استبعاد شخصيات ريفية من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال يثير الجدل    سعر صرف الدرهم يستقر مقابل الأورو ويتراجع مقابل الدولار    تصفيات "كان" 2025.. نفاذ تذاكر مباراة المغرب وإفريقيا الوسطى بعد يوم من طرحها    الآلاف يخرجون في مسيرة في الرباط تضامنا مع غزة وبيروت    قرار العدل الأوروبية.. البرتغال تؤكد على الشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب    غوتيريش يدعو إلى وقف "سفك الدماء" في غزة ولبنان    أنفوغرافيك | بالأرقام .. كيف هو حال إقتصاد غزة في الذكرى الأولى ل "طوفان الأقصى" ؟    المغرب يحاصر هجرة ممرضيّه إلى كندا حماية لقطاعه الصحي    انتخابات رئاسية باهتة في تونس يغيب عنها التنافس    نتانياهو يصف دعوة ماكرون للتوقف عن مد إسرائيل بالأسلحة "بالمخزية والعار    إنطلاق أكبر مسيرة وطنية في الرباط دعما لفلسطين ولبنان في الذكرى الأولى للسابع من اكتوبر (فيديو)    الجزائر تكشف تورطها في ملف الصحراء بدعم قرار محكمة العدل الأوروبية ضد المغرب    صدمة في البرنابيو.. كارفاخال يعاني من إصابة مروعة        ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس بالجديدة نهائي النسخة ال7 من الجائزة الكبرى للملك محمد السادس للتبوريدة    منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة…أسعار الغذاء تسجل أعلى زيادة شهرية    طقس الأحد.. زخات رعدية ببعض مناطق المملكة        افتتاح المسبح المغطى السومي أولمبي بتاوريرت    أمام "سكوت" القانون.. "طروتينيط" تغزو شوارع الحسيمة    الجامعة المغربية لحقوق المستهلك…تأكد صحة وثيقة تلوث مياه "عين أطلس"    23 قتيلا في غارات اسرائيلية على لبنان    التونسيون يصوتون في انتخابات الرئاسة وأبرز منافسي سعيد في السجن    جولة المفاجآت.. الكبار يسقطون تباعا وسطاد المغربي يتصدر الترتيب    معرض الفرس الدولي في نسخته 15.. غاب عن فعالياته رواق وعروض ال DGSN    ترامب يعود لمكان محاولة اغتياله: "لن أستسلم أبداً"    انطلاق برنامج الحملات الطبية المصغرة لفائدة الساكنة القروية بإقليم إفران    أمن طنجة يحقق مع سيدة هددت شابة بنشر فيديوهات جنسية لها    بين أعالي الجبال وقلب الصحراء .. تفاصيل رحلة مدهشة من فاس إلى العيون    مضيان يقود لائحة كبار المغادرين لقيادة حزب الاستقلال وأدمينو أبرز الملتحقين    التعادل يحسم مباراة الحسنية والوداد    عودة ليزلي إلى الساحة الموسيقية بعد 11 عامًا من الانقطاع    رغم تراجعه عن مطالبته بوقف تسليح إسرائيل.. نتنياهو يهاجم ماكرون: سننتصر معك أو من دونك وعارك سيستمر لوقت طويل (فيديو)    هكذا علقت هولندا على قرار المحكمة الأوروبية وعلاقتها بالمغرب    منتخب U20 يواجه فرنسا وديا استعدادا لدوري اتحاد شمال إفريقيا    "أندلسيات طنجة" يراهن على تعزيز التقارب الحضاري والثقافي بين الضفتين في أفق مونديال 2030    ENSAH.. الباحث إلياس أشوخي يناقش أطروحته للدكتوراه حول التلوث في البيئة البحرية    إنزال كبير لطلبة كليات الطب بالرباط في سياق الإضرابات المتواصلة -فيديو-    وفاة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي عن 81 عاما    مصدر ل"برلمان.كوم": المغرب يواصل تنويع شراكاته ويمدد اتفاقية الصيد مع روسيا.. وقرار العدل الأوروبية عزلها دوليا    الفنانة المغربية نعيمة المشرقي تغادرنا إلى دار البقاء    في عمر ال81 سنة…الممثلة نعيمة المشرقي تغادر الحياة    وفاة الممثلة القديرة نعيمة المشرقي بعد مسار فني حافل بالعطاء    معاناة 40 بالمائة من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050 (دراسة)            من قرية تامري شمال أكادير.. موطن "الموز البلدي" الذي يتميز بحلاوته وبسعره المنخفض نسبيا (صور)    دراسة تكشف معاناة 40 % من أطفال العالم من قصر النظر بحلول 2050    قافلة المقاول الذاتي تصل الى اقليم الحسيمة    مهنيون يرممون نقص الثروات السمكية    تسجيل حالة إصابة جديدة ب"كوفيد-19″        وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التبغ .. أسرار «تجارة» مثيرة للجدل
رغم إجماع السياسيين على أضراره الاقتصادية والاجتماعية إلا أنه يزود خزينة الدولة ب11 مليار درهم
نشر في المساء يوم 16 - 11 - 2012

خلال الجلسة البرلمانية التي انعقدت في ال14 من يناير سنة 2003 تمت مناقشة مشروع القانون المتعلق بنظام التبغ الخام والمصنع،
وتمت المصادقة عليه بموافقة 63 نائبا ومعارضة 41، كان أغلبهم من العدالة والتنمية.. خلال تلك الجلسة أشارت مختلف الفرق البرلمانية إلى الأضرار الجسيمة للتبغ على الصحة وإلى العواقب الاقتصادية والاجتماعية لاستهلاك هذا المنتوج، داعية إلى عدم التعامل معه كأي منتوج استهلاكيّ عادي.
وأبرزت التدخلات أن تحرير قطاع التبغ وخوصصته سيؤديان إلى انخفاض أثمان السجائر، ومن ثم ارتفاع استهلاكه، مشددة على ضرورة أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها في تقوية نظام المراقبة والحماية الصحية في هذا الشأن.
اليوم، وبعد مرور تسع سنوات على إقرار هذا القانون، وبعد أن أصبح العدالة والتنمية في الحكومة، عاد النقاش مجددا حول القوانين المنظمة لتجارة التبغ في المغرب، تجد حكومة بنكيران نفسَها أمام مجموعة من الالتزامات تجاه هذا النوع من التجارة، بِغضّ النظر عن الموقف الأخلاقيّ للحزب الذي يقود الحكومة من هذا النوع من «التجارة». في هذا التحقيق سنكشف مختلف الجوانب المحيطة بهذه التجارة ومختلف التعديلات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2013 ومدى قدرته على إنهاء الاحتكار ودخول فاعلين جدد إلى السوق الوطنية.
التبغ في قانون مالية 2013
كشف مشروع قانون المالية مجموعة من الإجراءات الضريبية التي اقترحتها الحكومة من أجل إصلاح نظام تضريب التبغ، في محاولة منها رفعَ العائدات الضريبية من 11 مليار درهم إلى ما يقارب 12 ملياراً، أي بزيادة مليار درهم خلال الثلاث السنوات القادمة. وينص المشروع على أن إصلاح نظام تضريب التبغ المصنع يشكل شرطا مسبقا للتحرير، في أفق إقرار المنافسة بين الفاعلين في هذا القطاع.
هموم المهنيين
يسجل المهنيون وجود مجموعة مما اعتبروه تشوهات على مستوى المنافسة الحرة داخل القطاع، ويطالبون في هذا الإطار بضرورة تصحيح التّفاوتات في مجال الولوج إلى السوق وبإلغاء الريع غير المستحَقّ الذي تستفيد منه إحدى المقاولات الخاصة وكذا بتفعيل الإنصاف التّجاري وحرّية التنافس، بإنهاء الاحتكار الناتج عن السّعر الأدنى. وشدد المهنيون على أنه، وبمقتضى الفصل ال35 من الدّستور وتوصيات مجلس المنافسة، يُعتبر السّعر الأدنى (المتوسّط الحسابي للسّعر 27.53 درهم) ودفتر التّحمّلات اللوجيستيكي شروطا تمييزية بالنسبة إلى الوافدين الجدد، حيث يطالب المهنيون بضرورة إلغاء الاحتكار الحاصل على 80% من السوق، والذي يمنح امتيازا ماليا غيرَ مستحق لفائدة مقاولة خاصة دون أيّ مقابل مالي تستفيد منه مداخيل الدّولة، وهو ما يسمح -حسب خبراء القطاع- بإبقاء المداخيل الجبائية القطاعية في نفس المستوى برسم ميزانية 2013، وبجزء تكميلي من حوالي مليار في 2015.
كما أن تشجّيع الاستثمارات المباشرة الأجنبية في حال التّحرير الفعلي للقطاع، وإقرار تنافسية شريفة، سيساعد في تقدير ذات المصادر في خلق مناصب شغل وتحسين مداخيل بائعي التّبغ، وكذا تشجيع الاستثمار في أدوات الإنتاج و خلق قيمة مضافة للبلاد.
احتكار الخواص
يرى مجموعة من الخبراء الاقتصاديين أن قطاع التبغ يعرف وضعية شاذة بالمقارنة مع باقي دول العالم، ففي الوقت الذي تم إنهاء احتكار الدولة لهذا القطاع بموجب القانون 47.02 تم منحه لشركة خاصة تحتكر اليوم 83 في المائة من تجارة التبغ، فيما تحتكر 93 في المائة من التبغ الأسود، الأمر الذي يرى الخبراء أنه جعل المغربَ في وضعية اقتصادية صعبة بسبب تناقضه مع الاتفاقيات الدولية التي وقعتها المملكة مع الإتحاد الأوربي ومنظمة التجارة العالمية. وتعود أسباب هذه الوضعية -حسب المصادر ذاتها- إلى أن مديرية الخوصصة في وزارة المالية كانت ممثلة في المجلس الإداري للشركة الخاصة المشرفة على قطاع التبغ، فضلا على كون هذه المديرية تعتبر عضوا في مجلس المنافسة، ما أدى إلى استمرار وضعية الاحتكار.
كما أكد الخبراء أن هناك دواعيَّ جبائية وراء استمرار وضعية الاحتكار، على اعتبار أن الدولة كانت تتخوف من فتح السوق، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض الأثمنة وبالتالي سهولة الوصول إلى السيجارة من طرف فئات اجتماعية واسعة، كما أن هذا الإجراء يهدد بتراجع العائدات الضريبية للدولة من هذه التجارة. ومنذ سنة 2003 لم تستطع الدولة أن ترفع من الضرائب المفروضة على قطاع التبغ، حيث كان التخوف من تراجع الجبايات بسبب معطى التضريب على ثمن البيع، إذ إن الشركة المُحتكِرة كانت تطالب الدولة بالسماح لها برفع الأثمنة كلما طالبت الدولة بالزيادة في الضريبة، بسبب تخوف الدولة من كون ارتفاع أثمنة السجائر سيشجع السجائر المُهرَّبة، وهو ما جعل الدولة عاجزة لمدة تسع سنوات، إلى أن جاء قانون المالية لسنة 2012 ليرفع نسبة الضريبة على التبغ بنسبة 1.6 في المائة، التي لم يكن لها انعكاس على الأثمنة.
ورطة قانون المالية
يرى الخبراء أن الحكومة الحالية، وفي إطار بحثها عن مداخيل جبائية جديدة، اتجهت إلى قطاع التبغ، الذي يشكل رابعَ مورد جبائيّ، حيث يزود ميزانية الدولة ب11 مليار درهم سنويا، فكان التفكير في تأهيل القطاع، لكن الدولة اصطدمت بكون القطاع مازال محتكَراً من طرف شركة واحدة، في حين ليس هناك أي «منفذ» لدخول فاعلين جدد، بسبب الإطار القانونيّ المغلَق، خاصة تحديد الثمن الأدنى للبيع في 27 درهما بالنسبة إلى اللفاعلين الآخرين. في المقابل، تخلت الشركة الخاصة التي تحتكر القطاع اليوم عما يقارب 20 في المائة من مناصب الشغل في السنوات الأخيرة وأغلقت مجموعة من الوحدات الإنتاجية، خاصة في تطوان والدار البيضاء.
وقع المغرب مجموعة من الاتفاقيات مع الاتحاد الأروبي في إطار ما بات يعرف بسياسة الاندماج الاقتصادي، وإثر ذلك تهاطلت مجموعة من المراسلات من الاتحاد الأوربي إلى المغرب، تحثه على ضرورة احترام تعهداته بشأن التجارة، خاصة في قطاع التبغ، بسبب عدم التّقيّد بمبادئ الاتفاقات الثنائية والدّولية وبالقواعد والتوجهات الدّولية (الاتحاد الأوربي والوضع المتقدّم، الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة (GATT) المنظمة العالمية للتجارة (OMC). ومن أجل كل ذلك قامت الحكومة، من خلال قانون المالية لسنة 2013، بإعادة هيكلة القطاع جبائيا من أجل إنهاء الاحتكار وفتح القطاع على فاعلين جدد وخلق مناصب شغل جديدة.
تطور قطاع التبغ بالمغرب
في سنة 1906: اتفاقية «الجزيرة الخضراء» والأشكال الأولى للتدخّل الاقتصادي للحماية؛ كما تم إقرار امتياز الاستغلال وكذا تسليم الحقول الأولى للشركات الأجنبية. وتغطي هذه الامتيازات أيضا قطاع التّبغ، وتمّ منحها ل«ليون نيل».
فيما بعد، نقل «ليون نيل» حقوقه إلى «الشركة الدّولية للتدبير المشترك للتبغ بالمغرب»، وهي شركة تخضع للقانون الفرنسي؛
- 1931: توقيع اتّفاقية بين الدّولة و«الشركة الدّولية للتدبير المشترك للتبغ بالمغرب»؛
- 1932: ظهير 12 نونبر المتعلق بنظام التّبغ؛
- 1967: قرار الدّولة المغربية عدم تجديد الامتياز وإنشاء شركة التّبغ مجهولة الاسم؛
- 2002: تبنّت الدولة -بصفتها مساهمة- شكل شركة مجهولة الاسم في مجلس إدارة ومجلس مراقبة ل«شركة التّبغ»؛
- 2003: إعداد القطاع للخوصصة، حيث تم تغيير النظام الجبائيّ للشركة وإصدار قانون 46-02 لتدبير القطاع وتأطير أجندة تحريره، والذي ينصّ على تحرير القطاع وعلى الإنهاء الكلّيّ لاحتكار شركة التّبغ في 2008؛
- 2003: توقيع ملحق اتفاقية امتياز استغلال احتكار التبغ وتفويت 80% من الرّأسمال لمجموعة «ألطاديس»؛
- 2006: إصدار مرسوم قانون يعدّل ويتمّم قانون 46-02، المعدّل بقانون 40-05، الذي ينصّ على إعطاء المجموعة الإسبانية مهلة إضافية من ثلاث سنوات من أجل تحرير القطاع، الذي تم تحريره في فاتح يناير 2011 بدل 2008. وحددت المادة ال21 من قانون 46-02 السّعر الأدنى التّمييزيّ، كما تم -في نفس السنة- تفويت 20% من باقي الرأسمال لمجموعة «ألطاديس»؛
- 2008: شراء «ألطاديس» من طرف «إمبريال طوباكو»؛
-يناير 2011: تحرير القطاع في مختلف جوانب الإنتاج والاستيراد والتّوزيع، مع وصول فاعلين جديدَيْن:
-التّبغ الدّولي لليابان، وهي في المرتبة الثالثة عالميا، وتسوّق علامات «ونستون» و«كاميل»؛
-التّبغ البريطاني -الأمريكي، وهو في المرتبة الثانية عالميا، ويُسوّق علامة «دانهيل».
فضح وضعية القطاع
انتقد مجلس المنافسة مجموعة من الشروط المفروضة على الفاعلين الجدد في قطاع التبغ، ففي ما يخص إلزامية تكوين شبكة للتوزيع في مجموع التراب الوطني، يرى مجلس المنافسة أن هذا الشرط يشكل عائقا للولوج إلى السوق ومقيدا للمنافسة، حيث تكشف الشروط المرتبطة به ضرورة توقيع 10 عقود على الأقل في كل عمالة وإقليم والتوفر على أسطول من 40 شاحنة وعلى مركز رئيسيّ للتوزيع، على الأقل، في عاصمة جهة ما وعلى مركز أو مستودع في كل الجهات الأخرى.. ما يُفهَم منه أنه يجب، مسبقا، على كل فاعل يرغب في ولوج السوق تكوين شبكة تتشكل، على الأقل، من 840 مكتبا لبيع التبغ و16 مستودعا جهويا و40 شاحنة..
واعتبر المجلس أن هذه الشروط تبدو تعجيزية وصعبة التحقيق دفعة واحدة ومع بداية النشاط. هكذا، تشكل إلزامية التوفر على شبكة تغطي مجموع المملكة، مع الخصوصيات التي تم سردها، عبئا ماليا ضخما لا يمكن للمستثمرين الصغار والمتوسطين تحمله مع بدء ممارسة نشاطهم.
أما في ما يتعلق باعتماد السعر الأدنى فيرى مجلس المنافسة أن السعر الأدنى يشكل عائقا حقيقيا للولوج إلى السوق، حيث إن السعر الأدنى المفروض من طرف القانون الجاري به العمل يحرم الوافدين الجدد من الولوج إلى أصناف السعر الأقل من المتوسط الحسابيّ المحدّد، وبالتالي وأمام هذا الوضع ورغم فتح القطاع أمام المنافسة، تظل الفئة الأكثر أهمية داخل السوق (83 %) من احتكار «إمبريال طوباكو» وخارج نطاق المستثمرين المحتمَلين، وهو ما يفسر أن عرض المنافسين الجدد للفاعل التاريخي يتموقع فقط داخل الفئة الفاخرة.
أما بخصوص القيود اللوجستيكية واعتماد السعر الأدنى فقد خلص تقرير مجلس المنافسة إلى أن إلزام الوافدين الجدد بتكوين شبكة واسعة لا تقل على 840 مكتبَ بيع للتبغ والتوفر على ما لا يقل على 40 شاحنة وتزويد مكاتب البيع وتأمين وتيرة تزويد نصف شهرية، في الوقت الذي لا يمكنهم تسويق سوى السجائر التي تقع ضمن فئة السعر الأعلى، يشكل عائقا ثقيلا أمام المنافسة.
كما سجل المجلس أن الفاعلين الجدد لن يحظَوا، أمام ضيق السوق المفتوح، حقيقة في وجه المنافسة (17 %) وأمام طبيعة المنتوجات الفاخرة أيضا، بتسويق شامل لمنتوجاتهم، يُمكّنهم من تعويض التكاليف الناجمة عن المتطلبات التنظيمية المفروضة على مستوى البنية التحتية اللوجستية.
كما أن الوافدين الجدد مُلزَمون، أمام عدم توفرهم على إمكانية الولوج إلى الفئات الأخرى للأسعار، بتسويق منتوجاتهم الأعلى سعرا في المناطق النائية، رغم أن الطلب يتوجه في هذه المناطق نحو السجائر من المستوى المنخفض أو المتوسط بسبب القدرة الشرائية الضعيفة للمستهلكين.. وعلى سبيل المثال، لن يكون مُجديّاً، من الناحية الاقتصادية، تسويق العلامات الفاخرة في المناطق النائية، وبالأخص القرى.
وسجل مجلس المنافسة أن هذا الوضع هو أكثر تقييدا، لأن التشريع يفرض تزويد مكاتب بيع التبغ بالتقسيط، بما فيها تلك الموجودة في المناطق النائية، بوتيرة مرتين في الشهر على الأقل.
هكذا، لن تجد، ليس فقط المنتوجات الفاخرة المسوقة من طرف الفاعلين الجدد، زبناء لها في هذه المناطق، ولكن يفرض على الفاعلين الجدد، أيضا، تزويد مكاتب بيع التبغ مرتين في الشهر على الأقل، وبالتالي يلزم الفاعلون الجدد والمستثمرون المُحتمَلون بالتنقل بكيفية منتظمة نحو هذه المناطق من أجل تسليم كميات صغيرة فقط، دون أن يستجيب ذلك -بالضرورة- لطلب حقيقي لمكتب بيع التبغ بسبب نفاذ مخزونه.
كما سجل المجلس أن هذا الشرط مقيِّد للمنافسة، لكونه يتعلق بالحرية التجارية ومسلسل التفاوض التجاري بين تجار التقسيط والموزعين بالجملة.
وهكذا، يرى المجلس أن الوضعية الحالية التي يوجد فيها القطاع تفرض على الطرفين معا أن يُحدّدا وتيرة التزويد ضمن إطار ثنائي، ووفقا لانتظارات السوق ونفاذ المخزون وتطور المبيعات المُحقَّقة من قِبَل مكتب بيع التّبغ.
وخلُص المجلس إلى أن كل هذه الإكراهات التنظيمية في مصلحة الفاعل التاريخيّ، الذي يملك الولوج إلى جميع فئات الأسعار ويلائم عرض منتجاته وأسعارها مع انتظارات المستهلكين في مختلف الجهات والأقاليم. من جهة أخرى، رغم أهمية أسطوله، من شاحنات التوزيع ومراكز التوزيع، اثنان منها على الصعيد الوطني، ومحفظته الواسعة من المنتوجات، التي تغطي كافة العلامات، من السعر المتدني والمتوسط، لا تزود «إمبريال طوباكو» المناطق القروية عموما إلا مرتين في الشهر، في حين يُجبَر الوافدون الجدد الذين لا يُسوّقون سوى منتوجاتهم الفاخرة، بمقتضى التشريع المُعتمَد، على احترام وتيرة التزويد ذاتها.
أما بخصوص الحجج المقدَّمة حين بلورة القانون رقم 46-02 ومرسوم القانون 2-06-386، المُعدِّل والمتمّم للقانون 46-02 المتعلق بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع، فقد خلص المجلس، بهذا الخصوص، إلى إمكانية المحافظة على مجمل الإيرادات العمومية، بل وتحسينها عبر تعديل نظام الإلزام المعمول به، دون الحاجة إلى الحفاظ على نظام أسعار مجحف ومقيّد للمنافسة.



باهي : مسيّرو مراكز تسويق التبغ يتعاملون مع التجار بعقلية قمعيّة
- ما قصة صراعكم مع «أبريال طوباكو» -المغرب؟
ليس لنا أيُّ صراع مع شركة «أمبريال طوباكو» -المغرب، بل بالعكس فعلاقتنا مع هذا الفاعل الاقتصادي جد طيبة ومتميزة منذ تمت خوصصة القطاع.
-ما هي الأضرار التي لحقت بكم جراء احتكار «أبريال طوباكو» مجموعة من المنتوجات؟
الأضرار التي لحقت بتجار وبائعي التبغ جراء احتكار مجموعة من المنت وجات من طرف «أبريال طوباكو» ناتج عن قانون 02-46 الذي منحها هذا النوع من الاحتكار.
- ما هي ملاحظاتكم على قانون 46.02 الذي أعطى الحق ل«أبريال طوباكو» في احتكار السوق؟ وهل هناك مشروع لتعديل هذا القانون؟
هناك بعض البنود يجب تعديلها أو تغييرها داخل هذا القانون حتى يفسح المجال أمام باقي الشركات المنافِسة المُوزِّعة للتبغ لتسويق منتجاتها وبيعها بكل حرية دون ضغوط أو مضايقات.
- ما هي طبيعة المشاكل القائمة بينكم وبين «أمبريال طوباكو»؟
ليستْ بيننا وبين شركة «أمبريال طوباكو» أيّ مشاكل وإنما بعض الخلافات التي يتسبب فيها بعض مُسيّري مراكز تسويق التبغ التابعين لهذه الشركة، الذين يتعاملون بعقلية استفزازيّة وقمعية، وهذا ما نرفضه وبالتالي فإننا -كاتحاد وطنيّ لتجار التبغ- نرفض هذه الممارسات المشينة الصادرة عن هؤلاء المُسيِّرين، مما يدفعنا إلى التدخل لدى الشركة من أجل إيجاد حلول ناجعة لهذه الوضعية، بالحوار الجادّ والمسؤول، كما أننا ما فتئنا، منذ أمد طويل، نطالب شركات التوزيع بإعادة النظر في هامش الربح الذي كان محددا مقبل في 4.5 في المائة، بالرفع منه حتى تتم مساعدة بائعي التبغ بالتقسيط على مواجهة التكاليف التي تثقل كاهلهم، خاصة أنّ رقم معاملات التبغ يبلغ أرقاما فلكية.
- ما هي توقعاتكم بخصوص قانون المالية 2013؟
نحن -كاتحاد وطني لتجار التبغ والمواد الغذائية بالمغرب- نحتجّ على عدم الإشارة إلى قطاع التجارة الداخلية خلال خطاب الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية أمام البرلمان بمناسبة تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2013، إذ تطرّق لجميع الأنشطة الاقتصادية إلا لقطاع التجارة الداخلية، الذي يعتبر ثانيَّ مشغل على المستوى الوطني بما يناهز 1.3 مليون منصب شغل خلال سنة 2010، أي ما بقارب 13 في المائة من الساكنة النشيطة ورابعَ مُساهم في الناتج الداخلي الخامّ من خلال قيمة مضافة وصلت إلى 72 مليار درهم في نفس السنة.. ومازال قطاع التجارة الداخلية والتوزيع يتميز بهيمنة تجارة القرب، التي تمثل ما يقارب 99 في المائة من نقط البيع وما يعادل 86 في المائة من المساحة الإجمالية في المجال الحضري، حسب ما جاء في مذكرة وزارة التجارة والصناعة والتكنولوجيا الحديثة.
وكما هو في علم الجميع فإنّ تجارة القرب تلعب دورا اجتماعيا واقتصاديا مهمّاً داخل النسيج التجاريّ المغربي باعتبار الهوية المغربية التي يُمثّلها، إضافة إلى خدمات القرب التي يُقدّمها للمستهلك، كالتسهيلات في الأداء والبيع بالتقسيط واعتماد أوقات عمل ملائمة، لذا فتوقعاتنا بالنسبة إلى قانون المالية 2013 أنه لم يأتِ بجديد، خصوصا أن قطاع التجارة الداخلية يعرف إكراهات عدة، نذكر منها -على سبيل المثال لا الحصر- التراكمات الضريبية التي تثقل كاهل ممتهني تجارة القرب، المتذمِّرين والمُحبَطين.
- هل تمكن التعديلات التي جاء بها قانون المالية من فتح باب المنافسة داخل سوق التبغ في المغرب؟
نتمنى ذلك.
- ما هي التحركات التي يمكن أن يقوم بها اللوبي المسيطر على سوق التبغ في البلاد؟
لا نظن أنه ستكون هناك مقاومة، لأنّ المغرب وقّع عدة اتفاقيات للتبادل الحر مع مجموعة من الدول، كما أن هناك مجالس دستوريّة ستحرص على تفعيل القانون، خاصة مجلس المنافسة، الذي ستعطى له الصفة التقريرية للفصل في الخروقات الصادرة عن الشركات التي لا تحترم شروط المنافسة.. ونتمنى من الحكومة الحالية إيلاء بائعي التبغ في المغرب الأهمية التي يستحقّون عبر إصلاحٍ ضريبيّ خاص بهم، أما بائعو التبغ فإنهم على أتم الاستعداد لمواجهة اللوبيات التي تستغلّ هذا القطاع لجني أرباح طائلة بطرُق غيرٍ قانونيّة، وبالتالي الوقوف ضد كل أشكال «الحكَْرة» والتمييز والإقصاء.
عبد الحميد باهي الكاتب الوطني للاتحاد
الوطني لبائعي التبغ والمواد الغذائية بالمغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.