كان مكوثي في الولاياتالمتحدة أثناء الانتخابات تجربة شعورية لا مثيل لها وقطارا جبليا مؤثرا. انتخب الشعب الأمريكي الرئيس أوباما من جديد، لكن هذا الانتخاب سيؤثر، كما يبدو، في إسرائيل أكثر مما يؤثر في أي أمة أخرى، وذلك بسبب اعتمادنا الكبير على تأييد أمريكا، سياسيا وعسكريا. يجب على حكومتنا الآن أن تحصر عنايتها في بناء استراتيجية تؤدي إلى أفضل علاقات بإدارة أوباما الثانية من غير أن نُهادن في أمننا واستقلالنا. وليست تلك مهمة سهلة، لكن الأمر سيكون ممكنا ما سلكنا سلوكا عقلانيا مع افتراض أن التأييد الأمريكي الشعبي لإسرائيل سيظل قويا وأن مجلس النواب لن يتخلى عنا. رغم حقيقة أن أكثر الساسة اعتادوا أن ينقضوا الوعود التي يعطونها قبل الانتخابات بصورة عادية، يجب علينا أن نعمل في البدء حسب افتراض أن يتصرف أوباما بصورة محترمة ويتمسك على نحو عام بالالتزامات التي أعلنها خلال الأشهر الأخيرة نحو إسرائيل. وينبغي أن نُذكره بأنه في المواجهة الأخيرة مع رومني قد بالغ وقال إن «إسرائيل صديقة حقيقية... وهي حليفتنا الكبرى في المنطقة، وإذا هوجمت إسرائيل فستقف الولاياتالمتحدة إلى جانبها». سيضطر رئيس الوزراء نتنياهو إلى العمل كي يتغلب على الخصومة الشخصية التي أثارتها علاقاته بأوباما والتي زادت من حدة الاختلافات في الرأي بين الدولتين في السنين الأربع الأخيرة. ينبغي أن نأمل أن يكون أوباما متنبها إلى حقيقة أن مجلس النواب، في أكثريته المطلقة، بقي، رغم ضعف ما في صفوف الحزب الديمقراطي، مؤيدا لإسرائيل. وهذا الأمر يُبين مستويات التأييد التي لم يسبق لها مثيل والتي تتمتع بها إسرائيل بين الشعب الأمريكي. فإذا عاد أوباما إلى نهجه السابق الذي اشتمل على توبيخ متواصل معلن لإسرائيل في حين كان يعامل الزعماء الفلسطينيين المنافقين بقفازي حرير، فسيقود نفسه إلى مواجهة وجها لوجه مع مجلس النواب. هذا إضافة إلى أنه بعد أن لُدع مرات كثيرة بسياسته الفاشلة في الشرق الأوسطأ فمن المحتمل جدا أن تختار الإدارة الجديدة أن تُبعد نفسها عن محاولة حل الصراع العربي الإسرائيلي العاصي. وبناء على ذلك، يجب علينا أن نعمل، في البدء على الأقل، على افتراض أن يتمسك أوباما بالتزاماته وأن يتم الحفاظ على التحسن الذي نشأ في العلاقات بإسرائيل في نصف السنة الأخير. وفي نفس الوقت، من المهم أن يستعد النشطاء الموالون لإسرائيل لإسماع صوتهم إذا نقض وعوده. ويصح هذا على الخصوص على كل ما يتعلق بالتصريح الحماسي الذي وعد به أوباما، وفحواه أنه لن يسمح أبدا لإيران بالحصول على قنبلة ذرية في فترة ولايته. وصرح، مرة بعد أخرى، بأنه «لن يكون لإيران سلاح ذري ما بقيت رئيس الولاياتالمتحدة». يجب على إسرائيل أن تكون مستعدة وقت الحاجة إلى القيام بحملة دعائية عامة لبيان موقفنا إذا أصر أوباما على أن تكون خطوط الهدنة غير القابلة للدفاع عنها في 1949 نقطة بدء التفاوض مع الفلسطينيين. ويجب مع ذلك على الزعماء اليهود الأمريكيين، بقيادة ال»آيباك» كما يبدو، أن يجعلوا في مقدمة الأولويات القيام بحملة دعائية لإصلاح التوجه الموالي لإسرائيل التقليدي في الحزب الديمقراطي. في المستوى الشعبي، لا شك البتة في أنه توجد قلة يسارية متطرفة أخذت تزداد في صفوف الحزب الديمقراطي. وقد تم الشعور بالزيادة خاصة في فترة إدارة أوباما الذي أراد أن يُبعد نفسه عن إسرائيل مع جهد لإرضاء العرب. وقد تم التعبير عن التأثير الذي أخذ يزداد لفصائل معادية لإسرائيل خلال المؤتمر الوطني للحزب الذي عُقد في المدة الأخيرة ومُحيت في إطاره التطرقات الإيجابية لإسرائيل التي كانت تُدمج بصورة تقليدية في إعلان المؤتمر. إن تعزيز التأييد فوق الحزبي لإسرائيل حيوي لأنه إذا أصبحت العناصر المعادية لإسرائيل مهيمنة أو ذات تأثير ما في الحزبين المركزيين، فإن ذلك سيضعضع واحدا من الأسس الأشد قوة المؤيدة للحلف بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل. وفي هذا السياق، يجب على الديمقراطيين الصهاينة أن يستغلوا حقيقة أن أكثر اليهود استمروا في تأييد أوباما في الانتخابات من أجل أن يدفعوا العناصر المعادية لإسرائيل عن الحزب وليعززوا مكانة إسرائيل فيه. قد نكون نواجه أوقاتا غير سهلة، لكن يجب علينا الاستمرار في التفاؤل عن علم بأن الولاياتالمتحدة ديمقراطية؛ فما بقي الرأي العام يؤيد إسرائيل فإن العلاقات بين الدولتين قد تُجرب التوتر لكنها ستظل موجودة بصورة كاملة. عن «إسرائيل اليوم»