في خطوة غير مألوفة نظّم أساتذة كلية الآداب والعلوم الإنسانية «ظهر المهراز»، بتعاون مع نقابتين للموظفين، صباح أمس الثلاثاء، مسيرة احتجاجية صامتة جابت ساحة الكلية وعددا من مرافقها، تعبيرا منهم على رفضهم ما آلت إليه أوضاع هذه الكلية، التي أقفل الطلبة عددا من أبوابها ومنعوا عميدها من الاقتراب من مكتبه تحت طائلة التهديد بمحاكمة جماهيرية في الساحة الجامعية. وأعلن أساتذة هذه الكلية، رفقة موظفين ينتمون إلى نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والفديرالية الديمقراطية للشغل، إضرابهم عن العمل لمدة يومين، وقرروا نقل احتجاجاتهم -صباح اليوم نفسه- إلى أمام مقر رئاسة جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، ل»التنديد» بتقاعس رئيس الجامعة في إيجاد حلول ناجعة للمشاكل التي تتخبط فيها كلية الآداب طظهر المهراز». وأصدر الفرع المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بيانا اتهم فيه بعض الطلبة ب»اقتحام قاعة اجتماع مجلس التنسيق في الكلية والتهجم على قاعة الأساتذة وتمزيق بيان للنقابة ومحاصرة عميد الكلية والتلفظ في حقه بعبارات مشينة ونعت الأستاذة بالخنوع والانبطاح وإغلاق المرافق الإدارية».. ووصفت النقابة، التي يترأسها الدكتور المفضل الكنوني، الوضع في هذه الكلية بالشاذ، واعتبرت أنّ «هذه السلوكات تعد بمثابة انتهاك جسيم لحرمة المؤسسة الجامعية وتهدف إلى صرف الكلية عن وظيفتها الأساسية في إنتاج المعرفة وصناعة النخب». وأعلن الأساتذة والموظفون «العصيان» وقرروا مقاطعة التدريس والعمل ليومي الثلاثاء والأربعاء. وعمد بعض الطلبة إلى إغلاق أقفال بوابات رئيسية في الكلية. ودخلوا في إضراب عن الدراسة، احتجاجا على عدم فتح أبواب الحوار معهم من قِبل المسؤولين وعدم الاستجابة لمطالبهم التي دوّنوها في ملف مطلبيّ قسموها إلى شقين، الشق الأول متعلق برفع الحظر عن نقابة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والشق المادي له علاقة بمطالب تحسين الخدمات في الكلية. وقالت مصادر مسؤولة في نقابة التعليم العالي إن بعض المطالب التي يُعبّر عنها الطلبة معقولة وواقعية، ويجب على المسؤولين التدخل لإيجاد حلول فورية لها، لكنها أضافت أن طريق تصريف هذه المطالب غير مقبولة. وأشارت إلى أن الطريقة التي يتم التعامل بها مع عميد الكلية من قبل بعض الطلاب غير مقبولة ولا يمكن للأساتذة الجامعيين والموظفين أن يسكتوا عنها، لأنها تمسّ بكرامة الأستاذ الجامعي. وأوردت المصادر نفسها أن الأستاذة الجامعيين يعتبرون الطلبة شركاء وليسوا غرباء أو طارئين. ووجهت المصادر نفسها انتقادات لاذعة لرئاسة الجامعة. وقالت إن كلية الآداب تعاني، من بين ما تعاني منه، من هدم كل المراحيض الخاصة بالطلبة، دون أن يتم إيجاد بديل للفضاءات التي يقضي فيها حوالي 16 ألف طالب حاجتهم.. وتحدثت المصادر عن أنّ الأساتذة قرروا فتح مراحيضهم في وجه الطلبة، لكن عددها قليل، ولا يكفي لاستيعاب العدد الهائل من الطلبة الذين تحتضنهم المؤسسة. وفي السياق ذاته، تطرقت المصادر النقابية لمشكل الاكتظاظ الذي تعاني منه قاعات الدرس والمدرجات في الكلية، مضيفا أن الوضع يبدو كارثيا في مسالك الفلسفة وعلم الاجتماع وعلم النفس، حيث لا توجد هذه المسالك وطنيا إلا في كل من جامعة الرباط والدار البيضاءوفاس. وأمام واقع الاكتظاظ وعدم توفير رئاسة الجامعة ميزانيات لتجاوز المشكل، قررت عمادة كلية الآداب خصم مبالغ مالية من ميزانية التسيير لاقتناء حوالي 1000 كرسيّ و250 طاولة، وقدّرت المصادر الخصاص بما يقارب 3500 كرسي و2500 طاولة. ووصفت المصادر مشكل إغلاق التسجيل أمام الحاصلين على شهادة البكالوريا من قِبَل رئاسة الجامعة اعتمادا على نظام معلومياتيّ ب»غير المشروع»، وقالت إن الجامعة يجب أن تبقى مفتوحة أمام جميع الحاصلين على شهادة البكالوريا، وقالت إن ضعف تدبير الشأن الجامعي وغياب المقاربة السياسية لدى مسؤولين في الجامعة أدخل كليات فاس إلى وضع لا يمكن التكهن بمآلاته.