عن هآرتس أين اختفت إيران؟ وأين التهديد الوجودي الذي كان يشغل الدولة والجيش الإسرائيلي والعالم قبل بضعة أسابيع؟ وقد نُسيت حتى الصورة الرائعة التي عرضها بنيامين نتنياهو في الأممالمتحدة. هل حدث في خلال ذلك شيء لم نعرفه؟ أربما يُدلي أحد برأيه في ما يحدث في سوريا؟ أصبحت روسيا وتركيا تتباحثان في خطة لتنحية الأسد وترى الولاياتالمتحدة في ائتلاف المعارضة الإدارة البديلة، بل إن حزب الله يستشرف أفقه. وفي مصر معركة سياسية ساخنة لن تقرر مكانة الرئيس وسلطاته فقط بل صورة الدولة وعلاقتها بدول المنطقة، ومنها إسرائيل. لا يهم شيء من ذلك إسرائيل التي هي في عطلة انتخابات حتى نهاية نونبر على الأقل، بل إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قد انفجر كفقاعة. وإن الجلبة التي أحدثتها فلسطين حينما حصلت على مكانة دولة مراقبة في الأممالمتحدة انقضت في صوت خافت ضعيف. وهكذا تبخر تهديد وجودي آخر من فوق رؤوسنا. وسؤال: هل ستكون هناك انتفاضة ثالثة أم لا؟ هو في الحاصل «شأن عسكري» يبدو أنه لا صلة بينه وبين قرارات سياسية أو تصور استراتيجي. وتعلمون بأن الجيش الإسرائيلي «مستعد لجميع الاحتمالات»، وسيكون هو أيضا الذي يقرر سياسة إسرائيل في المناطق. فلماذا يتم تضييع الوقت الثمين للقادة في شؤون تقنية كهذه. ليس الاختلاف السياسي الحقيقي في ما إن كان يجب الانسحاب من المناطق أم لا، أو في ما إن كان علينا أن نعرض مبادرة سياسية أم ننتظر إلى أن يختفي محمود عباس. إن السؤال المصيري هو: هل يجب على شيلي يحيموفيتش «أن تبدأ الحديث» عن الشأن السياسي أم تكتفي ب«الأجندة الاقتصادية الاجتماعية»؟ ولم يُطلب إلى نتنياهو إن يفعل شيئا بالطبع، لأن الامتحان السياسي الأعلى هو من يستغل الصراع بحكمة أكبر لإحراز قدر أكبر من الأصوات. وفي هذا الامتحان، تستطيع «الأصوات الفلسطينية» أن تضر فقط بكل مرشح. يصعب ألا يشجعنا أن التهديدين الوجوديين، إيران والدولة الفلسطينية، قد احتاجا في الحاصل إلى معركة انتخابية كي يختفيا عن برنامج العمل وعن الخطاب العام. وهكذا حظينا بثلاثة أشهر من الهدوء ينبغي أن نخصص بعضها على الأقل لفكرة مضايقة واحدة وهي: أليست كل هذه القصة مع إيران والدولة الفلسطينية سوى أداة لعب سياسية إسرائيلية؟ لأنه كيف تغيرت حياة مواطني إسرائيل بعد أن حظيت فلسطين بمكانتها الجديدة؟ وأين هي الدبابات والطائرات الفلسطينية التي يفترض أن تتقدم نحو كفار سابا والعفولة؟ يبدو في هذه الأثناء أن الفلسطينيين خاصة هم الذين يحتاجون إلى الحماية من ذراع إسرائيل الاقتصادية المبسوطة التي تصادر أموال السلطة. إن إيران قصة أخرى، فلها قدرات تقنية مدهشة ونوايا أن تصبح قوة إقليمية بواسطة قدرة ذرية وربما بسلاح ذري أيضا. لكن إذا كانت إسرائيل قادرة على السكون في نوبة حراستها مدة الانتخابات بعد أن منحت باراك أوباما لا أحمدي نجاد مهلة حتى الصيف، فكيف تستطيع أن تُجند من جديد الرأي العام الدولي على إيران؟ ومن سيصدق بعد التهديدات الوجودية حينما تتخلى إسرائيل نفسها لإيران، مرة كي لا تضر بحملة انتخابات أوباما، وأخرى كي تُدبر حملة انتخابات إسرائيلية بريئة من القرارات والتصريحات الاستراتيجية؟ لن تكون الانتخابات القريبة على الهجوم على إيران أو إعادة بناء المسيرة السلمية مع الفلسطينيين. لو أن هذين كانا الموضوعين المهمين لحظيت تلك السيوف المسلولة في الظاهر على عنق إسرائيل بشعار انتخابي واحد على الأقل. والذي يؤمن حقا بهذين التهديدين الوجوديين كان سيجعلهما في مقدمة اهتماماته ويشجع على انتخابه للخلاص منهما. يحسن أن نتذكر هذا الهدوء حينما يُثار بعد شهرين أو ثلاثة الصراع على الميزانية من سباته ويظهر الإيرانيونوالفلسطينيون مرة أخرى باعتبارهم أعداء إسرائيل الخطيرين. وسيختفي التهديد مع زيادة طفيفة على الميزانية وبضعة آلاف أخرى من الوحدات السكنية للمستوطنين. إن إسرائيل لم تكن قط أكثر أمنا.