يبدو أن إشكالية تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة في المغرب باتت تؤرق المؤسسات الساهرة على القطاع، وهو الأمر الذي دفع «الباطرونا» وبنك المغرب إلى التفكير في إحداث مرصد وطني للمقاولات الصغرى والمقاولات المتوسطة، بغرض تجميع كل المعطيات المتعلقة ببيئة هذه المقاولات، وطنيا وإقليميا. وحسب الاتحاد العام لمقاولات المغرب، فإن هذا المرصد، الذي تقرر إحداثه بشراكة مع الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولات الصغرى والمتوسطة، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، يهدف، إلى بلورة مؤشرات ذات طبيعة نوعية تتعلق بشروط ولوج هذه المقاولات للتمويلات البنكية، كما يروم بلورة آليات للمواكبة. ويرى الاتحاد أنه عبر هذه المبادرة، التي ستمكن من بلورة رؤية شاملة ومشتركة على الصعيد الوطني حول إشكالية تمويل هذه المقاولات، فإن الأطراف التي بادرت إلى إحداث هذا المرصد، تجسد إرادتها المتعلقة بسياسة دعم هذه المقاولات، وكذا تعبئتها لمواكبة الاستراتيجية الوطنية المعتمدة من جانب الحكومة، والتي تهم النهوض بالمقاولات، خاصة الصغيرة جدا. والتزمت الأطراف المشاركة في إطلاق المرصد بإعداد دراسة في غضون 45 يوما تتمحور أساسا حول مهام هذا المرصد وأهدافه وطريقة تسييره، من أجل الإلمام أكثر بجميع الجوانب المتعلقة بهذه الخطوة، وكذا مدى فعاليتها بالنسبة للمقاولات الصغرى والمتوسطة. وكانت مريم بنصالح، رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، دقت ناقوس الخطر، وقالت إن «الوقت لا يسمح بالانتظار نظرا لعامل المنافسة الشديدة»، محذرة مما اعتبرته «بيروقراطية ومساطر إدارية معقدة وعدم ليونة الأبناك من أجل تمويل مشاريع المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تعد عصب الاقتصاد الوطني». ويرى المراقبون أن مشكل السيولة الذي يعاني منه الاقتصاد الوطني أثر بشكل كبير على عمليات تمويل المقاولات، خاصة الصغيرة منها والمتوسطة، وهو الأمر الذي يهدد، في نظرهم، النسيج الاقتصادي عموما، على اعتبار أن هذا النوع من المقاولات يمثل حصة الأسد في النسيج المقاولاتي بالمغرب. وفي خطوة لمواجهة الأزمة يتدخل بنك المغرب بشكل دوري للحد من أزمة السيولة في المغرب، من خلال عمليات ضخ لمبالغ مهمة في السوق النقدية برسم تسبيقات لمدد معينة. ويجمع الخبراء على أن الوضعية الحالية للسوق المالية، التي تعتبر الأسوأ منذ سنتين، تنذر بأزمة خانقة على مستوى البنوك والبورصة، خاصة أن التدابير والإجراءات التي اتخذها بنك المغرب منذ مارس الماضي، والتي تمثلت في خفض سعر الفائدة المرجعي بربع نقطة وضخ سيولة تقدر بأكثر من 56 مليار درهم كمعدل أسبوعي في السوق النقدية، لم تستطع التخفيف من أزمة السيولة الخانقة، مؤكدين أن مجموعة من العوامل ساهمت في تفاقمها، وعلى رأسها دفع القسط الثاني المؤقت، وخروج الربائح الخاصة بالشركات المدرجة في البورصة، بالإضافة إلى ارتفاع تداول الأموال في فترات معينة.