الملك يصدر عفوا على 1533 شخصا بمناسبة عيد الفطر    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الفطر بمسجد أهل فاس بالمشور السعيد بالرباط    صفقة ب367 مليون درهم لتنفيذ مشاريع تهيئة وتحويل ميناء الناظور غرب المتوسط إلى قطب صناعي ولوجستي    وزارة التعمير تفتح باب الترشيح لمنصب مدير الوكالة الحضرية للناظور    ليلة العيد.. 6 حالات اختناق بسبب سخان الماء في طنجة    طنجة.. شاب ينجو من الموت بعد سقوطه من الطابق الثالث ليلة العيد    العفو الملكي في عيد الفطر يشمل المعتقل الإسلامي عبد القادر بلعيرج    مطالب لربط المسؤولية بالمحاسبة بعد أزيد من 3 سنوات على تعثر تنفيذ اتفاقية تطوير سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافيلالت    ادريس الازمي يكتب: العلمي غَالطَ الرأي العام.. 13 مليار درهم رقم رسمي قدمته الحكومة هدية لمستوردي الأبقار والأغنام    ترامب لا يمزح بشأن الترشح لولاية رئاسية ثالثة.. وأسوأ السينايوهات تبقيه في السلطة حتى 2037    ساكنة الناظور تحيي يوم الأرض بوقفة تضامنية مع فلسطين    حماس: قتل الأطفال في خيام النزوح يوم العيد يكشف الفاشية الصهيونية وتجردها من الإنسانية    المغرب يبدأ "كان U17" بخماسية    آسفي تبلغ ثمن نهائي كأس العرش    فريق إحجاين بطلاً للدوري الرمضاني لكرة القدم المنظم من طرف جمعية أفراس بجماعة تفرسيت    يهود المغرب يهنئون بحلول عيد الفطر    عفو ملكي عن عبد القادر بلعيرج بمناسبة عيد الفطر 1446 ه.. من هو؟    خادم الحرمين يهنئ الملك بالعيد    نقابة تدين تعرض أستاذة للاعتداء    المرجو استعمال السمّاعات    توقيف مروجي مخدرات في خريبكة    هذه توقعات الأرصاد لطقس أول أيام عيد الفطر بالمملكة    ما لم تقله "ألف ليلة وليلة"    إشباع الحاجة الجمالية للإنسان؟    لماذا نقرأ بينما يُمكِننا المشاهدة؟    طواسينُ الخير    كأس إفريقيا.. المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يطيح بأوغندا بخماسية نظيفة    برقية تهنئة إلى جلالة الملك من خادم الحرمين الشريفين بمناسبة عيد الفطر المبارك    كأس إفريقيا U17 .. المغرب يقسو على أوغندا بخماسية نظيفة    "كان" الفتيان.. المنتخب المغربي يمطر شباك أوغندا بخماسية في أولى مبارياته    حظر مؤقت لصيد الحبار جنوب سيدي الغازي خلال فترة الراحة البيولوجية الربيعية    يوم عيد الفطر هو يوم غد الاثنين    المعهد العالي للفن المسرحي يطلق مجلة "رؤى مسارح"    الملك محمد السادس يصدر عفو العيد    الاتحاد الإسلامي الوجدي يلاقي الرجاء    المغرب يعزز استثمارات الذكاء الاصطناعي لضمان التفوق الرقمي في القارة    أسعار العقارات في الرياض ترتفع 50% خلال ثلاث سنوات    كأس العرش: فرق قسم الصفوة تعبر إلى ثمن النهائي دون معاناة تذكر    زلزال بقوة 7,1 درجات قبالة جزر تونغا    الموت يفجع الكوميدي الزبير هلال بوفاة عمّه    دراسة تؤكد أن النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    نتنياهو يطالب حماس بتسليم السلاح    نتنياهو يتحدى مذكرة اعتقاله ويزور المجر في أبريل    منظمة الصحة العالمية تواجه عجزا ماليا في 2025 جراء وقف المساعدات الأمريكية    بنعبد الله: الأرقام الحكومية تؤكد أن 277 مستوردا للأبقار والأغنام استفادوا من 13,3 مليار درهم (تدوينة)    دوافع ودلالات صفعة قائد تمارة    أوراق من برلين .. الحياة اليومية للسجناء في ألمانيا تحت المجهر    30 مارس ذكرى يوم الأرض من أجل أصحاب الأرض    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    نقاش "النقد والعين" في طريقة إخراج زكاة الفطر يتجدد بالمغرب    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    على قلق كأن الريح تحتي!    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار مع السلفية الجهادية... ضرورات الأمن وإكراهات المرحلة
نشر في المساء يوم 14 - 12 - 2008

هل بدأت الدولة تستشعر مخاطر استمرار معتقلي السلفية الجهادية في السجون؟ هل باتت الجهات الأمنية تدرك بأن هناك تيارا حقيقيا ذا توجه سياسي بدأ يتشكل في المعتقلات وتريد استباق الوضع؟ وهل أدركت الجهات المسؤولة في المغرب أن فكرة الحوار مع هؤلاء المعتقلين أصبحت ناضجة اليوم؟ ما هي خلفيات تسريب أخبار مجزوءة وغير كاملة عن حوار بين الأجهزة الأمنية والقضائية وبين معتقلي السلفية الجهادية؟ وإذا كان ذلك صحيحا، لماذا تأخرت المبادرة إلى هذا الوقت؟ وما هو موقف المعتقلين، وعلى رأسهم من يسمون بالمشايخ؟ لماذا سكتوا عن مطلب إعادة محاكمتهم اليوم؟ هل أصبحوا مستعدين للحوار بالفعل؟ وهل سيكون الحوار حوارا حقيقيا بين طرفين، أم إملاءات وشروطا؟ ما مصير هؤلاء المعتقلين بعد مغادرتهم للسجن؟ ما هي خطة الدولة لإعادة إدماجهم في السيرورة السياسية الراهنة التي تعيد تركيب الهوية الدينية للدولة والمجتمع باسم إصلاح الحقل الديني؟
أسئلة متعددة تقابلنا ونحن نفتح ملف الحوار مع تيار السلفية الجهادية في السجن، بعد أزيد من خمس سنوات من الاعتقال، إذا أدخلنا في الاعتبار الحالات التي تم اعتقالها قبل تفجيرات الدار البيضاء الدموية عام 2003، وبينها عبد الوهاب محمد رفيق المعروف بأبي حفص، وذلك لأن الملف يبدو متشابكا وتشترك فيه عناصر عدة، منها ما هو أمني وما هو قضائي، ما هو وطني وما هو دولي، ما هو فقهي وما هو سياسي.
قبل ثلاثة أسابيع أثير موضوع الحوار مع بعض شيوخ السلفية الجهادية في السجون، إذ نشرت معلومات في بعض الصحف تفيد بانطلاق الحوار بين هؤلاء وبين مسؤولين في مديرية السجون وإعادة الإدماج ومسؤولين في جهاز القضاء. لكن المعلومات التي تقاطرت على الصحف كانت شحيحة، بل بدا أن الملف في حال وجود حوار بالفعل يوجد بأيدي مسؤولين أمنيين عالي المستوى، إلى حد أن وزير العدل، عبد الواحد الراضي، نفى، في تصريحات ل«المساء»، علمه بوجود حوار. هذا على المستوى الرسمي، أما على مستوى معتقلي السلفية الجهادية، فقد كان هناك تضارب حول هذا الموضوع، إذ نفى بعض المعتقلين حصول حوار، بينما أكد البعض الآخر حصوله مع بعض الشيوخ، خاصة محمد الفيزازي ومحمد الحدوشي، وأجمع الكل، ممن اتصلنا بهم، على عدم علمهم بفحوى الحوار أو اللقاءات، إذ أكد هؤلاء حصول لقاءات، لكن الكثير منهم لم يذهب إلى حد وصف تلك اللقاءات بالحوار.
غير أن تسريب تلك المعلومات ربما كان يفيد بحصول تحول في تعاطي الدولة مع ملف السلفية، قد تكشف الشهور المقبلة عن معالمه، كما أكد أكثر من مصدر. ويرى عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، التي تأسست بعد موجة الاعتقالات في صفوف السلفيين، أن الحوار أصبح حقيقة واقعة، بالرغم من أن تفاصيله لم تتضح بعد، ويربط بين بروز الحديث عن الحوار وبين فوز الديمقراطي باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية الأمريكية وبالنسبة إليه، فإن رحيل جورج بوش عن البيت الأبيض يعني أن الملفات التي كان يحملها سوف ترحل معه، وعلى رأسها ملف محاربة الإرهاب الذي كان المغرب منخرطا في الرؤية الأمريكية تجاهه.
وبينما يقول البعض إن مسلسل الحوار قد انطلق، وإن بشكل سري ومتكتم، يرى آخرون، ومنهم سجناء سلفيون، أن أي حديث عن حوار هو مجرد بالون اختبار، وأن ما يجري حاليا ليس سوى استكشاف أمني، الغاية منه التعرف على طبيعة الخريطة السلفية في السجون، لتحديد الرؤية التي سيجري اعتمادها مستقبلا في حال رغبة الدولة في خلق جسر للحوار مع هؤلاء، خاصة وأن ما يعرف تحت مسمى «السلفية الجهادية» يجمع خليطا هجينا من التوجهات والمواقف، أو «فسيفساء مختلطة» كما وصفها بذلك حسن الخطاب، زعيم جماعة أنصار المهدي، في سلسلة الحوارات التي نشرناها معه في»المساء» قبل نحو عام، والذي يرى أيضا، في الحوار نفسه، أن عبارة السلفية الجهادية مفصلة بحيث يمكن أن تشمل شتاتا واسعا من الأطياف والنزعات، حتى المتضاربة أحيانا.
مثل هذا الخليط قد يعقد من مهمة الدولة في أي حوار مع السلفيين الجهاديين، خاصة عندما يصل الأمر إلى «الحوار العلمي» الذي يمكن أن يتم فيه إشراك علماء وفقهاء من المؤسسة الدينية الرسمية. ثم هناك قضية ثانية من شأنها أن تعقد هذا الحوار، وهي أن العديد من المعتقلين ضمن هذا التيار لا يقرون بزعامة من يسمون بالمشايخ الخمسة، وهم محمد الفيزازي وحسن الكتاني وأبو حفص وعبد الكريم الشاذلي ومحمد الحدوشي؛ أما النقطة الثالثة، وهي مرتبطة بهذه، فهي أن هؤلاء الشيوخ أنفسهم يتبرؤون من المعتقلين ويعتبرون أنهم ليسوا قادة لهم، ولا يعبرون إلا عن أنفسهم. وهاتان النقطتان قد تؤثران في الدور الذي تريد الدولة أن يقوم به الشيوخ تجاه المعتقلين، أو في «الضمانات» التي جرى الحديث عنها، والتي قيل إن الأجهزة الأمنية تريد الحصول عليها من هؤلاء الشيوخ قبل الإفراج عنهم. أما النقطة الرابعة فهي وجود اختلافات بين مختلف الأجهزة الأمنية الثلاثة في طريقة التعامل مع هذا الملف، وهي جهاز المخابرات المدنية (ديستي)، ولادجيد، جهاز المخابرات الخارجية، والاستعلامات العامة، إذ لكل جهاز من هذه الأجهزة تصوره الخاص. وحسب مصدر رفض الإدلاء باسمه، لا يمكن الدخول في أي حوار «رسمي ومسؤول» دون الاتفاق بين هذه الأجهزة الأمنية الثلاثة، كما أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يحصل بدون ضوء أخضر من أعلى، لكي يصل الملف في النهاية إلى يد الملك.
ويذكر أن الملك محمد السادس صرح في يناير 2005، في حوار مع يومية «إيل باييس» الإسبانية، وبشكل فاجأ الجميع وقتها، بحصول تجاوزات في طريقة تدبير ملف الاعتقالات التي أعقبت تفجيرات الدار البيضاء عام 2003. بعد ذلك التصريح -الذي أربك الأجهزة الأمنية نفسها وعلى رأسها جهاز الديستي الذي كان يقوده الجنرال العنيكري، اللاعب الأول في تلك الحملة الأمنية، إضافة إلى جهاز القضاء الذي كان على رأسه آنذاك الاتحادي الراحل محمد بوزوبع- أدخل معتقلو السلفية الجهادية في قائمة المستفيدين من العفو الملكي، حيث استفاد منه أزيد من 300 معتقل على خلفية تلك الأحداث، وقد كان ذلك بمثابة رسالة من الملك أنه قد حصلت بالفعل تجاوزات وأن آلية العفو، التي يملك السلطان وحده آليتها، سوف تقوم بإصلاح الوضع، إلا أن ما حدث بعدها، عندما فجر عبد الفتاح الرايضي نفسه في نادي الأنترنيت عام 2007، بعد مغادرته للسجن إثر عفو ملكي، سوف يوقف العمل بتلك الآلية، ليتم تجميد الوضع إلى اليوم.
هذا العفو الملكي الذي جمد منذ عامين، يرى البعض اليوم أنه بات المدخل الطبيعي لإنهاء ملف السلفية الجهادية، وأنه مهما تم الحديث عن حوار أو غيره، فإن نهاية الرحلة ستقود حتما إلى العفو الملكي. إن العفو الملكي هنا لن يلعب دورا سياسيا فقط لإصلاح أوضاع قد يكون القضاء مسؤولا عنها، ولحل قضية السلفيين، بل سيكون له أيضا دور ديني رمزي، لأن المعتقلين المعتنقين لأفكار السلفية الجهادية سوف يتم الإفراج عنهم بآلية تملكها مؤسسة إمارة المؤمنين التي تمتلك في نفس الوقت الشرعية الدينية في البلاد، وبهذا يتم توجيه رسالة قوية إلى هؤلاء، تفيد بأن إمارة المؤمنين تضم الجميع، وأن التأكيد عليها هو جزء من الحل.
ويقول مصدر مطلع، رفض الكشف عن هويته، إن عشرات الرسائل بدأت تتقاطر على القصر الملكي، لطلب العفو من ذوي المعتقلين، كما أن أسر الشيوخ المعتقلين، وبينهم الشيخان حسن الكتاني وأبو حفص، وجهوا رسائل عدة إلى الديوان الملكي في نفس الموضوع، وإن توجه أسرة الكتانيين إلى القصر، على ما هو معروف تاريخيا بين العلويين والكتانيين، ينتمي إلى تقاليد راسخة في المغرب، تنص على طلب الشفاعة من السلطان من قبل أسرة أو قبيلة معينة، في واحد من أبنائها الذين قد يتجاوزون بعض الحدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.