ينذر الكثير من الناس حياتهم من أجل تحصيل لقمة عيش أصبحت صعبة على ذوي الدخل المحدود، مما يجعلهم يطلقون العنان لأحلامهم التي تبنى بها شقة لا تتجاوز مساحتها 57 مترا، وسيارة اقتصادية ترحم من دخان وزحمة الحافلات المتهرئة. إنها أحلام نساء عاملات، فرض عليهن غلاء المعيشة و انخفاض الأجور التي قد لا تتجاوز الحد الأدنى، اللجوء إلى أقرب بنك في الحي، ليس من أجل اقتناء شقة أو سيارة بل لطلب قرض، عله يساعد في إتمام ما عجزت الأجرة الهزيلة أن تتممه (تكاليف الدخول المدرسي، مصاريف مريض بالمستشفى، شراء أضحية العيد، مساعدة الوالدين أو أداء دين آخر......). لكن يكتشفن بعد فوات الأوان أن هذا القرض تحول بمرور الأيام الى كابوس يقض المضاجع. «المساء» ترصد من خلال الربورتاج التالي محنة عاملات مع فوائد قروض بسيطة لا تنتهي، إلا بتخريبها للبيوت. هن نساء يسترقن لحظة فرح غير دائم حين حصولهن على قرض يفك ضائقتهن. لكن هذه الضائقة سرعان ما تتزايد، بسبب نسبة الأرباح المرتفعة التي تفرض على طالب القروض، مما يجعلهن رهينة دين لا ينتهي أحيانا، إلا بطلاق الواحدة منهن، خاصة في حالة عدم إخبار الزوج أو الهرب إلى وجهة مجهولة، ومنهن من اختارت الخلاص والانتحار، هربا من الملاحقة اليومية لوكلاء السلف الصغرى. تهديد بالسجن توصلت الجريدة عبر بريدها الإلكتروني بنداء عائشة من البيضاء، تستنجد بذوي القلوب الرحيمة، لإنقاذها مما قد طال ابنها المهدد باعتقاله وسجنه، إذا لم يؤدي أقساط السلف الاستهلاكي المتراكمة عليه قبل مرور 48 ساعة ، وجاء في نص الرسالة: «ساعدوني لحماية ابني من الضياع، هذا الأخير كان يعيلني وأخوه الصغير، وقد تراكمت علينا الديون واشتدت ضائقتنا المالية، مما جعله يحصل على قرض بقيمة 5 ملايين من مؤسسة بنكية للقروض الصغرى، لكن أصيب بمرض الكليتين و»السياتيك»، فلم يعد قادرا على العمل منذ سنة، والآن أنا مكلومة في ابني الذي قد يتعرض للسجن، بعدما تلقينا إنذارا يفيد تعرض ابني المريض للإكراه البدني في حالة عدم سداده للفوائد المتراكمة عليه من القرض في ظرف 48 ساعة» انتحرت لتتخلص من الأقساط لا يمكن لساكنة مدينة مكناس أن تنسى الحادث الذي راحت ضحيته سيدة في مقتبل عمرها، حيث اختارت وضع حد لحياتها على أن تبقى رهينة الخوف الذي زرع فيها من قبل مستخدمي إحدى مؤسسات القروض الصغرى. فقد قترضت هذه السيدة لفك ضائقتها المادية، لتجد نفسها رهينة لأقساط لا تعد ولا تحصى، ومطاردات مستخدمي المؤسسة البنكية، الذين لا يتورعون عن تخويفها واستغلال جهلها بالقوانين، لتهديدها بالسجن في حالة امتناعها عن أداء ما بذمتها من ديون، والتي جعلتها مطلوبة لديهم، وكأنها سارقة ولصة في عيون جيرانها والمحيطين بها وخاصة أسرتها، التي تبرأت من عملها وتأخرت عن مساعدتها وإنقاذها من مأساتها التي ساهمت في يأسها، فاتخذت قرار الخلاص من حياتها، لتصبح بذلك ضحية قرض استهلاكي، تم استغلاله فقط في اقتناء الأثاث ومستلزمات البيت. طلاق بسبب قرض بمائة ألف ريال بكلمات متقاطعة وحمرة غلبت على وجنتيها، عبرت فاطمة، البالغة من العمر أربعين سنة، عن حسرتها بسبب ما لحقها جراء حصولها على قرض من أجل تأثيث بيتها، حيث عاقبها الزوج بالطلاق، بعد علمه بما أقدمت عليه خفية عنه. تقول فاطمة: «اقترضت 100 ألف ريال، وكلفني ذلك مليون وأربعين ألف ريال، استخدمتها في تجديد أثاث البيت، لكن وجدت نفسي مكبلة اليدين، بقرض لم يسعفني الحظ لاسترداد فوائده التي تصل إلى 60% والتي لم أعلم بها، إلا بعد عجزي عن أداء القسط الثالث، وعندها أخبرني أحد الموظفين، أن ما اقترضته سأعيده بضعفي قيمته. ذهلت لكن فات الأوان، خاصة أني لم أخبر زوجي بالأمر ، الشيء الذي جعله يستنكر فعلتي التي لم أحسب لها حساب، لأنني اعتقدت أن المسألة لا تعدو أن تكون مثل «دارت». لكن الأمر مختلف تماما، لأن الفوائد أرهقتني، خاصة وأن الأثاث الذي اشتريته لم يفدني بيعه في سداد الدين، ليصبح بيتي بدون أثاث مع فوائد إضافية وغير منتهية، والأسوأ من ذلك أن زوجي رفض تسديدها، خاصة وأنه يعاني من مرض مزمن يكلفه قسطا شهريا ليس باليسير، هكذا ضعت وضاع ابني البالغ من العمر 14 سنة، حيث أصبح مشردا بيني وبين والده الذي يرفض جل تدخلات الأهل من أجل العدول عن قرار التطليق. نفس المصير اصطدمت به ( م.ن) من البيضاء، والتي تعمل بائعة متجولة، تحكي كيف وقعت في شباك ديون مؤسسات القروض الصغرى بعد أن حصلت في البداية على مبلغ لا يتعدى 1000 درهم إلى أن وصل مبلغ القرض إلى 40.000 درهم، وعندها اضطرت إلى بيع أثاث بيتها، لسداد أقساط الديون بعد عجزها عن العمل بسبب خضوعها لعملية جراحية. تقول( م.ن): «دائما كيهددوني.. راه غادي نبيعو ليك حوايجك والدفة ديال باب الدار.. أوأناما عندي مايتباع..غير حيوط الكرا أنا فيهم...) ملفات أمام القضاء (س.ن) من مدينة القنيطرة، هي بدورها ضحية من ضحايا القروض الصغرى، حيث اقترضت لأول مرة مبلغ 1000 درهم، ثم وصل مبلغ الدين مع توالي السنوات إلى 15000 درهم أملا في تكوين رأسمال صغير، لكن مسعاها باء بالفشل بسبب مرضها المزمن، حيث استنزف العلاج جل المبلغ، وكنتيجة لذلك توقفت عن أداء أقساط الدين، خاصة وأنها مجرد خادمة وما تحصل عليه من أجر لا يكفي لسد رمقها وأطفالها الأربعة، وتغطية مصاريف الكراء والماء والكهرباء وتسديد أقساط الديون، وهو الأمر الذي وقف عليه القضاء بعد الدعوى التي رفعت ضدها من طرف مؤسسة للقروض الصغرى. أما (ف.ر) من مدينة مراكش، البالغة من العمر 45 سنة (زوجها عامل بناء ولديها 5 أبناء) فقد حصلت في البداية على مبلغ 1000 درهم قبل أن يتضاعف المبلغ ليصل إلى 18 مليون سنتيم، لفائدة المؤسسة البنكية التي اقترضت منها. طلبت فاطمة تسهيلات في الأداء وتخفيض في قيمة الأقساط، لكن المسؤولين عن الوكالة البنكية رفضوا طلبها، وطالبوا بالأداء الفوري للدين، مما اضطرها إلى رفع شكاية إلى القضاء للحد من تهديدات واستفزازات موظفي الوكالة البنكية. القروض ووهم المشاريع تتراوح قيمة القروض التي تمنح للنساء بين 500 درهم كأدنى مبلغ و 50 ألف درهم كحد أقصى، بنسبة فائدة تصل إلى12% مقارنة مع 8 % بالنسبة للقروض البنكية، وقد تصل نسبة الفائدة إلى 50% وذلك حسب المدة التي لا يمكن أن تتجاوز ثلاث سنوات، أو ما يسمى بالمدى المتوسط البعيد، مع العلم أن القرض الذي يمنح لأول مرة لا يمكن أن يتجاوز 3000 درهم. وفي ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وغلاء المعيشة وارتفاعها بشكل مستمر، وكذا سلسلة الاتفاقيات التي فرضت على المغرب انفتاحا تاما أغرق السوق المحلية بالسلع الأجنبية، يصعب الحديث عن إمكانية نجاح مشاريع نساء لا يملكن أدنى تكوين وخبرة بأحوال السوق وتغيراته...نساء اقترضن قروضا بسيطة لخلق مشاريع أبسط منها، فهل يمكنهن الصمود أمام الشركات الأجنبية والعملاقة التي تحتكم للمنافسة. الجواب هو أنه لا يمكن حتى التكهن بذلك على اعتبار أن هذه الأخيرة هي أول دعامة للنظام الرأسمالي مع عدم إغفال محدودية التسويق التي تبقى رهينة المنطقة، حيث توجد المشاريع النسائية التي غالبا ما يكون مصيرها الزوال، خاصة أمام ارتفاع نسبة الفائدة التي قد تفوق نسبة الأرباح، مما يجعل المقترضات ضحايا فوائد أقساط ديون لا تنتهي.
فيم توظف المغربيات القروض؟ يوظف جل الزبناء سلف القروض للاستهلاك، وخاصة النساء العاملات منهن، باعتبارهن الفئة التي يفرض عليها غلاء المعيشة وانخفاض الأجور الاقتراض لإتمام ما لم تستطع الأجرة الهزيلة أن تتممه (دفع تكاليف الدخول لمدرسي، مصاريف مريض بالمستشفى، شراء أضحية العيد، مساعدة الوالدين أو فك دين آخر.)، وكثيرة هن النساء اللواتي يقترضن دون علم أزواجهن، وعندما يتعذر عليهن الدفع يقعن فيما لا تحمد عقباه، فكم من زوجان انتهى بهما المطاف إلى الطلاق، وكم من أسرة تحطمت وانهارت، وكم من امرأة هربت إلى وجهة مجهولة أو انتحرت هروبا من المتابعة اليومية لوكلاء السلف الصغرى. رأي الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى أعلنت الفدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى مؤخرا٬ بأن قطاع القروض الصغرى سيمكن في أفق 2020 من خلق أو تمويل ما يعادل مليوني منصب شغل قار إضافي. وفي ذات السياق أوضح طارق السجلماسي، رئيس الفدرالية الوطنية للقروض الصغرى خلال تقديمه للإستراتيجية الوطنية للتمويلات الصغرى في إطار الملتقى الدولي الأول للتمويلات الصغرى المنعقد مؤخرا، بكون قطاع القروض الصغرى بالمغرب٬ بانبثاقه عن المجتمع المدني٬ وتدعيمه من طرف السلطات العمومية٬ والأبناك المغربية٬ والممولين الدوليين٬ أضحى القطاع الاقتصادي المفتاح للمملكة٬ والفاعل الرئيسي في محاربة الفقر من خلال الإدماج المالي وخلق مناصب الشغل. وأضاف أن التأثير الإيجابي لهذا القطاع أصبح واضحا من خلال منحه منذ إحداثه أكثر من 40 مليار درهم من القروض الصغرى التي استفاد منها 4.5 مليون شخص٬ فضلا عن إسهامه في توفير 6 آلاف منصب شغل مباشر ب»جمعيات القروض الصغرى»٬ وفي إحداث مقاولات صغرى ممولة بقروض صغرى لمستفيدين متعددين. وحسب الاستراتيجية الوطنية فإن قطاع القروض واصل استثماره في تعزيز إمكانياته٬ وتحديث هياكله من خلال رصد أكثر من 50 مليون درهم كاستثمار لسنتي 2012 و2013 في مشاريع تهدف إلى رفع ممارسات القطاع إلى مصاف أفضل المستويات الدولية٬ وكذا العمل على تجاوز الإكراهات التي مازالت تواجهه٬ لاسيما الإطار التنظيمي الذي لا يسمح بتعبئة الادخار الصغير. كما شددت الإستراتيجية على أن القطاع، مدعو إلى تطوير عروض مصاحبة للمقاولين الصغار، في إطار برامج حكومية مدعمة من طرف الدولة٬ وبتنسيق مع السياسات القطاعية (السياحة٬ الصناعة التقليدية...)٬ وتطوير العروض المنتجة (التأمينات الصغرى٬ وتحويل الأموال٬ والبطاقات مسبقة الدفع...). وأكدت على أن القطاع مطالب أيضا بتعزيز الحكامة في مجال التدبير والمراقبة٬ وكذا وسائل المراقبة الداخلية وتدبير المخاطر٬ ونشر شبكات التوزيع في كامل التراب الوطني مع الاستعانة خاصة بالتكنولوجيات الجديدة٬ وكذا توسيع نقط البيع المتحركة والشراكات٬ وتحسين الفعالية العملية للقطاع (الأنظمة المعلوماتية٬ الموارد البشرية ...). وارتكزت الاستراتيجية الوطنية للتمويلات الصغرى على 7 رافعات استراتيجية و48 مبادرة٬ سيتعين على جمعيات القروض الصغرى اعتمادها، لبلوغ الأهداف المرجوة٬ والمتمثلة أساسا في المناخ المؤسساتي والتنافسي٬ والتنظيم أو الإطار القانوني٬ وحكامة جمعيات القروض الصغرى٬ والنجاعة التشغيلية٬ ثم تطور العرض. محمد يونس: رجل الفقراء يرتكز إنجاز البروفيسور محمد يونس الحائز على جائزة نوبل للسلام على مجموعة من المحاور الفكرية الأساسية، التي يأتي في طليعتها نظرته النقدية لمؤشرات التنمية السائدة، ووضعه مؤشرات بديلة. وتنبني رؤيته على اعتبار القرض حق من حقوق الإنسان، ليمثل الركيزة الثانية في فكره، التي ينتقد فيها اعتماد نظام البنوك التجارية على إقصاء الفقراء من حق الحصول على القروض، باعتبار أن الفقراء لا يملكون الضمانات التي يقدمونها للبنوك، وهو الأمر الذي يعني انحياز البنوك لصالح تعزيز غنى الأغنياء، وتكريس فقر الفقراء، وهو ما دفعه لتأسيس بنكه الفريد على أساس ضمان رأس المال الاجتماعي المتمثل في «شبكات التساند والرقابة الاجتماعية والمتجسدة فيما يعرف بالمجموعة أو المركز». أما الركيزة الثالثة : التوظيف الذاتي للفقراء، ليساعدوا أنفسهم بوصفهم المحرك الأساسي لعجلة التنمية في أي مجتمع، وإخراجهم من حالة اليد السفلى» التي جعلتهم يدمنون تلقي الهبات، إلى حالة «اليد التي يحبها الله ورسوله» هو واجب تفرضه النظرة إلى الفقير باعتباره «إنسانا كامل الأهلية». الركيزة الرابعة: اعتباره أن المدخل لتحسين حال الأسر الفقيرة هو في تحسين أوضاع النساء فيها، وهو ما دعاه لإعادة اكتشافهن كقوة للعمل، وإعادة اكتشاف الأعمال المنزلية كأعمال مدرة للدخل لتحسن أوضاع الفقراء.
بنسعيد: هذه سبل حماية ضحايا القروض الصغرى من الاستغلال - ما طبيعة عقود الاقتراض التي تبرمها وكالات القروض الصغرى مع زبنائها؟ يتعلق الأمر بنوع من العقود الرضائية نظريا، على اعتبار أن المقترِض يملك الحق في مناقشة كافة بنود العقد، خاصة ما تعلق منها بنسبة الفائدة وعدد الأقساط ومجموع ما سيدفعه.. غير أن ما يقع عمليا هو أن المقترِض، وبالنظر إلى الوضعية الاجتماعية الصعبة التي يمر منها، لا يجد بُدّا من توقيع عقود هي عبارة عن نماذج منجَزة مسبقا من طرف الخبراء القانونيين للجمعية، وتتضمن بنودا وشروطا تحمي -في المقام الأول- مصالحَ وحقوق الجهة المُقرِضة، ذلك أنه بإطلالة بسيطة من طرف إنسان عاديّ ليست له دراية بالقانون على نماذج عقود السلف سيلاحظ غياب الإشارة إلى نسبة الفائدة وعدد الأقساط ومختلف البنود التي تمسّ الحقوق المالية للمقترِض، وكل هذه الملاحظات تجعل هذه العقود تتحول من عقود رضائية إلى عقود «إذعان». - هل يمكن وصف ذلك بالتدليس القانونيّ من قبل هذه المؤسسات على زبنائها البسطاء؟ لعل نوع النساء اللائي يلجأن إلى الاقتراض من هذه الجمعيات تجعل إمكانية تعرضهن للاستغلال ليست بالصعبة، ذلك أن غالبيتهن لا يتوفرن على مستوى ثقافي أو دراسي يؤهلهن إلى الكشف عن مختلف التلاعبات القانونية التي تتضمنها العقود، خاصة أمام قدرة أطر المؤسسات المُقرِضة على إقناع المقترِضات بجدوى القرض وسهولة أداء أقساطه، دون تمتيعهن بأهمّ حق من حقوقهن، وهو الحق في التبصير، أي إمدادهن بكافة المعطيات الخاصة بعقد السلف. أضف إلى ذلك أن النساء اللواتي يلجأن إلى الاستفادة من هذه السلفات يفعلن ذلك بشكل فرديّ ودون مساعدة من العائلة، حتى يمكنهن الاستفادة ممن له الخبرة والتجربة، بل تعمد النساء، في كثير من الحالات، إلى إبرام عقود سلف دون علم من هم أقرب منهنّ، كالأزواج مثلا، ليجدن أنفسهن ضحية مشاكل أسرية، قد لا تنتهي إلا بالعنف أو بالطلاق أو بالطرد من بيت الزوجية عند أداء أول قسط.. أضف إلى ذلك أن هؤلاء المقترِضات من المفروض أن يستفدن من تكوين في تحسين دخلهنّ، عبر استغلال قيمة القرض في مشروع ما، وهو من التزامات الجهة المقرضة حسب القانون المنظم لجمعيات السلف، إضافة إلى تتبع المُقترِض أثناء إنجازه مشروعه، غير أن ما نلاحظه عمليا هو أن غالبية المستفيدات يعمدن إلى تبديد قيمة القرض في أمور استهلاكية. - ما هي هي السبل القانونية لحماية النساء من تبعات القروض وملاحقات وكلاء المؤسسات البنكية؟ بداية، لا يمكن تصوّر الزج بسيدة في السجن فقط لأنها عجزت عن أداء أقساط دَين، ذلك أن مسطرة الإكراه البدنيّ غير ممكنة، طالما أن المغرب صادق على اتفاقية تمنع ذلك ودخلت حيز التطبيق منذ سنوات، أما ما يتعلق بكيفية مواجهة هذا التفقير الذي تتعرّض له النساء، فإنني أعتقد أن أفضل السبل هو انتظام هؤلاء النسوة في جمعيات لضحايا القروض الصغرى، للدفاع عن حقوقهن ومطالبة الدولة بالتدخل وإرجاع الأمور إلى نصابها وحمايتهن من الاستغلال المتوحش لهذه الجمعيات، خاصة أن من أهمّ ركائز هذه الأخيرة أنها «لا تستهدف تحقيق الربح» ولا يمكن أن تحل محل الأبناك.. وبالتالي فإنه من المنطقيّ والمعقول ألا تتجاوز نسبة الفائدة ما يتطلبه ملف القرض ومصاريف إنجازه وليس تحقيق الربح للجمعية، كما أن جمعيات حماية المستهلك مدعوة إلى لعب دور محوريّ في تسليط الضوء على قطاع يعرف استغلالا متوحشا لفئة عريضة من المجتمع لفائدة أشخاص يعَدّون على رؤوس الأصابع.. مع الإشارة إلى أن الدستور المغربي المصادَق عليه نصّ على ما أصبح يعرف ب»الأمن القضائيّ»، وفي حالتنا هذه، فإن القضاء المغربي مطالَب حين عرضه مثل هذه القضايا، بحماية أمن واستقرار الأسرة، عوض التمسك حرْفيّاً بمقتضيات عقود السلف، وذلك من خلال إعادة التوازن إلى العقد، أي المُوازَنة بين ما استفاد منه المقترِض وما عليه أن يدفعه من أقساط. محام في هيئة مكناس سعيد بنسعيد