حاصرت القوات العمومية، زوال أول أمس السبت بمدينة الداخلة، العشرات من كتاب الضبط لمنعهم من الاحتجاج أمام مقر ولاية جهة الذهب لكويرة، حيث كان وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، يفتتح أشغال الندوة الجهوية السابعة للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدل في موضوع «الحكامة القضائية وتأهيل وتحديث الإدارة القضائية والبنيات التحتية للمحاكم». وعمدت القوات العمومية إلى فرض طوق أمني حول مقر الولاية، ووضعت حواجز حديدية في مختلف المنافذ المؤدية إليها، فيما رفع المحتجون، المنتمون إلى النقابة الديمقراطية للعدل، شعارات قوية ضد وزير العدل والحريات لحظة خروجه من نادي الضباط، حيث أقيم حفل غداء على شرف الحاضرين. وقد كادت الأمور أن تتطور جراء احتكاك بدني بين رجال الأمن والمحتجين بسبب محاولتهم اجتياز الحزام البشري لقوات الأمن والحواجز الحديدية. وقد وصف مصطفى الرميد بعض الشعارات التي رفعت في حقه ب«السب»، مؤكدا في إجابته عن مداخلة كاتب ضبط طالب بمزيد من التحفيز لهذه الهيئة، أن «التحفيزات المقدمة لكتاب الضبط وصلت إلى مستوى مرجعي أصبحت تحسد عليه، إذ هناك أجور لكتاب ضبط تفوق الدرجة الثالثة للقضاة». وقال وزير العدل: «هناك الحقوق وهناك أيضا الواجبات، فالدستور أسس لذلك والعقل والمنطق والروح الوطنية، فكفى من المطالب ثم المطالب فالتحفيز ثم التحفيز، وتعالوا نضع اليد في اليد لنرفع من شأن العدالة ونقلل من مشكل المخلف، وأن نقوم بأداء واجباتنا وبمقدار ما سنعطي لبلادنا فإن بلادنا ستعطينا». وأوضح الرميد أنه خلال اجتماعه مع النقابة الديمقراطية للعدل، تحت إشراف لجنة العدل والتشريع، دعا النقابة إلى التقدم بمقترحات إلى الهيئة العليا للحوار الوطني، فطالبه عبد الصادق السعيدي، الكاتب العام للنقابة، بتقديم ضمانات للأخذ بتلك المقترحات، وهو مار رد عليه الوزير قائلا: «هناك صفر مكعب من الضمانات والوزير نفسه لديه صفر مكعب»، حيث أكد أن «جميع أعضاء الهيئة العليا ليست لديهم أية ضمانة للأخذ بالاقتراحات، وإنما هي هيئة ستناقش، وما أقول اليوم من مقترحات لدي فيه صفر ضمانة للأخذ به». إلى ذلك، أكد الرميد أنه لا يمكن الإبقاء على محاكم تجارية تحكم في قضايا عادية، يستطيع القاضي المؤهل أن يبت فيها، حيث سيتم العمل، إذا قبلت بذلك الهيئة، على إقامة محكمة أو محكمتين تجاريتين، إحداهما في الدارالبيضاء والثانية في طنجة أو في أكادير، مع توفير أقسام تجارية في المحاكم الابتدائية». واعتبر الرميد أن «القضاة لا حاجة لهم بالمكاتب، وإنما حاجتهم قائمة لقاعة المداولات، فالقاضي يأتي للجلسة وللمداولة، والأفضل هو توفير قاعات مجهزة تتوفر على خزانة، ويمكن إذا أراد القاضي أن يشتغل أن نوفر بعض المكاتب الاحتياطية، غير أنه ستوفر المكاتب بالنسبة إلى قضاة النيابة العامة لأن النيابة العامة العمل فيها يتطلب الحضور الدائم». وقد أعلن وزير العدل عن توجه لإعادة النظر في طريقة تجريم الشيك بالطريقة التي تنص عليها مدونة التجارة، إذ بدأت مديريتا الشؤون الجنائية والتشريع في البحث عن صيغة لإعادة النظر في هذا الأمر، حيث اقترح الوزير ألا تكون العبرة بالتجريم وإنما بالتاريخ المحدد باستيفاء قيمته، على أن تدرس هذا المقترح جميع القطاعات الحكومية ورجال الأعمال ووالي بنك المغرب. وكشفت معطيات تم عرضها في الندوة أن 149 بناية قضائية غير لائقة، منها 99 مركزا للقضاة المقيمين و24 محكمة ابتدائية، ومحكمة استئناف واحدة. ويبلغ عدد البنايات المستغلة كمحاكم من طرف وزارة العدل والحريات 290 بناية منها 18 مكتراة، والتي تهم البناية المخصصة لمحكمة النقض، و23 بناية لمحكمة الاستئناف، و69 بناية مخصصة للمحاكم الابتدائية، و29 قسما لقضاء الأسرة، و6 مقرات مستقلة للمديريات الفرعية، و143 بناية لمراكز القضاة المقيمين، و6 مراكز للحفظ و14 بناية للمحاكم المختصة. وقد بدأ وفد عن وزارة العدل والحريات، برئاسة مصطفى الرميد، زيارة تستغرق أسبوعا لمحاكم الأقاليم الجنوبية، ابتدأت صباح أمس بزيارة محكمة الداخلة، يليها تدشين البناية الجديدة لمحكمة بوجدور، ثم زيارة للمحكمة الابتدائية والاستئنافية بالعيون، والمحكمة الابتدائية وقسم قضاء الأسرة بالسمارة، ومحكمة طرفاية وطانطان وكلميم ومركز المقيم سيدي إفني، ومحكمة تيزنيت، لتختتم بمدينة شيشاوة لتدشين محكمة جديدة بهذه المدينة ثم وضع الحجر اللأساس لبناية جديدة بإمنتانوت. ووعد الرميد بأنه لن تمر سنتان على تواجده على رأس قطاع العدل والحريات إلا وسيكون قد زار جميع محاكم المملكة، «وهي ليست زيارة لمكتب السيد الرئيس والسيد الوكيل وليست لقاء عاديا في قاعة الجلسات وإنما هي زيارة فاحصة ممحصة لكل أطراف المحاكم، ولقاءات وحوارات مع كافة المسؤولين والعاملين بها»، يقول وزير العدل والحريات.