادة الحزب إلى الشعب المغربي، لأنه حزب أسسه القادة التاريخيون، من أمثال علال الفاسي وأحمد بلافريج، لفائدة كل شرائح الشعب المغربي. كما عبر عن رفضه المطلق لمآل الحزب في السنوات الأخيرة حين أضحى تحت السيطرة الكاملة لعائلة الفاسي، واقترب من التحول إلى حزب عائلة. كلام شباط هذا وجد ما يؤكده على أرض الواقع، فعلى امتداد ال68 سنة من عمر الحزب، تناوب على منصب الأمانة العامة لحزب الاستقلال ثلاثة زعماء فقط، حيث ترأس علال الفاسي الحزب منذ تأسيسه حتى وفاته سنة 1972، ليخلفه محمد بوستة حتى سنة 1998، لتعود بعدها قيادة الحزب إلى عباس الفاسي الذي احتكر منصب الأمانة العامة لثلاث ولايات متتالية. وقبل رحيل عباس الفاسي عن منصب الأمانة العامة، كانت الاستعدادات على أشدها لأجل وضع المنصب في يد الدكتور عبد الواحد الفاسي، نجل الراحل علال الفاسي، وذلك رغم الانتقادات الكثيرة التي وجهت للحزب، التي كانت تتهمه بأنه حزب نخبوي يمثل مصالح العائلات الأرستقراطية بالمغرب. لكن إعلان شباط نيته الترشح لمنصب الأمين العام سيدخله في منافسة شرسة مع أفراد عائلة الفاسي داخل الحزب. شباط استطاع بدهائه السياسي منذ بداية الحملة الانتخابية لاستقطاب أصوات أعضاء الحزب شن هجوم غير مسبوق على عائلة الفاسي، حيث وصف عبد الواحد الفاسي ب«الاستئصالي» و«الشخص الذي فقد البوصلة ولم يعد يدري إلى أين يسير»، وب«الفاشل «و«صاحب التجربة البئيسة في الحكومة والضعيفة على مستوى الحزب». كما لم يستثن من هجومه اللاذع عائلة الفاسي بأكملها، حين قال تزامنا مع إطلاق حملته بأن عائلة الفاسي ليس لها أي فضل على الحزب. «نحن من بنى الحزب ودافع عنه. كانوا ينعتوننا من قبل ب«بقر علال»، لكن أقول لهم الآن أصبحنا وليدات علال وأولاد الشعب داخل الحزب الذي كان محصورا على العائلة. ليس من حق عبد الواحد اليوم أن يعتبرننا «بقر علال». شباط ورفاقه يدافعون عن فكر علال بصورة أكبر من دفاع العائلة نفسها عنه»، كما جاء على لسان الأمين العام الحالي لحزب الاستقلال لحظة انطلاق حملته الانتخابية. وبعد شروعهما في شق غمار المنافسة على منصب الأمين العام، دخل كل من شباط وعبد الواحد الفاسي في مسلسل من تبادل الاتهامات، واستعمال العبارات القاسية، وهو ما خلق الانطباع بأن مصير حزب الاستقلال قد يؤول إلى انشقاق أحد التيارين عن الحزب. وخلال عملية التصويت التي شارك فيها القادة التاريخيون للحزب، إضافة إلى أعضاء اللجنة التنفيذية، ووزراء الحزب في حكومة عبد الإله بنكيران، كانت التوقعات منذ البداية تشير إلى أن المنافسة ستكون على أشدها بين النقابي شباط والدكتور الفاسي، وبعد فرز الأصوات تم الإعلان عن حصول شباط على 478 صوتا، فيما حصل منافسه الفاسي على 458 من الأصوات، لتصبح بذلك زعامة الحزب في يد شباط. وبعد هزيمة آل الفاسي داخل الحزب، والإعلان الرسمي عن النتيجة قبل عبد الواحد الفاسي بنتيجة الاقتراع وهنأ شباط على فوزه، وهو ما بدد المخاوف من حدوث انقسام داخل الحزب، ووضع حدا لسيطرة عائلة الفاسي على حزب الميزان.
بعد رحيل الشيخ عبد السلام ياسين، كان من الطبيعي الشروع في طرح اسم الشخص الذي سيتولى قيادة سفينة جماعة العدل والإحسان. وكان من الطبيعي كذلك التطرق إلى قضية الخلافة، ووارث سر عرش عبد السلام ياسين، وإمكانية تسيير أمور الجماعة من قبل ابنة الشيخ أو صهره عبد الله الشيباني. اسم نادية ياسين طرح كأحد الوجوه البارزة داخل الجماعة، لتنطلق بعد ذلك التكهنات التي كانت تتطرق بالسؤال لإمكانية تزعم كريمة الشيخ عبد السلام ياسين للجماعة التي أسسها والدها الراحل، الذي اختار في الماضي التخلي عن الانتماء للزاوية البودشيشية بعد رحيل شيخها العباس، وانتقال مشيخة الطريقة إلى ابنه حمزة. لكن، يبدو أن أمور جماعة العدل والإحسان تمضي بطريقة لا تخضع لمعايير الأبوة والنسب وتوريث الزعامة للأبناء، حيث كان الناطق الرسمي باسم الجماعة، فتح الله أرسلان واضحا في هذا الصدد، حين شدد على كون مسألة الخلافة أمرا محسوما فيه، ولا يمكن بأي حال أن تؤول لأحد أفراد أسرة الشيخ دون إعمال آلية الانتخاب. وهو الأمر نفسه الذي ذهب إليه محمد ضريف في اتصال مع «المساء»، حيث قال: «العارفون بأمور الجماعة من الداخل يدركون بأنه من غير الممكن تولي كريمة الشيخ لمنصب القيادة. من جهة أخرى نادية ياسين لم تكن عضوا داخل مجلس الإرشاد. وفوق ذلك كله، هناك هيئات موجودة وقواعد تضبط اللعبة». وهذا ما أكده كذلك أرسلان، الذي يعد من أشرس معارضي نادية ياسين داخل صفوف الجماعة، حين أشار قبل انعقاد المؤتمر الصحفي الذي تم خلاله الإعلان عن اسم الأمين العام للجماعة، إلى أن خلافة عبد السلام ياسين أو المرشد العام تخضع للانتخاب. وفي خضم الندوة الصحفية التي عقدت يوم 24 دجنبر 2012، والتي توجت بالإعلان عن محمد عبادي أمينا عاما لجماعة العدل والإحسان، كان غياب نادية ياسين وزوجها عن الندوة أمرا مثيرا للفضول، على اعتبار أن ابنة الشيخ وصهره من قيادات الجماعة، وكذلك لكون اختيار المسؤول عن الجماعة أحد الأمور المهمة بالنسبة لمستقبل الجماعة، وبالتالي تستوجب حضور جميع أطر وقياديي التنظيم. كما أن مسألة خلافة منصب المرشد العام لجماعة العدل والإحسان أثيرت في وقت سابق لوفاة عبد السلام ياسين، في رسالة كتبها صهره عبد الله الشيباني ورأى فيها البعض على أنها خطوة من هذا الأخير للاستفراد بهذا المنصب، رغم أن رسالته تذهب عكس ذلك. لكن ذلك لا يمنع من التساؤل حول الدور الذي يمكن أن يكون قد لعبه فتح الله أرسلان في إبعاد نادية ياسين عن آليات اتخاذ القرار داخل الجهاز المركزي للجماعة، بسبب خلافات بينهما، واستغلاله فرصة انشغالها برحيل والدها لإبعادها كليا. ورغم أن ضريف يرى أنه تم تضخيم مسألة غياب نادية ياسين عن ندوة الجماعة، فالخلاف بين الناطق الرسمي باسم جماعة العدل والإحسان، ونادية ياسين ليس وليد لحظة اختيار زعيم الجماعة، بل يعود لفترة قيادة كريمة الشيخ ياسين لما يعرف داخل الجماعة بتنظيم «الأخوات الزائرات» الذي اضطرت للاستقالة منه بمعية عدد من القياديات أواخر شهر غشت 2012. ورغم أنه لم ترشح الكثير من المعلومات حول الأسباب التي دفعت نادية ياسين لتقديم استقالتها من منصبها الذي يوصف بالقطاع النسائي داخل الجماعة، إلا أن بعض المتتبعين تحدثوا عن الخلاف بينها وبين أرسلان، الذي كان يبدي دائما تحفظه من الخرجات الإعلامية لنادية ياسين. فضلا عن ذلك، تحدث البعض عن تضايق أرسلان من تولي نادية ياسين مسؤولية «الأخوات الزائرات». وفي أول خروج إعلامي لها بعد رحيل والدها، اختارت نادية ياسين نشر رثاء لوالدها على موقع الانترنت التابع للجماعة أواخر شهر دجنبر، مرفوقا بصورة لهما وهي تمسك بيده بينما يجلس الشيخ فوق كرسي بحديقة منزله على ما يبدو. إلا أن نادية ياسين لم تدل برأيها بخصوص السر الذي يكمن وراء عدم حضورها للأنشطة الرسمية للجماعة، وبشكل خاص أثناء عملية نقل الزعامة ووضعها في يد محمد العبادي. هذا الغياب عن تعيين الأمين العام الجديد للجماعة أثار الكثير من الشكوك، خصوصا وأن نادية ياسين تعتبر أحد الوجوه الإعلامية البارزة في جماعة العدل والإحسان. كما أنها كانت لا تتوانى عن التعبير عن مواقفها صراحة وبدون أدنى تردد، بما في ذلك المطالبة المباشرة بإقرار الملكية البرلمانية. هذا الحضور القوي على الواجهة الإعلامية للعدل والإحسان هو ما كان يثير امتعاض فتح الله أرسلان بشدة، الذي كانت تنافسه نادية ياسين في مناسبات عدة في نقل تصريحات عن أبيها، دون ترك ذلك الأمر يمر عبر الوسائط المعتمدة داخل الجماعة. فهل هي بداية أفول نجم العائلة والنسب داخل صفوف العدل والإحسان، وانتقال الزعامات إلى يد الأفراد بناءا على الكفاءة، بدل الانحصار في يد أبناء وعائلة الشيخ؟ وهل أصبحت نادية مستبعدة نهائيا من مراكز القرار داخل الجماعة؟ «لا، لا يمكن الجزم بهذا الأمر. فهي إن كانت لا تظهر في الواجهة، فذلك لا يعني أنها مغيبة عن مراكز القرار. هناك العديد من الأسماء داخل الجماعة التي ليست في الواجهة»، يوضح ضريف.