رائحة شبهة ظلت تنبعث من كلمات «قاض» و»مفوض قضائي» و«رئيس محكمة» طيلة هذا التحقيق. المفوضون القضائيون هم أكثر من يوجدون داخل قفص الاتهام كلما تعلق الأمر بحديث عن تلاعب في مزاد علني لبيع منقول تحديدا. لتوضيح الأمر التقينا عبد العزيز فوكني، الرئيس السابق للهيئة الوطنية للمفوضين القضائيين، والذي يرأس حاليا المجلس الجهوي للمفوضين القضائيين بالدار البيضاء التي تتصدر قائمة المدن التي تشهد مزدادات علنية بشكل يومي تقريبا. رئيس المفوضين نآ بزملائه في المهنة عن تهمة التورط مع سمسارة في التلاعب بنتائج مزادات علنية، بل اعتبر أنه وباقي المفوضين ضحية ما وصفها بالمشاكل القانونية التي تعتري تطبيق مسطرة المزادات العلنية. أول هذه المشاكل، حسبه، هي إجراء البيع بعين المكان، والذي يفرض تنظيم المزاد العلني لبيع محجوزات في المكان الموجودة فيه، كأن تُباع الأجهزة الالكترونية التي اشترتها أسرة عن طريق السلف بمنزل هذه الأسرة ذاتها. فوكني اعتبر أن هذه المسطرة، التي يصطلح عليها المغاربة «الشوهة»، خاطئة ولا ينص عليها القانون، كما تضرب مبادئ حقوق الإنسان وكرامته. الحل، حسب فوكني، هو خلف قاعات للبيوعات. كبير المفوضين القضائيين استغرق، في حديثه إلى «المساء»، في توضيح حيثيات قانونية تعيق عمل المفوضين القضائيين والسير العادي لمزادات علنية لبيع المنقولات أساسا. من بين هذه الحيثيات لجوء المفوضين إلى تسديد نسبة 10 في المائة عن كل بيع، والواجب وضعها بالخزينة العامة، بالمحكمة عوض الخزينة نظرا لأنه لا يوجد حساب لها بالخزينة. من بين التفاصيل القانونية يعترف فوكني بتحمل المفوضين أنفسهم لأخطاء مرتبطة بالمزادات العلنية. من بين هذه الأخطاء ما أسماه المنافسة غير الشريفة بين المفوضين خاصة في مجالات ضبط مزادات بيع السيارات التي تحجز عليها شركات التمويل. «المنافسة غير الشريفة بين المفوضين تتجلى في اختلاف الأجور التي يتقاضونها نظير إشرافهم على عمليات بيع السيارات بالمزاد، وهذا أمر لا حول ولا قوة لنا لمحاربته لأنه ليست لدينا، كمجلس، سلطة التأديب»، يشرح فوكني. لكن ماذا عن شبهات أفظع من المنافسة الشريفة يقع فيها مفوضون قضائيون يشرفون على مزادات «السيزي»؟ ألا يتم ضبط عمليات تلاعب في محاضر مزدادات كما أسلفنا بيانه؟، رئيس مجلس المفوضين يعتبر أن عمليات التلاعب هاته هي تحريف وتزوير من الصعب إثباته، ويمكن أن يكون مدعى اتهام مفوض بالتزوير هو محض تآمر أو شكاية كيدية. جدار اسمه صعوبة الضبط ينتصب من جديد. الثغرات القانونية تتسع أكثر كلما استغرقنا في البحث عنها بين السطور المحددة لمساطر البيع بالمزاد العلني. سؤال على سبيل المثال: إذا كانت الوسيلة الرئيسية للإعلان عن عرض محجوزات للبيع بالمزاد العلني ودعوة العموم للمشاركة فيها لقطع الطريق على سماسرة «السيزي»، هي وسائل الإعلام والجرائد فما العمل في بواد ومداشر تشهد تنظيم مزدادات علنية ولا تصلها الجرائد؟، فوكني يقترح العودة إلى نظام «البراح». وإلى حين ذلك يبقى الباب مشرعا أمام مافيات تغتني من غموض أكثر الأسواق رواجا في .. أسواق «السيزي».