البديل الحضاري.. حزبٌ مع هيبة القانون لا يخفي مناضلو حزب البديل الحضاري رفضَهم كلَّ الصيغ التي حملتها دساتير المملكة. أما المطلب الأساسي لهذا الحزب فهو ترسيخ هيبة القانون بدلا من هيبة المخزن، والذي سيتحقق بفضل ديمقراطية حقيقية قوامُها حرية التعبير والتنظيم والتداول السلمي للسلطة. كما يراهن حزب البديل الحضاري على ضرورة ترسيخ مبدأ التعاقد المتجدد بين المؤسسة الملكية والشعب، هو الذي يجب أن يحدد الحقوق والواجبات. ولا يخفي البديل الحضاري دعوته إلى «ملكية يكون فيها الملك رمزا لوحدة البلاد واستقلالها، بينما الشعب هو الذي يجب أن يكون صاحب السلطة، يُفوّضها لمن يشاء من خلال الآلية الديمقراطية لكي تظل المؤسسة الملكية في منأى عن الصراعات». قد تكون مواقف البديل الحضاري، الذي لا يخفى ميولاته الإسلامية، واحدة من الأسباب التي تجعل هذا الحزب مهمَّشاً، بل ومحاصَراً من قِبَل السلطة، رغم «العهد الجديد» و»الدستور الذي جاء للقطع مع ممارسات الماضي». حزب الأمة.. الباحث عن الاعتراف تعرض حزب المرواني للمنع بعد أن قدمت وزارة الداخلية دفوعاتها بشأن عدم استيفاء شروط وإجراءات التأسيس، المتضمَّنة في المادة السادسة من قانون الأحزاب السياسية. ومن هذه الإجراءات، انتهاء مدة صلاحية وثائق الإدارية المرفقة بالتصريحات الفردية، وعدم تضمين تاريخ صدورها، أو عدم الإشارة إلى مكان الازدياد في بعض الالتزامات الفردية، ما يعني أن هذه النواقص تُفضي إلى عدم اكتمال النصاب العددي القانونيّ للتصريحات الفردية، وكذا النصاب الجهوي، وفق مقتضيات المادة السادسة من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية. من جهته، يُقرّ حزب الأمة بأنه احترم القانون التنظيميَّ المتعلق بالأحزاب السياسية، من قبيل عدم الارتكاز عإلى أساس دينيّ أو لغوي أو عرقيّ أو جهوي، أو بصفة عامة، إلى أي أساس من التمييز أو المخالَفة لحقوق الإنسان أو استهداف المساس بالدين الإسلامي أو بالنظام السياسي ومبادئه الدستورية أو الأسس الديمقراطية أو الوحدة الوطنية أو الترابية للمغرب، ما يؤكد سلامة مشروع النظام الأساسي ومشروع البرنامج السياسي من موجبات البطلان.. وفي ظل الصراع بين الدولة وحزب الأمة، تُفنح جبهة أخرى من جبهات حرية الانتماء وتأسيس الأحزاب كشرط أساسيّ من شروط بناء الدولة الحديثة. الحزب الديموقراطي الأمازيغي.. ممنوع بحكم قضائي في 2005 سيؤسس أحمد الدغرني، رفقة بعض النشطاء الأمازيغ، حزبا أطلق عليه «الحزب الديمقراطي الأمازيغي». كانت الخلفية سياسية، لكنها لم تخْلُ من نزعة أمازيعية سيبرّرها أصحابها ب«التهميش» الذي يعاني منه هذا المكوّن الأساسي للهوية المغربية. لكن الدولة المغربية ستتخذ، ثلاث سنوات بعد ذلك، قرار حل هذا الحزب، «لأنه أسس على خلفية عرقية». وبررت المحكمة قرارها بالمادة الرابعة من قانون تأسيس الأحزاب في البلاد، والتي تنصّ على «بطلان تأسيس أي حزب على أسس دينية أو لغوية أو عرقية». وكانت وزارة الداخلية المغربية قد تقدمت بملف إلى المحكمة الإدارية تطلب فيه حظر الحزب. لكن الكثيرين يتساءلون: كيف سمحت الدولة للحزب بالعمل في البداية، وهي تعلم أنه مخالف للقانون. وكانت الوكالة القضائية للمملكة قد قامت بإيداع مقال افتتاحيّ في المحكمة الإدارية في الرباط، يرمي إلى «إبطال تأسيس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي طبقا لمقتضيات المادة ال53 من قانون الأحزاب، لكون هذا الحزب يوجد في وضعية غير منسجمة مع مقتضيات المادة الرابعة من نفس القانون».
الناشط الحقوقي الريفي الذي رفض النقض والعفو لم يصدق كثير من الفاعلين السياسيين خبر الإفراج عن 190 سجينا في منتصف شهر أبريل من سنة 2011، إثر عفو ملكيّ شمل العديد من القيادات الفكرية والسياسية والحقوقية.. لم يصدق الناس الخبر لأنه تزامن مع شهر أبريل، الذي ارتبط في الأذهان بالأكاذيب.. لم يصدقوا لأنه نادرا ما يُفرَج عن قياديين من مختلف التيارات دفعة واحدة، لذا كان محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محقا حين قال إن «هذا الحدث يعد يوما تاريخيا»، فيما اعتبره ادريس الأزمي «محاولة جادة لإعادة أجواء الثقة في المغرب». شمل العفو الملكي الناشط الحقوقيَّ شكيب الخياري، الذي يعتبره الريفيون «فاضح الفساد والمفسدين»، والذي لم يكن يعتقد أن الاستجابة لاستدعاء من دائرة أمنية عليه عبارة «لأمرٍ يهُمّك» سيتحول إلى قضية تهمّ الرأي العام الوطني، بعد أن صدر حكم بحبس الخياري، رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان، لمدة ثلاث سنوات نافذة، مع غرامة مالية قدرها 750 ألف درهم. آمَن الرجل بقدَره ورفض استئناف الحكم لدى المجلس الأعلى للقضاء لعدم ثقته في الأحكام، «إلا حكم الله».. قبل الإفراج عن الخياري كان الناشط الحقوقي قد حل بالسجن المدني لمدينة الناضور، «مسقط الرأس والقلب»، بعد جولة قادته إلى زنازين سجون الدارالبيضاء ومكناس، ثم تازة، تذوّق خلالها كل أصناف الحرمان، وهو يتلقى من خلف القضبان عبارات التضامن القادمة من الوطن وخارجه. وما إن استأنس بالسجن المحلي حتى تلقى نبأ العفو، الذي لم يمسح الغبن الساكن في أعماقه، وهو الذي أدين ب»تهمة» فضح المفسدين وأدى ضريبة الكشف عن حروف العلة في نصّ التنمية، تحت مسمى «تسفيه جهود الدولة والحصول على دعم خارجي»، علما أن الدولة تتلقى -بدورها- دعما خارجيا، دون أن تُتابَع بنفس صك الاتهام، كما جاء في مرافعة عشرات المحامين الين ساندوه في محنته. رفض الخياري معانقة الحرية قبل استكمال العقوبة الحبسية بتسعة أشهر، وأصرّ على مواصلة النضال لكشف حقيقة المنتفعين من تجارة المخدرات في الريف، بل ورفض مغادرة المعتقل، رغم وجود اسمه ضمن المشمولين بالعفو الملكيّ، ولولا إلحاح شقيقه أمين لقضى ما تبقى من عقوبة ل«يستكمل عدة النضال». شكيب الخياري
«سوء الفهم الكبير» مع السلطة هو واحد من جيل أبو بكر الجامعي، الذي جاء إلى الصحافة من عالم المال والأعمال. ظل الرجلَ الثاني، وأحيانا ثالثا ورابعا، في الفريق الذي أسّس تجربة «لوجورنال»، خصوصا بتواجد جمال براوي، ثم علي المرابط وقتَها. لكن هذا الشاب، المكتنزر والقصير، والذي سبق أن اشتغل في قطاع الأبناك، سيكون واحدا ممن ظلوا يلتقطون كل صغيرة وكبيرة في هذه التجربة الإعلامية المثيرة، حينما سيصدر، من خلال كل الجزئيات، كتابا بعد مرور عشر سنوات من حكم محمد السادس، اختار أن يعنونه ب«سوء الفهم الكبير». كشف عمار، الذي اختار هو الآخر المنفى، وأصبح يشكل اليوم واحدا من خصوم السلطة، أن العلاقة بين تجربة «لوجورنال» والمحيطين بالملك كانت في بدايتها جيدة، لأنه كان يُعوَّل على التجربة للدفع بالأمور إلى الأمام وإعطاء صورة جيدة عن نظام الحكم في المغرب، كما يريدها محمد السادس. قبل أن تتغير الكثير من المعطيات، ويصبح فريق «لوجورنال» من المغضوب عليهم. ظل علي عمار شبهَ مغمور، حتى وهو يترأس تحرير «لوجورنال»، حينما غادرها أبو بكر الجامعي، بعد لمرابط وبراوي.. لكنه أصبح، بعد «سوء الفهم الكبير»، أكبرَ من حجمه بكثير، بالنظر إلى أنه كان يلتقط كل التفاصيل، بما في ذلك الحميمية، ليضمّنها كتابه، الذي أغضب زملاءه في «لوجورنال»، كما أغضب محيط الملك. ولعل أقوى ما كشفه عمار في كتابه هو أنّ الحسن الثاني كان سيشتري مطبعة خاصة ب«لوجورنال»، كانت ستكلف 5 ملايين أورو، لكنْ سيرفض أصدقاء الجامعي، لأنّ ذلك كان سيؤثر على مصداقية الجريدة وعلى خطها التحريري.. كما كشف عمار تدخل «لوجورنال» في تطويق تلك الحملة، التي كان يقودها هشام المنذري، الذي كان يدّعي في الصحافة الفرنسية أنه «ابن الحسن الثاني».. دون أن ينسى التفاصيل التي كانت تجمع فريق «لوجورنال» ب«صديق الملك»، فؤاد عالي الهمة، خصوصا حين كان محمد السادس ما يزال وليا للعهد. علي عمار، اليوم، من الذين اختاروا الهجرة خارج المغرب، رغم أنه ليس من المبحوث عنهم، ولا من الذين صدرت في حقهم مُتابَعات قضائية.. إنه المنفى الاختياريّ. علي عمار
الزعيم الأمازيغي المتمرد يصرّ أحمد الدغرني على أن يحمل صفة المؤسس الحقيقي للحزب الديمقراطي الأمازيغي، رغم «الفيتو» الذي ترفعه السلطة، والتي تحذر من مغبة تأسيس أحزاب لها مرجعيات دينية أو عرقية أو جهوية. لقد يئس الرجل من المعارك التي خاضها الأفراد والجمعيات والفدراليات، فقرر ركوب صهوة السياسة وتقديم أجوبة للأسئلة الراهنة عبر منصّات الخطابة السياسية، لكن أول معضلة واجهها كانت هي انتماء كثير من الأمازيغيين كأفراد لأحزاب سياسية مغربية تُجمِع على رفض التعددية الثقافية واللغوية والدينية. في المقابل هناك رغبة في الانتقال من ضفة المجتمع المدني، بشبكاته الجمعوية التي يبقى دورها استشاريا، إلى المجتمع السياسي، الذي يجعل الفرد صانعَ القرار. يؤكد الدغرني أن رهانه من أجل تأسيس حزب أمازيغيّ علماني لا يراد به تسييس القضية، بل هو إسماع لصوت الأمازيغ وهمسهم، لاسيما بعد أن اختار كثير من النواب التدخل في قبة البرلمان، بلغة أمازيغية شجّعت على الاستمرار في النضال، مضيفا أن قيام الحزب المحظور سيكون -حسب ديباجة وثيقة التأسيس- داعما للتقارب المغربي -الجزائري، مفوتا الفرصة على دعاة الانفصال، خاصة بعد أن بادر «الجيران» إلى إنشاء حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، المحسوب على الحركات الأمازيغية، والذي ينادي بجمع شمل «شعوب تامازغا». لكن خصوم الدغرني يعاتبونه على تأسيس جمعية «سوس للصداقة الإسرائيلية -الأمازيغية»، ويعتبرون مبادرته محاولة للتطبيع، فاسم إسرائيل لازال عسير الهضم في المجتمع المغربي، وخلق كيان يجمع أبناء سوس مع بني إسرائيل قد يصبح من نواقض الزعامة الحزبية، على الأقل في الظرفية الراهنة. أحمد الدغرني
الصحافي المشاكس الذي جرّب السجن والمنفى غادر على لمرابط السجن بعد أن قضى فيه فترة طويلة بعد عفو ملكيّ استفاد منه. غير أنّ قساوة ما رافق هذا الحكم هو منعه من الكتابة لمدة عشر سنوات جعلت منه اليوم صحافيا مهاجرا لا يحق له أن يشتغل في صحافة بلده. علي لمرابط، الذي بدأ حياته المهنية في سلك الدبلوماسية المغربية التي تعرّف من خلالها على الكثير من البؤر الحساسة.. مُشاغِب اختار مهنة الصحافة ليترجم هذا «الشغب».. فبعد تجربة «لوجورنال»، التي كانت قد فتحت عليه النار، حينما سارع إلى استجواب نتنياهو، وهو وقتها رئيس وزراء إسرائيل، سينتقل لمرابط إلى تجربة خاصة سماها «دومانْ»، واختار أن تصدر بالعربية والفرنسية. ولم تكن مقالات «دومان» والرسوم الكاريكاتيرية التي ينشرها لمرابط لتمرّ دون أن تثير حفيظة النظام، الذي زجّ به في السجن.. وحينما أصدر المرابط «دومان» قيل إنّه مدعوم من طرف ابن عم الملك، مولاي هشام.. لكن لمرابط يؤكد أنه «صحافيّ ليس إلا.. صحيحٌ أنا مزعج، لكنّ حرية التعبير يضمنها الدستور»، يوضح لمرابط. «كما أن نشر الرسوم الكاريكاتيرية ليس ممنوعا بقوة القانون، لذلك فما تعرّضتُ له من سجن لم يكن إلا لأنّ الأجهزة التي تضايقتْ من «دومانْ» كانت تبحث لها عن صيغة لمنعها وقتل تجربتها».. عاش علي لمرابط -وهو خلف القضبان- تجربة الإضراب عن الطعام، الذي استمر لأسابيع تعرّضتْ فيها صحته للتدهور بشكل كبير. ولعلّ هذه واحدة من الصيّغ التي دفعت الملك محمد السادس إلى إصدار عفو ملكيّ سيشمله في 2004، كما شمل الإسلاميّ حكيمي بلقاسم، والحقوقيَّ رشيد الشريعي، والصحراويّ سالم التامك. علي لمرابط اليوم «مهاجر سري»، اختار أن يعود إلى عالم الصحافة من خلال جريدة إلكترونية «دومان أونلاين»، التي تمنحه هامشا للتعبير عن وجهات نظره في ما تعيشه المملكة، ويحلم على المرابط بالعودة من أجل تجربة أخرى، يقول مقربون منه إنها ستكون بعنوان «أبري دومان» (بعد غد)... لكنْ في انتظار ذلك، ما يزال لمرابط يصنَّف من ضمن «المغضوب عليهم». علي لمرابط
صحافية تدافع عن الحريات الفردية لم تكن زينب الغزوي لتشكّل اليوم واحدة من المغضوب عليهم، وهي ما تزال صحافية مغمورة في أكثرَ من جريدة مغربية باللغة الفرنسية، لولا حكاية «الإفطار العلني في رمضان»، والتي كانت من أكبر المتحمّسين لهذه الخطوة حينما شرعت، رفقة زملائها، في الأكل في محطة القطار.. منذ ذلك اليوم سنكتشف أن الغزوي، التي تحمل الجنسية المغربية والفرنسية، هي رئيسة جمعية أطلق عليها «مالي» وتعنى ب«حماية الحريّات الفردية». ستغادر زينب الغزوي المغرب وتجاربَها الإعلامية بعد أن اشتدّ عليها الخناق حينما ستضع بدها في يد علي عمّار، صاحب «سوء الفهم الكبير»، لتجد عملا في جريدة «شارلي ايبدو»، الجريدة الفرنسية التي نشرت رسومات مسيئة إلى النبي محمد، صلى الله عليه وسلم. تقول الغزوي، دفاعا عن الجريدة التي نشرت الرسوم: «إننا صحافيون، ومن حقنا ذلك، خصوصا أنّ الجريدة تنشر الأخبار المرتبطة بالحدث»، حيث اعتبرت أنّ الرسوم الخاصة بالرسول (صلعم) تدخل في هذا الإطار. وحول تداعيات الرسوم، وقبل ذلك الفيلم المسيء إلى لرسول، تُحمّل الغزوي المسؤولية لمن قاموا بتلك الأعمال وليس للصحافيين، «لأنّ على الدولة أن تقوم بمهامها لا أن يقوم بتلك المهام الصحافيون». وحول جرأة الرسوم التي صوّرت الرسول وأظهرت أعضاءه، قالت زينب الغزوي: «إن هذا هو الخط التحريري لشارلي إيبدو»، قبل أن تضيف أن الجريدة الساخرة سبق أن نشرت رسوما للبابا وللرئيس ساركوزي.. وظلت الغزوي من أشدّ المدافعين عن نشر الرسوم، مؤكدة أن «القانون الفرنسي لا يعاقب على الكُفر». وتقدّم زينب الغزوي نفسَها على أنها «مسلمة، لكنْ لن أسمح لفئة قليلة من أصحاب اللحي بالحديث باسم مليار ونصف مليار مسلم مثلي، لأنني أنا من ثقافة مسلمة ولو أنني مُلحدة».. واعترفت زينب الغزوي بأنّ نشر الرسوم رَفع من مبيعات «شارلي إيبدو»، رغم أنّ الهدف، في البداية، لم يكن هو الرفع من المبيعات. لا تشعر الغزوي بالخوف من خصومها، وتؤكد: «لستُ خائفة من أصحاب اللحي، فقد تتطور الأمور، وآنذاك قد أعيش تحت حماية أمنية، أنا امرأة عربية -أمازيغية، لكني محسوبة على المسلمين». إنها زينب الغزوي، الصحافية التي تزعّمت الإفطار العلنيَّ في رمضان واعتبرته «حرية شخصية».. زينب الغزوي
الوجه الآخر للجوء الرياضي في نهاية ثمانينيات وبداية التسعينيات القرن الماضي، كان محمد الجامعي يرأس فريق «أجاكس القنيطري» لكرة القدم المصغرة، ويقود بعثات المنتخب المغربيّ في أغلب الرحلات القارية والعالمية. ولأنه من رواد كرة القدم المصغرة في بلادنا، فإنه سقط في كمين أعداء النجاح وقضى آخرَ أيامه خلف أسوار السجن المدنيّ في القنيطرة، قبل أن يستفيد من عفو ملكيّ، بعد عشرة شهور خلف القضبان، ويقرر بعدها «اللجوء الرياضيَّ» إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، في أول بادرة سياسية يقوم بها مسؤول رياضيّ. أصل النكبة انتقال المسيّر القنيطري من المحلية إلى العالمية.. حيث انتُخب نائبا لرئيس الاتحاد العالمي لكرة القدم المصغَّرة، أو ما يعرف ب«فيفوزا»، وهو ما دفع عضوا من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى نصب كمين للجامعيّ حوّله إلى متهم باستغلال أسفار الفريق الوطني وناديه القنيطري في تهجير الشباب إلى الخارج. في زنزانته كتب «النهيضة» مذكراته، التي كشف فيها أسماء المتآمرين. وحين غادر المعتقل، خطط للجوء «بعيدا عن رجالات يحميهم العسكر»، خوفا من مؤامرات آتية، لا ريب فيها. قال الجامعي إنه قرّر الرحيل خوفا على مستقبل أسرته الصغيرة وكي لا يشارك في «تشييع جنازة» معشوقته «أجاكس القنيطري»، والتي خرج من رحمها «أجاكس ميامي» في المهجر، بعيدا عن الكرام واللئام.. اختار الرجل السفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لإيمانه بقضيته ورغبته في الدفاع عن حقه المشروع في ممارسة الكرة بحُرية، كما يرمز إليها تمثال الحرية في نيويورك.. شاءت الصدف أن يُحرَم الرجل من أمرين وهو في مُعتقَل الأسر ومعتقَل المهجر: وفاة والدته، التي فقدت بصرها من شدة البكاء، ووفاة الحسن الثاني، الذي بكاه بحرقة وهو في الزنزانة. محمد الجامعي