يرجع أصل ادريس البصري إلى قبيلة المناصرة نسبة إلى الولي الصالح سيدي محمد المنصور بالقنيطرة، وهو ما سبق أن أكده أخوه بوشعيب بعد وفاة الوزير، وذلك نفيا للمزاعم التي ترجع أصله إلى جبالة بتاونات، كما أن أصل والدته الحاجة إيزة يرجع إلى السماعلة نواحي وادي زم. ازداد ادريس البصري سنة 1938 بمنزل والده الوظيفي بعين علي مومن جنوب مدينة سطات، حيث كان والده يشتغل كحارس بالسجن الفلاحي عين علي مومن منذ الاستعمار الفرنسي، أو كما كان يسمى آنذاك ب (قايد السجن)، وينحدر البصري من عائلة فقيرة تتكون علاوة على والديه العربي وإيزة، من ثماني أخوات وثلاثة إخوة، تلقى ادريس البصري تعليمه الابتدائي بمدرسة عين علي مومن رفقة أخيه محمد، وعندما حصل على الشهادة الابتدائية اضطر والده الحاج العربي إلى أن يقتني منزلا بحي المجازر(البوطوار) بمدينة سطات حتى يخفف على ابنيه مشاق التنقل من أجل استكمال الدراسة بالثانوية الإسلامية آنذاك، وهي التي تعرف حاليا بابن عباد، ومن أجل أن يكون قريبا منهما، وكانت إلى جانب الثانوية الإسلامية التي درس فيها البصري إعدادية مولاي عبد الله التي درس فيها جيل آخر من الأطر السطاتية منهم عبد الهادي خيرات، وأثناء هذه المرحلة الثانوية اجتاز البصري مباراة ولوج إدارة الأمن الوطني كمفتش للشرطة، قبل أن يترقى أسلاكها، وفي نفس الوقت كان يتابع دراسته العليا حيث حصل على الإجازة في القانون العام ثم الدكتوراه في القانون الإداري. ويرجع أحد أقارب ادريس البصري سر تسلقه أعلى المراتب إلى عنصرين مهمين، أولهما مصاهرته لعائلة الحداوي الذي كان آنذاك مديرا لديوان الإدارة العامة للأمن الوطني، والذي كانت له قرابة مع عائلة السليماني، ومن جهة أخرى فترة الاضطرابات التي كان يعيشها المغرب إبان سبعينيات القرن الماضي، حيت أصبح حينها مصدر ثقة بفضل إخلاصه في العمل. ومن الناحية الاجتماعية، كان ادريس البصري متعلقا بوالديه وتربطه بهما علاقة حميمية حيث اقتنى لهما فيلا بتجزئة حي الربح بسطات في تسعينيات القرن الماضي، وجهزها لهما وعين فيها خدما يسهرون على الاهتمام بهما ورعايتهما، وكان يقوم بزيارتهما مرتين كل شهر رغم أعباء عمله، وكان يحرص على ذلك وكذا الحضور إلى سطات لمتابعة مباريات النهضة السطاتية التي كان يكن لها حبا خاصا، وكان يعجبه كما يقول أقاربه،(أتاي وخبز الوالدة)، التي تذكره بطفولته وريح البلاد، ويضفي ادريس البصري على هذه الزيارات الخاصة روح الدعابة والفكاهة عندما يلتقي ببعض رموز المدينة الذين كان يستأنس بقفشاتهم الهزلية مثل صديقه (سيسي) ماسح الأحذية والعاشق لفريق النهضة السطاتية، والذي تعجب البصري حركاته البهلوانية حين كان يقوم بتشخيص دور حكم اللقاء ويشهر الورقة الحمراء في وجه الوزير، وكان البصري يكن حبا خاصا لماسح الاحذية، حيث كان يجلسه بجانبه في سيارته الخاصة ويتجول به في مدينة سطات، حتى أن البعض بات ينعت «سيسي» بناقل الميساجات خاصة حول لاعبي النهضة السطاتية وكواليس تداريبهم، ويروي أحد أقارب الراحل أنه يوم وفاة الحاج العربي، والد ادريس البصري، دخل «سيسي» ووجد البصري بين مجموعة من الوزراء والشخصيات وكبار المسؤولين، وبدأ في الاجهاش بالبكاء (الحاج العربي مات ما بقات حتى حكومة) وانقلب جو الحزن الذي كان يملأ الأرجاء إلى فكاهة وضحك، وهذه الدعابة المشهود بها للوزير البصري ومعاملته الطيبة لعائلته وأصدقائه المقربين كانت لا تشمل فقط محيط العائلة بل تجاوزه إلى أبناء مدينة سطات، هذا التواجد مع المدينة وساكنتها امتد حتى بعد وفاة والديه الحاج العربي والحاجة ايزة، حيث قام بتوظيف مدخراتهما المالية لبناء مسجد بدوار المناصرة غير بعيد عن مدينة سطات حيث كانا يعيشان أواخر حياتهما. وقد عرفت المدينة تقدما كبيرا في عهد البصري، وشهدت منجزات لم تكن تحلم بها، حيث قرب منها البحر (شاطئ سيدي رحال) وأمن النقل إليه عبر حافلات، وقام كذلك بإحداث مركبات جامعية (جامعة الحسن الأول- المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير) وجعل من مدينة سطات ليس فقط عاصمة للإقليم بل عاصمة لجهة الشاوية ورديغة، وأهلها حضريا في ثمانينيات القرن الماضي بشق شوارع كبيرة وبنايات حديثة وخلق مناطق صناعية، جعلت المدينة تحتل مرتبة مرموقة على الصعيد الوطني بوحدات صناعية عالمية لإنتاج البلور والملابس الجاهزة والتجهيزات الصحية، وقام بفك العزلة عن المدينة بإحداث قناطر للسكة الحديدية.