باشرت إدارة إحدى مؤسسات السلف الكبرى في المغرب، بداية من زوال يوم الجمعة الماضي، بالدار البيضاء، تحقيقا داخليا إثر شكاية توصلت بها تفيد بوقوع تلاعبات في المزادات العلنية التي تنظمها هذه المؤسسة من أجل بيع سيارات طبقت فيها مسطرة الحجز. وحسب مصدر من داخل هذه المؤسسة المالية، فإن التحقيق الأولي كشف استفادة عدد لا يتجاوز خمسة أشخاص من غالبية المزادات العلنية التي من المفترض أن يتم تنظيمها وفق ضوابط قانونية محددة، كما أظهر التحقيق أن استفادة أشخاص قليلين من المزادات العلنية يرجع إلى تنسيقهم مع مفوضين قضائيين وموظفين مكلفين ببيع السيارات بالمزاد العلني داخل هذه الشركات. وأفاد المصدر ذاته بأن إدارة المؤسسة المذكورة اكتشفت ما يشبه وجود شبكة تضم مفوضا قضائيا بالدار البيضاء، يُعهد إليه بضمان احترام المسطرة القانونية المتبعة في المزادات العلنية وإعداد محاضر الإرساء بالمزاد العلني، فضلا عن موظفين في مؤسسة السلف، يتقاضون عمولات مقابل تسهيل عمليات تفويت سيارات محجوزة إلى الأشخاص المستفيدين، ويكون هؤلاء الموظفون غالبا سماسرة للسيارات والعقارات، ومن ثم يتخصصون في شراء وبيع سيارات وعقارات طبقت عليها مسطرة الحجز نظرا إلى انخفاض ثمنها. وأكد المصدر ذاته أن ما فجر هذا الملف هو شكاية وُضعت لدى الإدارة، الأسبوع الماضي، تتوفر «المساء» على نسخة منها، تشير إلى أن شخصا رسا عليه مزاد علني لبيع سيارة معرضة لحادثة سير -بعد إعلام بواسطة المنادي ثلاث مرات وعدم تقدم أي شخص آخر من المتزايدين لرفع الثمن المقدم من طرفه- قام بوضع شيك لدى المفوض القضائي المكلف بالتنفيذ، وعندما عاد إلى المفوض لتسلم محضر الإرساء، لإتمام الإجراءات القانونية، قال له المفوض إن العرض الذي رسا عليه لم يتم قبوله بدعوى عدم كفاية العرض. وأشار المصدر ذاته إلى أن هذا الشخص تلقى اتصالا هاتفيا من متزايد شارك معه في المزاد قال له إنه هو الذي حصل على السيارة رغم أن المزاد لم يرس عليه، وذلك بفضل علاقاته ب«ناس في الرباط»، على حد قوله، كما سبق لهذا الأخير أن طلب من الشخص الذي رسا عليه المزاد أن يترك له السيارة على أن يسلمه مبلغا ماليا مقابل تخليه عنها، لكن المشتكي رفض ذلك. وعندما توجه عند موظفة مكلفة بالبيع بالمزاد العلني لإعطائه توضيحا، رفضت تقديم أي تفسير أو اتخاذ أي إجراء. إثر ذلك، يضيف المصدر ذاته، قامت إدارة الشركة بجرد أولي للمستفيدين من المزادات التي تنظمها، فتبين لها أن ثلاثة أشخاص ترسو عليهم المزادات غالبا، بينهم مفوض قضائي، رغم تنظيم مزادات علنية ورسو البيع على شخص آخر، وهو ما يضيع على الشركة أموالا كثيرة، علما بأن هؤلاء الأشخاص الذين يستفيدون من تفويتات «غامضة» للسيارات يعملون سماسرة سيارات، ولا يسددون ثمن السيارة إلا بعد بيعها، بفضل تسهيلات من بعض موظفي الشركة. ومن المنتظر أن تشمل التحقيقات شركات سلف أخرى تجري بها نفس الممارسات، على اعتبار أن الأشخاص الذين يستفيدون من المزادات التي تنظمها الشركة التي انطلق بها التحقيق، هم أنفسهم الذين يستفيدون من المزادات التي تنظمها شركات سلف أخرى من أجل بيع سيارات أو عقارات محجوزة، كما تكون لمكلفين بتنظيم المزادات العلنية في المحاكم يد في هذه العمليات.