يجد المغاربة متعة كبيرة في متابعة التخاريف التي تجود بها جلسات مجلس النواب بغرفتيه، غرفة النوم وغرفة الراحة، فقد وجدت فيديوهات البرلمانيين تجاوبا كبيرا من المتلقي، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، فتعددت التعليقات الساخرة التي طالبت بالتعجيل بخلق قناة برلمانية قادرة على تحطيم الأرقام القياسية لمؤسسة «ماروك ميتري»، بنقل سيتكومات يومية مباشرة لممثلي الأمة وهم يمارسون التمثيل الحقيقي، ويسخرون من الأصوات التي منحت لهم من طرف ناخبين يصدقون الوعود المحشوة في خطب رنانة. لقد سئم المغاربة الأسئلة الروتينية التي يطالب فيها برلماني يعاني من التخمة بمحاربة الهشاشة أو تلك التي يدعو فيها نائب محترم، بلغة مبعثرة، وزير التربية الوطنية إلى مكافحة الهدر المدرسي..، وأصبح المواطن أكثر اهتماما بهوامش الجلسات البرلمانية التي لا تخلو من طرافة ومن ملاسنات تسخن الطرح وتضفي جدية على المشهد النيابي. منذ نشأة البرلمان، ظل هذا الفضاء التشريعي مجرد باحة استراحة لكثير من النواب، بل إن الكثير منهم لم يجد إحراجا وهو ينزع حذاءه ويسترخي على قفاه، داعيا زميله إلى إشعاره بموعد انتهاء الجلسة، لكن القضية تجاوزت حدود السهو وإغماض الجفون إلى الاستمتاع بتبادل الرسائل النصية، رغم وجود يافطة في مدخل القبة تطالب بوضع الهواتف خارج الخدمة، لكن سوء تأويلٍ تسرَّب للتحذير الكتابي فوضع كثير من النواب أنفسهم خارج الخدمة. ولعل المشهد الأكثر تبخيسا للمؤسسة التشريعية هو تلك اللقطة التلفزيونية التي يظهر فيها نائب «محترم» وهو يناقش مشروع المالية لسنة 2013 بطريقة جديدة، حيث لجأ إلى جهاز «آي باد» كان يتأبطه وشرع في الاستمتاع بلعبة «سوليتير»، أي «الكارطة» الإلكترونية، وحين سيعود الرجل إلى دائرته سيجمع أتباعه ليحدثهم عن ثغرات قانون المالية وعن نضاله من أجل تعديل فصوله. للأمانة، فهذا الرجل يلعب على المكشوف، وهو أفضل من عشرات النواب الذين يلعبون في الخفاء، ويظهرون نباهتهم في الجلسات العمومية كالتلاميذ النجباء. لكن لعبة الورق أهون من السكر العلني داخل قبة البرلمان، إذ إن بعض النواب لا يدخلون الغرفتين إلا وهم سكارى، لذا يحرصون على الصمت كي لا تنكشف أحوالهم فيصبحوا على فعلتهم نادمين، ويصدق اسم «بار لمان» الذي لطالما ارتبط بهذه المؤسسة، في استهانة واستخفاف بالعمل التشريعي الذي يتطلب اليقظة، كي لا ينطبق عليه قول الملك الحسن الثاني حين وصفه بالسيرك، رجاء لا تقربوا البرلمان وأنتم سكارى. لم تسلم اجتماعات الفرق البرلمانية من الهرج والمرج، ولم تعد تختلف عن اجتماعات الفرق الرياضية، مع اختلاف بسيط يكمن في عدم حضور الجمهور، إذ تحولت آخر اجتماعات الفريق النيابي لحزب الاستقلال إلى معركةٍ، تبادل فيها الاستقلاليون ما تيسر من شتائم واتهامات كادت تنتهي بكارثة لولا تدخل حميد شباط الذي زاده صداع البرلمانيين ألما وهو الذي يعاني من وجع في الأسنان. ولم تكن في حركة الحركيين بركة، بل معركة، بعد أن تبادل عبد القادر تاتو، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، وزميله في الحزب عبد الحق شفيق الضرب واللكم والآهات، بسبب رغبة في تقليص السن القانوني للشبيبة الحركية حتى تتحرك مصالح الزعامة بسلاسة. لهذه الاعتبارات وتلك، قررت حكومة بنكيران مكافأة هذه الكائنات البرمائية بزيادة شهرية فوق 12 ألف درهم فقط لا غير.