دعت الفيدرالية الوطنية لجمعيات القروض الصغرى بالمغرب أعضاءها تفادي الدخول في المنافسة على أساس أن الهدف الأساسي للقروض الصغرى هو مساعدة المواطنين والدفع بعجلة التنمية" وذلك بعد اشتداد المنافسة بشكل قوي وشرس بين هذه الجمعيات التي وصل عددها إلى سبع جمعيات في مدينة ازيلال، تتنافس مع بعضها البعض.. وفي المقابل دفعت المنافسة بعض هذه الجمعيات إلى الابتعاد عن هدفها الأساسي لتقديم القروض الصغرى من اجل تحقيق الربح وذلك بتحولها لمؤسسات إصدار قروض الاستهلاك للمواطنين. أمنيات جميلة تحولت إلى كوابيس سوداء: في مدينة أزيلال حيث تسجل نسبة الفقر بمستويات عليا مقارنة بمدن أخرى من المغرب وصلت حسب آخر الإحصائيات الرسمية إلى 43 في المائة ،انتشرت في السنوات الأخيرة جمعيات ومؤسسات للقروض الصغرى فتحت أبوابها بالمدينة ،وفي بيئة كمدينة أزيلال كان طبيعيا أن يكون الإقبال كبيرا على هذه المؤسسات أملا في فتح آفاق جديدة لأسر فقيرة بأحياء هامشية كإيغير لمدن، وازلافن، وأليلي، وأزيلال القديم. الإقبال على مؤسسات القروض الصغرى والأمنيات باستثمارات خاصة دفع العديد من الأسر إلى الاقتراض من عدة مؤسسات ،وساهمت التسهيلات لدى المؤسسات المتنافسة فيما بينها في ظهور معاناة جديدة لدى فئة واسعة من المقترضين خاصة في صفوف النساء حيث سجلت حالات عديدة من حالات الطلاق والتفكك الأسري ،ربات بيوت كن يحلمن بالتخلص من العمل في المقاهي بأجر زهيد لا يتجاوز 300 درهم شهريا ،وأمهات كن يحلمن بأن يجلس أبناؤهن في المدارس بدل تشغيلهم في مهن وحرف عديدة مقابل دراهم معدودة وجدن أنفسهن بعد انجلاء بريق الحلم مهددات بالسجن أو في خضم مشاكل زوجية وعائلية لاحدود لها. "خديجة "شابة في أواخر العشرينات من عمرها حاولت مساعدة زوجها وتوفير استقرار مالي لأسرتها الصغيرة ،حيث تؤكد أنها اقترضت حوالي 25000 درهم من عدة جمعيات لفتح محل للملابس ، لكن توقعاتها كانت مخيبة لآمالها خاصة بعد فشل المشروع وأمام الركود الاقتصادي الذي تعرفه مدينة صغيرة كأزيلال ولا تستطيع خديجة اليوم تسديد أكثر من 10.000 درهم،خديجة اليوم تبكي وضعها الحالي الذي أصبحت معه مهددة كسيدات أخريات بالسجن ،أو الهروب من أزيلال وترك مصير أطفالهن للشارع . غياب التواصل والتنسيق "أمينة " 29 سنة متزوجة ولها ثلاثة أطفال، تؤكد أنها اقترضت "من سبع جمعيات حوالي 30.000 درهم بإذن زوجي بهدف التعاون معه ،وقمت بمشروع تربية المواشي حيث عملت على بيعها وتسديد أكثر من دفعتين"مشاكل أمينة بدأت عندما أحكمت مؤسسات القروض الصغرى الخناق وطالبتها بتسديد الدفعات المتبقية،وأكدت أن الأمور لم "تتوقف عند المؤسسات التي أقرضتني الأموال،بل حاول زوجي بعد أن تخلى عني مساعدتهم على الزج بي في السجن ،بعدما سحب مني دفتر الشيكات، وهو ماحكم علي وعلى أطفالي الصغار بالتشرد والضياع" . معاناة "فاطمة م "29 سنة أم لثلاثة أطفال،لا تختلف كثيرا عما تعانيه أمينة ،إذ اقترضت بدورها حوالي30.000 درهم قصد استثمارها في مشاريع كانت تعتقد أن مخادعة المؤسسات والجمعيات المانحة للقروض تكفي لاستلام الأموال التي تحتاجها،لم تكن تعلم أن ما يربطها من عقدة بجمعيات ومؤسسات القروض الصغرى يلزمها بإرجاع الأموال في آجال محددة بالإضافة إلى فوائد كبيرة ،فاطمة أصبحت تفكر اليوم في الهروب من أزيلال تجنبا للخيار الثاني الذي يعني تعريض أسرتها للتفكك وأطفالها للتشرد بعد دخولها طبعا للسجن . يقول "لحسن " 50 سنة أب ل10 أطفال ،انه اقترض مبلغ 3500 درهم من إحدى مؤسسات القروض الصغرى بازيلال ليشرع في تنمية مقاولته الصغيرة ، لكن أمله خاب عندما شرع في المشروع لان المبلغ الصغير غير كاف لاستمرار المشروع وضمان ربح ولو صغير لتسديد أقساط شهرية ،وأصيب بخيبة أمل ،وهجر مدينته وأسرته الصغيرة إلى وجهة غير معروفة ، وألان الأسرة تتخبط في الفقر والجوع والتشرد بعد غياب الزوج المعيل الوحيد . احد المقترضين يقول عندما فشلت في المشروع وتعرضت للإفلاس ،وصادفت ما لم يكن في الحسبان ،اضطررت مجبرا لاقتراض مبالغ أخرى من جمعيات أخرى لأجل انقاذ المشروع ،لكن الأمر زاد تعقيدا ، فان المؤسسات لاتترك فضاء واسعا حتى يتمكن المقترض من استغلال وقت لتنمية مشروعه حتى يكون مطالبا بإرجاع الاقتصاد ،علاوة على عدم تتبع المشاريع ، وكم من شخص يطلب مبلغا معقولا لإنجاح مشروعه حسب دراسته ، لكن لما ياخذ المبلغ يقول له أن المسؤولين قرروا أن يخفضوا من المبلغ المطلوب ، هنا لأيتمكن من انجاز المشروع وربما شرع فيه ، وبالتالي يفشل ويعجز عن التسديد ، وحسب المقترض يجب أن تتعامل المؤسسات المقرضة مع المقترضين بنوع من التسهيلات ولو بتقسيم ما في ذمتهم إلى أقساط يمكنهم تسديدها . ممثل إحدى مؤسسات القروض الصغرى بأزيلال أكد للعلم أن "المشكل يكمن في كون إقليم أزيلال معروف بالفقر المدقع الذي تعانيه الأسر مما يجعله هدفا لتوافد عدة مؤسسات للقروض الصغرى تنتهج طرقا الهدف منها تمويل مشاريع قد تكون وهمية ولا تقوم أغلب المؤسسات بتتبع هذه المشاريع "وأضاف نفس المصدر أن "جهل وأمية المستفيدين من القروض الصغرى بأزيلال وراء تفاقم مشاكل بالجملة بالإضافة إلى عدم تتبع مؤسسات القروض الصغرى للمشاريع التي تم تمويلها واستفادة أشخاص من عدة مؤسسات في آن واحد مما يجعل المستفيد يفكر في الهرب بدل تسديد ما عليه من ديون وفوائد للمؤسسات التي قدمت له قروضا."، وان اغلب الناس يعتقدون انه دعم أو منحة من الدولة مما يجعلهم لا يسددون مستحقاتهم الشهرية ، رغم أن بعض المؤسسات تقوم بعدةاجراءة تسهيلية للمقترضين . قطاع القروض الصغرى يعاني من مشاكل وبخصوص العوامل الخارجية ، هناك ارتباك في فهم الناس للقروض الصغرى والدعم ، ويجب معالجة هذا الارتباك بالتواصل مع المقترضين ، وكذا تعاون السلطات المحلية على المساعدة لاسترجاع متأخرات الديون لإنعاش دور القروض الصغرى وعدم إهمال الشكاوي التي تقدمها وكالات القروض الصغرى لاولئك الذين لايدفعون وبصورة عامة غياب تدخل الدولة في هذا المجال ، لعدم تسديد القروض في وقتها المناسب ، لان قطاع القروض الصغرى يعاني من عدة مشاكل ويجب تدخل عدة شركاء، كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والسلطات والمجتمع المدني لتأهيل المواطنين للدخولفي مشاريع تنموية.