أطاح تحالف إدريس لشكر والحبيب المالكي بأحلام أحمد الزايدي في تولي قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلفا لعبد الواحد الراضي، بعد أن حصل الوزير الأسبق في حكومة عباس الفاسي على 848 صوتا، مقابل 650 صوتا لرئيس الفريق الاتحادي في مجلس النواب، خلال الدور الثاني من انتخابات الكتابة الأولى التي جرت مساء أول أمس الأحد في مركب مولاي رشيد ببوزنيقة. وكشفت مصادر اتحادية أن تحالف لشكر مع المالكي رجح كفة الأول، خاصة في ظل «التشرذم» الذي عانى منه أنصار ولعلو الذي اختار مغادرة مقر المؤتمر التاسع مباشرة بعد إعلان نتائج الدور الأول وإغلاق هاتفه دون أن يحسم في توجه أنصاره في الدور الثاني؛ مشيرة إلى أن المؤتمرين ال344 الذين صوتوا لصالح ولعلو انقسموا على أنفسهم؛ فقد باشر فريق من المحسوبين على عمدة الرباط، ومن أبرزهم طارق القباج، عمدة أكادير، حسب المصادر، مفاوضات مع لشكر من أجل البحث له ولمن معه عن موطئ قدم في اللجنة الإدارية، فيما اختار أحمد الريح، صهر ولعلو، وباقي اتحاديي الرباط التصويت بورقة بيضاء. وقالت المصادر إن المفاوضات، التي جرت صباح أول أمس بين لشكر والمالكي، انتهت إلى توجيه المحسوبين على برلماني مدينة أبي الجعد (258 صوتا) نحو التصويت لفائدة لشكر مقابل أن تؤول رئاسة اللجنة الإدارية أو منصب نائب الكاتب الأول إلى المالكي، وضمان حصول 30 من أنصاره على عضوية اللجنة. وفيما أكد لشكر، في تصريح للصحافة دقائق بعد الانتهاء من فرز الأصوات وإعلان فوزه، أنه سيحرص على «اتباع تدبير جماعي» بعيدا عن منطق الزعامة، وأنه سيستجيب لحاجة الاتحاد إلى جميع المكونات٬ علق قيادي اتحادي بارز على انتخابه بالقول: «مات الاتحاد»، مشيرا إلى أن «مسلسل تصفية الاتحاديين بدأ». إلى ذلك، اتهم اتحاديو 20 فبراير لشكر والزايدي بتحويل المؤتمر التاسع إلى «سوق انتخابية»، والاعتماد على الزبناء لا المناضلين، وكذا ب«إقبار الخط الديمقراطي لحزب المهدي بنبركة مقابل انتصار الخط الانتهازي والوصولي في إطار الاستمرار في خط انحداري ومتماه مع الإيديولوجيا الرسمية السائدة». ووصف منتصر الساخي، أحد أعضاء تيار 20 فبراير، المرشحين للدور الثاني، خلال رد على سؤال للجريدة خلال الندوة الصحافية التي عقدت قبل إعلان نتائج الدور الثاني، ب«الشناقة الذين يتعاملون مع القطيع»، مسجلا أن المؤتمر عرف إنزالا كبيرا لمنتمين إلى حزبي الاستقلال والحركة الشعبية، وآخرين أتوا للسياحة فقط. واستبق معسكر الزايدي انتهاء عملية التصويت بتهديد عبد العالي دومو بعقد ندوة صحافية للكشف عما سماه تدخل جهات في المؤتمر والتجييش والإنزال، غير أن تدخل الكاتب الأول الأسبق، محمد اليازغي، ومحمد الشامي حال دون عقد الندوة. وبدا لافتا، خلال الساعات التي سبقت الإعلان عن نتائج انتخاب الكاتب الأول، حديث منافسي لشكر وأنصارهم عن «إنزال كبير» وعن «ممارسات» وتدخل جهات لدعمه. وفي هذا السياق، نقل مصدر اتحادي موثوق عن ولعلو قوله لمجموعة من المؤتمرين، وهو يهم بمغادرة مقر المؤتمر بعد هزيمته، إن «لشكر مدعوم من طرف جهات من خارج الحزب»، مبديا استغرابه «إقفال مقربين منه هواتفهم في وجهه». فيما حث لشكر شباب اتحاديي 20 فبراير، خلال حديثه مع أعضاء منهم، على «حماية الحزب ديالكم وما تخلوهش لهذوك»، في إشارة إلى معسكر الزايدي. مصادر اتحادية تحدثت عن عملية «تهريب» و»تكتيف» للمؤتمرين شبيهة بتلك التي اعتاد المتتبعون للشأن المحلي تسجيلها عشية انتخاب رؤساء المجالس البلدية والقروية، بعد أن أقدم القيادي الاتحادي سعيد اشباعتو على «تهريب» مؤتمري جهة مكناس تافيلات، البالغ عددهم 60 مؤتمرا، إلى مدينة المحمدية في انتظار ساعة الصفر بانطلاق عملية الاقتراع. وسار على منواله زميله في الحزب برلماني إقليمسيدي إفني ورئيس المجلس الإقليمي لكلميم، محمد بلفقيه. من جهة ثانية، اضطر لشكر، في أول اصطدام له مع أنصار الزايدي، إلى إعلان تأجيل انتخاب أعضاء اللجنة الإدارية إلى نهاية الشهر الحالي، خاصة بعد أن وجد نفسه في مواجهة مباشرة، ساعات قليلة بعد انتخابه، مع تيار اليازغي والفريق النيابي الداعمين للزايدي، إثر تهديد الأول بالانسحاب والثاني بالاستقالة في حال إجراء انتخابات اللجنة الإدارية التي كانت ستكون محطة لبسط لشكر سيطرته على كل الأجهزة. وفي أول رد فعل على انتخاب لشكر، أعلن علي بوعبيد، نجل القائد التاريخي للاتحاد عبد الرحيم بوعبيد، من على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي ال«فيس بوك»، عن استقالته من الحزب، بعد أن كان قد قاطع أشغال المؤتمر التاسع. وحسب مصدر اتحادي، فإن هذه الاستقالة تأتي في سياق التحضير لإعلان الثلاثي الغاضب (بوعبيد، محمد الأشعري، العربي العجول) عن تأسيس إطار مدني شبيه بحركة لكل الديمقراطيين، كخطوة نحو تأسيس حزب جديد قد يكون بيتا لاستقبال الاتحاديين الغاضبين وأولئك المتخوفين من «انتقام» لشكر. من جهة أخرى، اختار عدد من المؤتمرين التعبير عن موقفهم من ترشح لشكر، الموصوف من قبل الاتحاديين بصديق «البام»، من خلال كتابة تعليقات ساخرة يحمل بعضها دلالات سياسية من قبيل: «تشبيط» تضمنتها 5 أوراق تصويت بصناديق الاقتراع الخاصة بأعضاء المكتب السياسي وجهة الرباط، فيما دون مؤتمرون آخرون على ورقة التصويت عبارات من قبيل: «لا أحمل أحد»، «أحبك لشكر»، «بصحة شباط»، «دمية البام».