صُنفت مجلة «لوجورنال» خلال العشر سنوات الأولى من نشأتها في خانة الصحافة المستقلة، المدافعة عن التوجه الديمقراطي المناهض لكل ما هو مخزني في المغرب. كما لعبت أدوارا مهمة إبان بداية العهد الجديد. ومع صدور كتاب «محمد السادس : سوء الفهم الكبير»، لأحد مؤسسي المجلة، الصحافي علي عمار، تم الكشف عن أسرار ومناطق ظل كان يجتمع فيها مؤسسو المجلة مع رموز دار المخزن ورجالات العهد الجديد. «المساء» تكشف أسرارا تنشر لأول مرة، من خلال سلسلة من الحوارات مع فعاليات ساهمت في تأسيس التجربة، وتعيد تجميع عناصر القصة الكاملة لمجلة اسمها «لوجورنال». إليكم التفاصيل... - أنجزتم أيضا حوارا مطولا مع مليكة أوفقير، ابنة الجنرال أوفقير. وهو الحوار الذي أجري في فترة حكم الحسن الثاني حين كان اسم أوفقير ممنوعا من التداول في وسائل الإعلام المغربية.. > بالفعل، لم يكن لدي أي مشكل في محاورتها؛ فقد أجريت معها الحوار بشكل عادي، تماما كما يحدث في أي حوار من الحوارات التي كنت أنجزها. وقد تم اللقاء من أجل إجرائه في فندق بالعاصمة باريس. لكن غير العادي كان هو أنني حين اتصلت بمسؤولة في قسم الإعلام والتواصل بدار النشر «غراسيي» بهذا الخصوص، استغربَت ذلك وأجابتني مبتسمة بأن صحافيين مغاربة من أسبوعية «ماروك إيبدو» المغربية كانوا قد أنهوا، بدورهم، كل الترتيبات لإجراء حوار مع مليكة أوفقير، لكنهم تراجعوا في آخر لحظة لأسباب لم يكشفوا عنها. للأسف.. هذا هو نوع الصحافة التي أرفضها. - ألم تتخوف من ردود فعل قوية للنظام داخل المغرب بسبب إجرائك الحوار معها؟ > أنظر، للنظام الحق في الانزعاج والقلق، كما من حقي أيضا أن أختار محاوري متى أردت وفي أي وقت شئت. الذين لهم الحق فقط في مساءلتي ومحاسبتي بخصوص عملي الصحافي هم قرائي. - وماذا عن أبو بكر الجامعي، هل اعترض على نشر اسم مليكة أوفقير على غلاف المجلة؟ > عندما أطلعتهم على نص أول حوار مع مليكة أوفقير، كان منتظرا أن يتم نشره خلال الأسبوع الموالي، لكن علي عمار أراد نشره في حينه، وجرى، حسبه، نقاش حاد حول الموضوع بينه وبين أبوبكر الجامعي الذي كان يتابع وقتذاك دراسته في إنجلترا. ووفق ما أسر لي به عمار، فإن الجامعي رفض أن يتم نشر اسم أوفقير، في حياة الملك الحسن الثاني، على صدر غلاف «لوجورنال»، قائلا إنه «لم يسبق لأي أحد أن قام بذلك منذ إعدام الجنرال أوفقير». علمت فيما بعد بأن عمار قال للجامعي: «وماذا تريدنا أن ننشر.. حوارا مع كونفيتير مليكة؟». غير أن حواري نشر في نفس الأسبوع ليتصدر اسم الجنرال أوفقير الواجهة، مما يعني أن بوبكر الجامعي سمح بعدها بنشر الحوار الأول من نوعه على صدر الأسبوعية. - في هذه الفترة بالذات، هل كانت هناك علاقة بين صحافيي «لوجورنال» ورجالات المخزن؟ > أنا لم ألتق يوما بفؤاد عالي الهمة، ولم أر يوما محمد منير الماجيدي، كما لم يسبق لي أن التقيت أو تحدثت إلى أندريه أزولاي.. وذلك إلى حدود اليوم. مسؤولان مقربان من النظام حدث أن التقيت بهما هما حسن أوريد، الذي كان جاري وصديقي وأيضا زميلي في السلك الديبلوماسي، قبل أن يعين ناطقا رسميا باسم القصر. ومازلت أتذكر بحنين عطل نهايات الأسبوع لتلك الفترة، حيث كنا نذهب أنا وحسن أوريد لنتناول «الحرشة» في محل شعبي قرب محطة القطار بالرباط. وأنا من استدعاه قبل تعيينه بالقصر ليقترح عليه، باسم أبو بكر الجامعي، أن يساهم معنا في «لوجورنال» بكتابة عمود له. لكن بعدما عين ناطقا رسميا باسم القصر الملكي، لم تعد تربطني به أية علاقة، لأنني كتبت، في أحد الأيام، مقالا عاديا حول زيارة محمد السادس للريف، فاستدعى حسن أوريد وأزولاي إلى القصر الملكي بوبكر الجامعي، وقال أوريد للجامعي، حسب هذا الأخير، وهو في حالة شديدة من الغضب: «أنا غسلت يدي من علي المرابط». - ومتى التقيت الجنرال حميدو لعنيكري حينما كان على رأس جهاز الاستخبارات المغربية؟.. لعنيكري الذي يقال إنك تشاجرت معه أيضا.. أليس كذلك؟ > المرة الأولى التي صادفته فيها كانت في فندق «روايال منصور» بالدارالبيضاء وكان برفقة محمد السلهامي، مدير أسبوعية «ماروك إيبدو».. قدمه إلي هذا الأخير ورمى الجنرال حميدو لعنيكري في وجهي بجملة قال فيها: «أهلا علي المرابط، الماركسي اللينيني المفضل لدي». وأنا، في الحقيقة، كنت أومن ببعض الإيديولوجيات إلا الماركسية اللينينية. فقلت في نفسي: إذا كانت المخابرات المغربية تملك معلومات خاطئة عنا مثل هذه، فللأسف «مشات هاذ المخابرات للهاوية». - ومتى تشاجرت معه؟ > تلك قصة أخرى وقعت لي معه.. لا علاقة لها بقصة «لوجورنال»، وقد حدثت لي بصفتي مديرا لأسبوعية «دومان» الأولى التي منعها ل«المناضل الاتحادي الأكبر» السي عبد الرحمان اليوسفي سنة 1999. - هل من مانع من أن تروي لنا قصة شجارك مع العنيكري؟ > كانوا قد اعتقلوا مديرة القسم التجاري لأسبوعية «دومان» لساعات بمطار محمد الخامس، حيث كانت متوجهة إلى باريس لزيارة أهلها.. قاموا بتفتيشها بشكل دقيق، حيث جردوها من جميع ملابسها داخل المطار، لأنهم شكوا في كونها ستقوم بإخراج شريط سجلت عليه صور للنقطة الثالثة (PF3) في الرباط يعتقد أن رأس المهدي بنبركة، الزعيم اليساري المغتال، مدفون بها. وكنت قد ساعدت الصحافي الفرنسي بالقناة الفرنسية الثالثة، جوزيف تيال، في إجراء تحقيق في الموضوع. جوزيف تيال، غادر المغرب عبر مطار الرباط، وقاموا بتفتيشه فلم يجدوا الشريط معه، لأنه كان قد تركه في المغرب. والآن، يمكن أن أكشف للقراء أن من قام بإخراج التسجيل من المغرب هو فريق يضم مراسلين فرنسيين تابعين للقناة الفرنسية الأولى (TF1) حينما أنجزوا روبورطاجا عن كأس الحسن الثاني لكرة القدم الذي كانت تحتضنه مدينة الدارالبيضاء.