ستكون لانتخابات الرئاسة في الولاياتالمتحدة آثار بعيدة المدى على العالم الغربي كله وعلى إسرائيل بخاصة التي لم تلعب قط دورا بارزا بهذا القدر من قبل في حملة انتخابية رئاسية. يخشون في إسرائيل من أنه إذا انتخب أوباما من جديد ولم يعد محتاجا إلى تأييد من اليهود فإنه قد يعود إلى صورة سلوكه التي اتبعها في الولاية الأولى حينما تحلل من جزء كبير من التزاماته المسبقة لإسرائيل. إن الخشية في إسرائيل هي من أن يعود أوباما إلى السياسة السابقة التي تبناها وفحواها أنه «سيجعل ضوء نهار بين إسرائيل والولاياتالمتحدة» ويجدد الضغط على إسرائيل للقيام بتنازلات أخرى من طرف واحد للفلسطينيين. وتوجد خشية من أن يعود ويُصر على خطوط الهدنة غير القابلة للدفاع عنها من 1948 بأن تُعد نقطة البدء للتفاوض في الحدود. يتمتع رومني، بخلاف أوباما، بعلاقات حميمة بنتنياهو. وأهم من ذلك أنه يعرض توجها أكثر إيجابية بكثير نحو الدولة اليهودية وكان من أشد انتقاداته للإدارة الحالية إهمال أوباما في ظاهر الأمر لإسرائيل وإذلالها على الملأ. في حين يشير أوباما إلى أن سياسة الاستيطان الإسرائيلية التي تشتمل على البناء في الأحياء اليهودية في شرقي القدس تتحمل تبعة الجمود مع الفلسطينيين، يقول رومني ببساطة إن السلام لن يمكن الحصول عليه إلى أن يتخلى الفلسطينيون عن هدف تخريب الدولة اليهودية والقضاء عليها. وفي ما يتعلق بإيران، فإنه رغم التزام أوباما بأن يفعل كل ما هو مطلوب لمنع تحولها إلى قوة ذرية إذا لم تُفض العقوبات إلى نتائج مهمة، توجد شكوك قوية في استعداده لاتخاذ الخطوات الصعبة التي ستكون مطلوبة. إن هوة عميقة توجد بين توجهي المرشحين في كل ما يتعلق بالعالم العربي الذي يقع في أيدي تأثيرات إسلامية وجهادية، حيث حُظر حتى استعمال مصطلحات مثل التطرف الإسلامي أو الإرهاب الإسلامي. رغم أن إدارة أوباما قضت على أسامة بن لادن، كانت عادتها أن تعمل على إرضاء الإسلاميين والاستهانة بمقدار التطرف المفرط للإخوان المسلمين. وكذلك تجاهلت التوبيخات القاتلة التي صدرت مؤخرا عن الزعيم المصري المنتخب العضو في المنظمة، موجهة إلى إسرائيل. يؤمن إسرائيليون كثيرون بأن إدارة يرأسها رومني ستكون أكثر واقعية وتُظهر صرامة أكبر مع الإسلاميين. وفي المقابل، فإن أكثر اليهود الأمريكيين غير معنيين بالتخلي عن موروثاتهم الجينية الليبرالية، وما يزالون يؤيدون أوباما وسيظلون يصوتون للديمقراطيين. هذا إلى جانب كون السياسة الاقتصادية هي أهم عنصر في تحديد شكل تصويتهم، مثل أكثر الأمريكيين. إن هذا الاتجاه يفصح عنه الواقع الذي يثير الكآبة، وفي إطاره فإن جزءا كبيرا من اليهود الأمريكيين، ولاسيما الأشد ذوبانا في غيرهم، ما عادوا يولون إسرائيل اعتبارا بأنها عامل حاسم في تصويتهم. وبالنسبة إلى كثيرين منهم، فإن موضوعات كالزواج بين المثليين والإجهاض بحسب الطلب، تفوق في قيمتها رفاهية الدولة اليهودية. ومن جهة أخرى، يلوح أنه سيكون عدد كبير من أعمال الانشقاق اليهودي عن معسكر أوباما، فإن قطاعات فيها يهود أكثر أرثوذوكسية وإخلاصا، يتوقع أن تصوت في غير مصلحة الرئيس الذي يتولى عمله. إن خصوم رئيس الوزراء نتنياهو السياسيين يتهمونه بكونه يسعى إلى جعل إسرائيل موضوعا «حاسما» في الانتخابات. لكن لن يكون من المقبول أن يحافظ رئيس حكومة إسرائيلي، بسبب انتخابات الرئاسة في امريكا، على الصمت وألا يدعو العالم إلى الالتزام بالعمل المتشدد على مواجهة قوة ذرية محتملة، تحث العالم على تأييد هدفها وهو محو دولتنا «الورم السرطاني» من على وجه البسيطة. قال نتنياهو لل«سي.إن.إن»: «ليس الشيء الذي يوجهني هو الجدول الزمني السياسي في الولاياتالمتحدة بل الجدول الزمني لتخصيب اليورانيوم الإيراني». لكن سيكون من غير الإنساني أن نتوقع من نتنياهو ألا يشتاق من أعماق قلبه إلى فوز رومني الذي يعتبره حليفا وصديقا. إذا انتخب أوباما من جديد فسيكون من الواجب على نتنياهو أن يتغلب على الخصومة الشخصية وأن يتعاون معه من غير أن يمس بأمن إسرائيل ومصالحها الاستراتيجية بعيدة المدى. ولن تكون تلك مهمة سهلة، لكن هذا الشيء ممكن ما بقي التأييد الشعبي لإسرائيل قويا ولم يتخلَ مجلس النواب عنا. إذا فاز رومني فينبغي ألا ينتشي الإسرائيليون، فرغم أنه سيكون بين رومني وإسرائيل، بلا شك، ود أفضل قياسا بسلفه في المنصب، فإننا ما نزال نواجه تحديات كبيرة. عن «إسرائيل اليوم»