انتخب المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ليلة أول أمس، ادريس لشكر كاتبا أول للحزب خلفا لعبد الواحد الراضي، بعدما كان يتبارى إلى جانب ثلاثة مرشحين آخرين لقيادة مركب الحزب خلال المدة المقبلة. وإذا رجعنا إلى الفترة التي سبقت المؤتمر سوف نلاحظ أن جميع المرشحين، بمن فيهم المرشح الفائز، كانوا يركزون على إعادة بناء الحزب الاتحادي الكبير، واسترجاع إشعاعه السياسي، وبلورة خطاب جديد يساير المرحلة الراهنة؛ بل إن هؤلاء المرشحين كانوا يؤكدون على ضرورة القيام بنقد ذاتي للتجربة الحزبية. ولو رجعنا إلى الماضي القريب للحزب لوجدنا أن الكاتب الأول الجديد ادريس لشكر هو من كان يقف على رأس تيار، يمكن وصفه ب»الاستئصالي»، اتخذ خيارات معينة داخل الحزب أدت إلى إضعافه بسبب الانشقاقات التي حصلت داخله، وانقسام نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل التي كانت الأداة النقابية الضاربة للحزب ومنحته انغراسا اجتماعيا عميقا. وقد أدت تلك الخيارات -التي جاءت في محطات ساخنة لم ينجح خلالها الحزب في إعمال مبدأ التوافق والحوار الداخلي بين التيارات- إلى خروج العديد من الوجوه التي ارتبطت بالحزب، من أمثال محمد نوبير الأموي ومحمد الساسي وعبد المجيد بوزوبع وآخرين كثيرين، مما أفقد الحزب العديد من كوادره. والسؤال المطروح اليوم يرتبط بمدى قدرة الكاتب الأول الجديد على أن يكون كاتبا أول للحزب كله وليس لجناح دون آخر، وأن ينجح في لملمة أطراف الحزب ويؤسس لثقافة الحوار الديمقراطي الداخلي، وأن يأخذ بعين الاعتبار التحولات السياسية الكبرى التي تحققت في المغرب وداخل الحزب، بحيث يتجه أكثر نحو ترسيخ تقاليد الاختلاف وفتح حوار مع الاتحاديين السابقين، حوار بدأ عبر التنسيق بين الكونفدرالية والفيدرالية الديمقراطية للشغل على الصعيد النقابي.. بكلمة واحدة، هل يستطيع ادريس لشكر أن يعيد إلى الحركة الاتحادية توهجها الذي كان لها ذات زمن؟