في بحثهم عن قضاء أيام العطلة الطويلة التي يخوّلها لهم حصولهم على التقاعد، أضحت منطقة أكادير ونواحيها إحدى الوجهات المفضلة لدى المتقاعدين الأوربيين، وخصوصا الفرنسيين منهم، الباحثين عن التمتّع بدفء أشعة الشمس بأرخص الأثمان. ويتوجه هؤلاء في كل سنة نحو المغرب على متن حافلات التخييم، لأجل قضاء فصل الشتاء هروبا من البرد القارس ومن تكاليف العيش الباهظة في البلدان الأوروبية. وحسب مجلة «ليكسبريس»، التي نشرت ملفا حول هذا الموضوع في عددها لهذا الأسبوع، فإن رحلة هذه الشريحة من السياح نحو المغرب تبدأ في مستهلّ شهر نونبر، حيث يشرع الآلاف من المخيمين الأوربيين في التوافد على مناطق المغرب المعتدلة نسبيا لقضاء فصل الشتاء. ووفقا للأرقام الرسمية التي استطاعت المجلة الحصول عليها، فإنه يتوافد على مناطق المغرب ما بين 30 و40 ألف مواطن أوربي من الذين يفضّلون قضاء عطلتهم على متن حافلات التخييم. وبما أن تكاليف العيش تظل ضعيفة في المغرب بالمقارنة مع الدول الأوربية، فإن «الأغلبية الساحقة من هؤلاء المخيمين متقاعدون يفضلون قضاء «ما تبقى من أيامهم» تحت أشعة الشمس الدافئة وتوفير قسط من المال في الآن نفسه»، توضح المجلة الفرنسية. كما تفضل هذه النوعية من السياح المناطق المغربية التي تقع قبالة المحيط الأطلسي، لاسيما تلك التي تقع بين الصويرة والداخلة، وبشكل خاص نواحي أكادير. وينتمي جل هؤلاء السياح الفرنسيين والأوربيين إلى الفئة العمرية ما بين 60 و80 سنة. كما أنهم دأبوا، منذ سنوات، على قضاء عطلهم السياحية على متن حافلات التخييم. «لقد منحهم التقاعد حرية جديدة. فقد أصبحوا يذهبون إلى أماكن تبعد أكثر فأكثر عن بلدانهم الأصلية، حتى انتهى بهم المطاف في المغرب، الذي أضحى بالنسبة إليهم «بلدهم الثاني»، وفق توضح مجلة «ليكسبريس». ويقضي هؤلاء المتقاعدون وقتهم بين التسوق وتزجية الوقت في ممارسة الهوايات المسلية والتحدث إلى بعضهم البعض، لكنّ الأمر الذي يروقهم هو أن سعر المعيشة في المغرب أقل بكثير من ذلك المسجل في فرنسا. «لا يتجاوز سعر الفواكه والخضر بضعة سنتيمات من الأورو.. كما أن سعر قنينة الغاز يصل بالكاد إلى 4 أوروهات»، تنقل عنهم المجلة الفرنسية. من جانبه ،أكد طارق القباج، رئيس المجلس البلدي لمدينة أكادير، في تصريح خص به المجلة، بأن «القيمة المضافة التي يخلقها أصحاب حافلات التخييم بالنسبة إلى الاقتصاد المحلي لا يستهان بها». وبما أن هذه النوعية من السياح تعتمد -في أغلب الأوقات- على نفسها في إعداد وجبات الطعام وتنظيف الملابس وغيرهما من الأمور الضرورية، فإن أفرادها يجدون أنفسهم أمام ضرورة اقتناء كل السلع المتوفرة قرب مناطق التخييم. كما أن بعضهم يلجؤون إلى الحصول على الخدمات الطبية التي توفرها عيادات الطب الخاص، نظرا إلى انخفاض كلفة العلاج كذلك». بدأ السياح الذين يفضلون قضاء عطلهم السياحية على متن حافلات التخييم في التوافد على المغرب مع نهاية سنوات التسعينيات، وكانوا في غالبيتهم آنذاك يمضون عطلهم خارج المخيمات المهيَّئة لاستقبال تلك الحافلات. كما كانوا يفضلون التخييم على امتداد شواطئ «تغازوت»، التي تقع على بعد بضعة كيلومترات شمالي أكادير. ولأجل القضاء على المخيمات غير المُنظَّمة أقدمت السلطات المحلية على تنويع العرض الممنوح للأجانب. وفي هذا الصدد، تسجل المجلة الفرنسية أنه شُرِع منذ ثلاث سنوات في ترميم المخيَّم البلدي لمدينة أكادير، إذ تم تجديد مرافقه الصحية ووضعُ نظام جديد للإنارة وإطلاقُ طلب عروض لبناء متجر ممتاز ومطعم. من جانب آخر، تم افتتاح ثلاثة مخيمات إضافية في المنطقة لأجل تلبية الطلب المتزايد. ويعتبر مخيم «إيموران» أحدَ آخر تلك المخيمات التي تم تشييدها. ويقع هذا المخيم مباشرة قبالة المحيط الأطلسي، ويفضي مباشرة إلى شاطئ يتردد عليه المُخيِّمون رفقة هواة ركوب الأمواج. رواد هذا المخيم من الجنسية الفرنسية، والألمانية، والإيطالية، وجلهم من المتقاعدين الذين تجاوزت أعمارهم عتبة السبعين، كما وضح جمال إيمل، مدير المخيم، لمجلة «ليكسبريس». لكنه أكد، من جانبه، أن هؤلاء الأشخاص ليسوا «أغنياء» ويأتون إلى المنطقة لأنّ تكلفة العيش فيها منخفضة.