هل اكتفت السوق المغربية، بعد تحرير سوق التبغ بفاعلَيْن جديدين فقط؟ سؤال يُطرَح بعد الشكوى التي أثارتها، في الفترة الأخيرة، شركات توزيع تقول إن سعيها إلى دخول السوق لم يستجب له من قِبَل وزارة الاقتصاد والمالية، التي يخول لها القانون منح التراخيص للشركات التي تلبي الشروط التي يفرضها دفتر التحملات. تم تحرير قطاع التبغ في فاتح يناير الماضي من الاحتكار الذي كانت تستفيد منه شركة التبغ «ألطاديس»، فرع الشركة الإنجليزية «أمبريال طوباكو»، حيث فتح القطاع أمام فاعلين جديدين يتوليان توزيع التبغ في المغرب، ويتعلق الأمر بالمجموعتين الدوليتين «جابن طوباكو» و«بريتيش أمريكن طوباكو»، غير أن شركات أخرى سعت إلى الحذو حذوهما لم يحالفها النجاح، حيث تحدثت في الفترة الأخيرة عن عراقيل وضعت دونها والسوق المغربية، رغم إصرارها على أنها وضعت ملفات تستجيب لكل الشروط. وتؤكد شركة «K. Dis» أنها حصلت من وزارة المالية على الضوء الأحمر من أجل الشروع في الخطوات التي تؤهلها لدخول سوق توزيع التبغ في المغرب، حيث قامت بالاستثمارات اللازمة، التي همّت توفير مستودع يستجيب لجميع شروط تخزين التبغ وأعدت الشاحنات التي تخول لها التوزيع ووفرت الموارد البشرية اللازمة، وأبرمت عقد شراكة مع مصنع مصري للتبغ، متمثلا في «الشركة الشرقية إيسترن كومباني»، التي تصنع سجائر مثل «كليوباترا»، «دلتا» و«بلمونت»، حيث يؤكد المدير العام لشركة «K.Dis»، كميل الوزاني، أن ذلك المنتج المصري، الذي يوزع منتوجاته في العديد من البلدان، يوفر حوالي 100 مليار سيجارة في السنة، أي حوالي عشر مرات ما تنتجه «ألطاديس»، مما يعني، حسب الوزاني، أن يمكن له أن يستجيب للطلب الذي يوجه من قبل الشركة المغربية دون انقطاع. لكن قبل الحصول على ترخيص نهائي للشروع في توزيع التبغ في المغرب، كان يتوجب على الشركة المغربية التدليل على أنها قامت بتوقيع عقود مع مكاتب بيع التبغ، حيث يفترض فيها أن توقع عقودا مع 820 مكتبا، بمعدل 10 عقود في كل عمالة أو إقليم. غير أن توفير تلك العقود يستدعي أن تكون الشركة متوفرة على ترخيص مؤقت من وزارة الاقتصاد والمالية، وهو الأمر الذي لم يتأتَّ لها. وقد دفع تأخر الوزارة في منح الترخيص للشركة بتوزيع التبغ في المغرب الوزاني إلى طرق باب المسؤولين فيها للاستفسار حول أسباب التأخير، حيث يقول إن الكاتب العام للوزارة، خالد سفير، أخبره أنه تم تعليق منح تراخيص جديدة إلى أجَل غير مسمى وأن الوزارة غير مخولة لمنح تلك التراخيص، ثم إن الوزاني ينقل عن سفير قوله إنه يتوجب تشكيل لجنة تضُمّ من بين ما تضم وزارة الصحة ووزارة الاقتصاد والمالية والوزارة المنتدبة المكلفة بالشؤون الاقتصادية والعامة وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، حيث يسند إلى تلك اللجنة اتخاذ القرار في ما يتصل بمنح الرخص الجديدة للفاعلين في توزيع التبغ، غير أن الوزاني يشدد على أن القانون الخاص بنظام التبغ الخام والتبغ المصنع لا يشير إلى تلك اللجنة، بل إنه ينص صراحة على أن منح التراخيص هو من اختصاص وزارة الاقتصاد والمالية. يبدي الوزاني الكثير من خيبة الأمل بعد أن استثمر في توفير ما يفرضه دفتر التحملات وامتثل لما يفرضه القانون، ويصف طريقة تعاطي الوزارة مع ملفه ب«الفضيحة»، خاصة أنه يلاحظ أن سوق التبغ فتحت أمام أجانب ووضعت العراقيل أمام ولوجه من قبل مستثمر محلي. وقد استدعت مظلمة شركة «K.Dis» مجموعة من التساؤلات التي حاولنا توجيهها لوزارة الاقتصاد والمالية، لكنها لم ترُدَّ على سعي «المساء» لإثارة الموضوع معها.