«إن حدود الدولة الفلسطينية الموعودة لا تعني بالضرورة حدود عام 1967، ولا بد من إجراء ترسيم للحدود متفق عليه من خلال مفاوضات بين الجانبين، مع الأخذ في الاعتبار التغييرات الديموغرافية التي حدثت على مدى أربعين عاما»، هكذا سعى الرئيس الأمريكي إلى تهدئة غضب إسرائيل بشأن موقفه من محادثات السلام. وأوضح أوباما أنه يتوقع أن تتفاوض إسرائيل والفلسطينيون على مبادلات للأراضي من شأنها أن تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ ببعض المستوطنات اليهودية. وكان أوباما يتحدث أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (آيباك)، وهي أقوى جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل في واشنطن، بعد ثلاثة أيام على تأييده لمطلب الفلسطينيين القديم بشأن حدود دولتهم المستقبلية الذي يتطلب تخلي إسرائيل عن مساحات كبيرة من الأرض المحتلة. ويعد حضور أوباما أمام الاجتماع السنوي ل«آيباك» تذكيرا صارخا بأن اقتراحه الجديد للسلام في الشرق الأوسط قد يفقده دعم الناخبين اليهود والموالين لإسرائيل والمانحين قبل ترشحه لفترة جديدة عام 2012. وقال أوباما وسط تصفيق حاد: «حتى وإن اختلفنا في بعض الأوقات مثلما يحدث بين الأصدقاء أحيانا، فإن الروابط بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل لا تنفصم، وإن التزام الولاياتالمتحدة بأمن إسرائيل هو التزام حديدي». لكنه واجه القليل من صيحات الاستهجان التي سرعان ما غطى عليها التصفيق الحاد عندما تطرق إلى بعض من أكثر القضايا الجدلية التي تثير الانقسام في الولاياتالمتحدة في الوقت الحالي والشكوك بشأن ما إذا كانت رؤية أوباما للسلام ستتحقق على الأرض. وفي خطابه أول أمس الأحد, شدد أوباما من جديد على «مبادئ» السلام التي حددها يوم الخميس في خطابه عن سياسة بلاده تجاه الانتفاضات في العالم العربي، لكنه سعى إلى تهدئة المخاوف الإسرائيلية التي دفعت نتنياهو إلى تحذيره من السعي إلى سلام «مبني على الأوهام». ومحل الخلاف بين الجانبين هو تبني أوباما لهدف سعى إليه الفلسطينيون طويلا، وهو إقامة الدولة التي يحاولون إقامتها في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة على حدود عام 1967. ويدعو الاقتراح إلى مبادلة الأرض لتعويض الفلسطينيين عن احتفاظ إسرائيل ببعض المستوطنات في الضفة الغربية. وقال أوباما: «بحكم التعريف تعني «المبادلة» أن الطرفين نفسيهما -الإسرائيليين والفلسطينيين- سيتفاوضان على حدود تختلف عن تلك التي كانت موجودة في الرابع من يونيو 1967. هذا هو ما تعنيه المبادلات التي يتفق عليها الجانبان». وأضاف: «إنها تسمح للطرفين نفسيهما بمراعاة التغييرات التي حدثت خلال الأربعين عاما الماضية. إنها تمكنهما من مراعاة هذه التغييرات، بما فيها الحقائق السكانية الجديدة على الأرض وحاجات الجانبين». وأعلن نتانياهو أنه «يقدر» دعوة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى السلام التي وجهها في خطابه أمام آيباك»، وقال نتانياهو: «أشاطر الرئيس الأمريكي رغبته في تشجيع السلام وأقدر جهوده الماضية والحالية لبلوغ هذا الهدف». من جانبه، أعلن أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، أول أمس الأحد، أن إعادة إطلاق عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل ينبغي أن تكون «على أساس الاعتراف بحدود 1967 لدولة فلسطين». وقال عبد ربه، في تصريح لوكالة «فرانس برس»: «إذا أرادت الولاياتالمتحدة إطلاق عملية سلام على أساس الاعتراف بحدود عام 1967 لدولة فلسطين، فإن ذلك يقتضي الحصول على اعتراف إسرائيل بهذه الحدود أولا حتى تبدأ المفاوضات انطلاقا من هذا الأساس». «خطأ فادح» قال السفير الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة إن دعوة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إلى العودة إلى حدود عام 1967 كنقطة بداية لمفاوضات السلام في الشرق الأوسط تنسجم مع الهدف الفلسطيني، غير أن أستاذ القانون بجامعة «هارفرد» والمدافع عن إسرائيل، آلان ديرشوفيتز، قال إن أوباما بدعوته هذه ألحق الضرر بعملية السلام في الشرق الأوسط، وأضاف أن أوباما ارتكب خطأ فادحا. غير أن أوباما، وفي كلمة له أمام لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية «آيباك»، وهي جماعة ضغط مؤيدة لإسرائيل، قال إن إشارته إلى حدود حرب 1967 تعني أن على الطرفين، الإسرائيليين والفلسطينيين، أن يتفاوضا على حدود تختلف عن حدود الرابع من حزيران عام 1967. من ناحيته، عبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في بيان صدر عن مكتبه، عن تقديره لكلمة أوباما أمام «آيباك»، وقال: «إنني أشاطر الرئيس الأمريكي رغبته في التوصل إلى سلام وأقدر جهوده الحالية والسابقة لتحقيق هذا الهدف». وأضاف: «إنني مصمم على العمل مع الرئيس أوباما من أجل التوصل إلى سبيل لاستئناف مفاوضات السلام.. إن السلام ضرورة حيوية لنا جميعا.» وكان نتنياهو قد كرر في وقت سابق أنه يثمن جهود أوباما لتحقيق تقدم في عملية السلام، مرددا أن «إسرائيل تريد السلام.. وأنا شخصيا أريد السلام، ولكن السلام القائم على أوهام سيفشل.» وأضاف، ردا على أوباما في البيت الأبيض في لقائهما، أن إسرائيل ستقدم تنازلات سخية من أجل السلام، ولكن لا يمكنها العودة إلى حدود عام 1967، مشيرا إلى أن إسرائيل لا يمكنها الدفاع عن نفسها، كما أنها لا تأخذ بالاعتبار التغير الديمغرافي الذي حدث منذ ذلك الحين. «أوباما لا يفهم الواقع» وفي إسرائيل، خصصت الصحف الصادرة أول أمس الأحد مساحات واسعة على صفحاتها الأولى للحديث عن لقاء أوباما ونتانياهو الذي وصفته بكونه مواجهة علنية بين الزعيمين، في حين قالت مصادر في الحكومة إن هناك مبالغة في تفسير مجريات اللقاء. ووصفت صحيفة «معاريف» اللقاء بكونه حربا معلنة، في حين وصفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» اللقاء بكونه باردا وبكونه كان مواجهة تمت أمام عدسات التلفزة. ونقلت الصحف الإسرائيلية الرئيسية تصريحات رسمية جاء فيها أن الرئيس أوباما لا يفهم الواقع، على حد تعبيرها. في حين قالت سكرتارية الحكومة الإسرائيلية إن هناك مبالغة في تفسير ما جرى بين نتانياهو وأوباما. وأضافت أنها تعتقد أن العلاقات بالولاياتالمتحدة علاقات حقيقية وعلاقة صداقة متينة. وفي هذا الإطار، يمكن أن تكون بين الأصدقاء خلافات رأي، وأيضا وضع الأمور على الطاولة بصراحة واضحة. وهذا ما فعله رئيس الحكومة الذي أوضح، بصورة قاطعة، أنه لا يمكن العودة إلى حدود 1967.