وكالات سيطرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يومه الخميس، على الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار للاعتراف بفلسطين في حدود عام 1967 كدولة مراقبة، للتصويت عليه وسط ضغوط إسرائيلية وأمريكية لإلغاء الخطوة أو تأجيلها. ويأتي هذا المسعى الذي يعتبره الملاحظون «نقلة نوعية» تعيد الاعتبار للقانون الدولي كعنصر أساسي في مساعي السلام في المنطقة، ردا على «انسداد الأفق السياسي بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية وقف الاستيطان والاعتراف بالحدود المحتلة عام 1967»، كما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس. وكانت المساعي الفلسطينية قد أخفقت عام 2011 للانضمام للأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية بسبب اعتراض الولاياتالمتحدةالأمريكية بمجلس الأمن. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد خصصت عام 1977 يوم 29 نوفمبر من كل عام يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني في ذكرى قرار التقسيم الصادر عنها في عام 1947، حيث تصوت على مجموعة من القرارات لصالح الشعب الفلسطيني. ويعتقد الفلسطينيون أن غالبية أعضاء الجمعية العامة البالغ عددهم 193 دولة سيؤيدون الطلب الفلسطيني، وذلك استنادا إلى أن 133 دولة تعترف بالدولة الفلسطينية بالفعل. وقد أصر محمود عباس على الذهاب وقال: «بعد أخذ ورد وعراقيل ومعوقات وبعد نقاشات طويلة مريرة استمرت سنتين كان القرار النهائي أن نذهب إلى الأممالمتحدة، ونحن دولة تطبق عليها اتفاقية جنيف الرابعة». وقد ترسخت لدى القيادة الفلسطينية فكرة ضرورة التوجه إلى العالم الذي كان «محايدا « مرة أخرى للحصول على العضوية لدولة فلسطين بعد مسلسل الفشل المتكرر للمفاوضات التي وصفها الفلسطينيون ب»المريرة» وانهيار عملية السلام. أما الفلسطينيون فيعتبرون أن الوضع بأكمله دخل مرحلة خطيرة غير مسبوقة تهدد بشكل جديد وفي الأمد القريب حل الدولتين، وتفتح الباب أمام احتمال (قيام) «دولة عنصرية واحدة» بحيث تبقي إسرائيل احتلالها للأرض الفلسطينية وتمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967. ويرى الفلسطينيون أن المغزى السياسي من هذا التحرك هو» وجود دولة فلسطينية حتى ولو لم تكن كاملة العضوية في الاممالمتحدة وتعامل المجتمع الدولي معها سياسيا وقانونيا كشخص من اشخاص القانون الدولي بغض النظر عن نوع عضويتها. ونصت مسودة المشروع القرار الذي سيعرض للتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة والمتضمن لثمانية بنود على طلب «منح فلسطين وضع الدولة المراقبة في نظام الأممالمتحدة دون المساس بالحقوق المكتسبة والامتيازات ودور منظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني». وجاءت المسودة التي نشرتها وسائل الإعلام في 3 صفحات، وتمت صياغتها بعد مشاورات واسعة مع العديد من الدول، وهي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واستقلاله في دولته فلسطين على أساس حدود عام 1967. كما سيسمح الاعتراف للدولة الفلسطينية بمتابعة كافة القرارات التي صدرت من الأممالمتحدة والخاصة بحقوق شعبها، وبالذات تلك الخاصة بحق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين. وسيتم «جر إسرائيل نحو احترام المواثيق الدولية للاعتراف وإخراجها من مقولة الأراضي المتنازع عليها''، كما صرح السفير الفلسطيني بالجزائر حسين عبد الخالق. وتعارض الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل الطلب الفلسطيني بشدة، واصفين إياه ب «الخطوة الأحادية الجانب»، وقالتا إنه لا يمكن التوصل إلى دولة مستقلة إلا عن طريق المفاوضات. وتعتمد كل من الدولتين على قوتها ونفوذها الاقتصادي والإعلامي. غير أن الفلسطينيين يعتبرون أن الحديث عن استئناف المفاوضات كمخرج من الوضع الراهن» إنما يؤدي إلى التغطية على ممارسات إسرائيل ونهجها الراهن، ولا مجال إلا بتدخل دولي فعال عبر مجلس الأمن الدولي وتوافق الرباعية الدولية لوضع أسس الحل وآلية تطبيقه وفق قرارات الشرعية الدولية». وقد وصلت معارضة إسرائيل الى حد تهديد وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان بتدمير السلطة الفلسطينية. كما قال المسؤول الإسرائيلي أثناء لقائه مع مبعوثة الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون إن التوجه للأمم المتحدة «سيقضي بشكل نهائي على جميع الفرص لاستئناف مفاوضات السلام». واقترحت وثيقة لوزارة الخارجية الإسرائيلية سربتها وسائل الإعلام الإطاحة بالرئيس محمود عباس في حال الموافقة على الطلب الذي تقدم به للأمم المتحدة. وتقول الوثيقة الداخلية للوزارة إن «هذا أحد الخيارات المطروحة» إذا لم تنجح جهود الردع، على الرغم من أن إسرائيل «يجب أن تتحمل العواقب». بينما كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن العقوبات التي يجري الإعداد لها إذا مضى الفلسطينيون في مشروعهم كتجميد تحويل قيمة الضرائب والرسوم التي تحصلها إسرائيل عن السلطة الفلسطينية، وخفض عدد تراخيص العمل للفلسطينيين في إسرائيل. كما تحدثت تقارير إعلامية عن جهود دبلوماسية إسرائيلية هدفها إقناع عدد ممكن من الدول «النوعية» للاعتراض على الخطوة الفلسطينية، أو على الأقل الامتناع عن التصويت، مشيرة إلى أن الاهتمام منصب على الدول الأوروبية التي تدور تكهنات بشأن مواقفها. وتتخوف إسرائيل من حصول الفلسطينيين على دعم الدول الأوربية في الأممالمتحدة، حيث كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن حكومة نتانياهو فشلت في إقناع دول مثل بريطانيا وألمانيا وايطاليا بعد الإشارات الايجابية من جانبها لصالح الفلسطينيين في انتظار طرح طلب العضوية. وكانت كل من فرنسا والنمسا واسبانيا قد أعلنت أنها ستصوت لصالح منح فلسطين صفة دولة مراقبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما دعت إيطاليا، في هذا السياق، على لسان وزير خارجيتها جوليو تيرسي إلى اتخاذ موقف أوروبي موحد حيال الطلب الفلسطيني، لنيل مكان العضو المراقب بالأممالمتحدة.