أنجز الزميل أنس مزور هذا التحقيق الذي خص به «المساء» بعد عمل ميداني دام لمدة ثلاثة أشهر، تنقل خلالها ما بين خمس دول أوروبية (فرنسا، بلجيكا، هولاندا، سويسرا، السويد)، وعدد من المدن المغربية، التقى خلالها بقياديين وأعضاء سابقين بتنظيم»الشبيبة الإسلامية» ظلوا ينشطون بجانب زعيم التنظيم عبد الكريم مطيع بعد إعلانه تبني»العمل الثوري المسلح» سنة 1981 وانسحاب غالبية أعضاء التنظيم، الذين انقسموا إلى أكثر من مجموعة، كانت كبراها من الناحية العددية هي تلك التي قادها عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الحالية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية. كما التقى بنشطاء حملوا نفس القناعات، حاول مطيع استقطابهم أو التنسيق معهم في عمل مشترك، وكذلك بضابط سابق في القوات المسلحة الملكية سعى مطيع إلى ضمه إلى تنظيمه منذ نهاية الثمانينيات. وإلى جانب الشهادات التي قدمها هؤلاء، تم الاستناد في هذا التحقيق التوثيقي على أرشيف «إصدارات مطيع» في الثمانينيات ومطلع التسعينيات من مجلة «المجاهد»، التي صدرت باسم» الشبيبة الإسلامية «ومجلة» الشهاب «التي صدرت باسم «لجنة التنسيق الإسلامي بالمغرب»، وهو أرشيف يغيبه القائمون على الموقعين الالكترونيين لمطيع،» الشبيبة الإسلامية»، و»الحركة الإسلامية المغربية». ويكشف التحقيق كيف تواصلت أنشطة مطيع، زعيم تنظيم»الشبيبة الإسلامية»، ورجاله طوال 30 سنة في ممارسة العمل الثوري المسلح لاستهداف النظام المغربي من خلال التحري في مختلف أنشطتهم وتمحيص شهادات بعض عناصر لجنة التنظيم العسكرية، ونشطاء من تنظيمات أخرى وقع الاتصال بهم من طرف مطيع. وقد تم إنجاز هذا العمل بدعم من طرف كل من مؤسسة «فريبريس إنلميتد»، والسفارة الهولاندية والجمعية المغربية لصحافة التحقيق بالرباط، ومركز ابن رشد للدراسات والأبحاث. تمكن عبد الكريم مطيع، زعيم تنظيم»الشبيبة الإسلامية» من تنفيذ عملية مسلحة واحدة بالمغرب طوال مسار النشاط «الثوري» المسلح، الذي دعا إليه أتباعه منذ سنة1981 ، كان من أبرز تداعياتها إغلاق الحدود بين المملكة والجارة الشرقيةالجزائر. وقد جاء قرار «العفو الملكي الشامل «الذي أصدره الملك الراحل، الحسن الثاني، يوم 8 يوليوز1994، ضدا على ما روج له مطيع من استحالة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، منذ أن تم الإعلان عن تأسيس» المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان» شهر أبريل 1990. وكانت محاولة تجميعه لفصائل التنظيمات الثورية والنشطاء الذين انشقوا أو ابتعدوا عن تنظيم «الشبيبة الاسلامية» في إطار «لجنة التنسيق الإسلامي بالمغرب «قد باءت بالفشل، وعلاقة المسؤولين المغاربة بقيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، التي كان يلعب بعض أتباع مطيع دورا في تهريب الأسلحة لفائدتها من أوربا إلى الجزائر عبر تراب المملكة، علاقة جيدة يطبعها نوع من التعاون والتفاهم. التخطيط لضرب المغرب حينها كان رجال مطيع الأوفياء بفرنسا قد تمكنوا من استقطاب وتدريب عدد من الشباب الفرنسي من أصول مغربية وجزائرية، وقاموا باختبارهم في عدة مهام، سواء بفرنسا آو المغرب، لكنهم كانوا يحتاجون إلى وقت إضافي للتخطيط وتنفيذ عملية كبيرة بالمملكة، يتم بمقتضاها اختطاف حافلة سياحية، واتخاذ من بداخلها كرهائن للضغط على المسؤولين المغاربة وتقديم عدد من المطالب، إلا أن مطيع كان يضغط في اتجاه تنفيذ عمليات مسلحة في أسرع وقت، وهو ما تحقق يوم 24 غشت1994 ، بعد أن نجح كومندو واحد من اصل أربعة من إطلاق النار على سياح أجانب ببهو فندق أطلس آسني بمراكش، بينما كان المخطط، الذي تم الاتفاق عليه بفرنسا، يقتضي قيام كومندو بمهاجمة معبد يهودي بالدارالبيضاء، وكومندو آخر بمهاجمة شاطئ للعراة بطنجة، وكومندو آخر بمهاجمة مركز للشرطة بفاس. ومباشرة بعد عملية أطلس آسني، أصبح مطيع فاقدا لأي إمكانية للقيام بعمل مسلح جديد، قبل أن يدخل في مسار تنظيمي آخر يقر باستحالة تغيير الأنظمة عبر خيار العمل المسلح، ويقوم بالتنكر لماضيه في الدعوة إلى العمل الثوري الجهادي مباشرة بعد تولي الملك محمد السادس للحكم ليصبح نشاطه الأساسي، فيما يخص تدبير الشأن العام بالمملكة، نشاطا إعلاميا من خلال إصدار البلاغات والبيانات الصحفية، تنتقد وتتهم بالأساس حزب العدالة والتنمية وأحزاب اليسار، خاصة الاتحاد الاشتراكي. ولم يصدر عن مطيع أي موقف سلبي من الملك الحالي إلا بعد 8 أسابيع من انطلاق تظاهرات حركة 20 فبراير السنة الماضية، حين أصدر رسالة صوتية تنتقد تدبير الملك والمقربين منه للشأن العام يوم 17 أبريل 2011 ، تم تعميمها باليوتوب وموقع «الشبيبة الإسلامية «الالكتروني. وبعد أن تم تعيين الحكومة الجديدة برئاسة عبد الإله بنكيران، العضو السابق بالشبيبة الإسلامية، قبل أن يقود أكبر عملية انشقاق في التنظيم، عاد مطيع إلى نشاطه الأساسي في مهاجمة بنكيران وحزبه تارة، وحزب الاتحاد الاشتراكي واليسار عموما. وعادة ما يلجأ في البيانات والبلاغات التي تكتب بلغة السب والشتم، والاتهامات الخطيرة، إلى اسم مستعار لشخصية وهمية هي «عمر وجاج». ويوهم مطيع المتصفحين لموقعيه الالكترونيين عن وجود تنظيمين: «الحركة الإسلامية المغربية»، و«الشبيبة الإسلامية» وتوفرهما على هياكل وأتباع، بينما لم يعد لتنظيمه أي وجود فعلي على أرض الواقع، فباستثناء حسن بكير، المقيم بهولاندا والذي يحمل صفة الأمين العام للشبيبة، ومحسن بناصر، المقيم بالنرويج والحامل لصفة الناطق الرسمي باسم التنظيم، واحد أقربائه بفرنسا، وعضوين من أتباعه السابقين ببريطانيا، لا يوجد أي شخص ينشط تنظيميا في ارتباط بمطيع بشكل رسمي. وحتى معتقلو الشبيبة الإسلامية السابقون، وإن احتفظوا باتصالات معه عبر الهاتف، لم يعد هناك أي نشاط منظم يربطهم بمرشدهم. وكان عبد الكريم مطيع، الذي أسس تنظيم الشبيبة الإسلامية سنة1971 ، قد غادر المغرب سنة 1975 إثر قيام عدد من أتباعه باغتيال القيادي الاتحادي عمر بنجلون، ليستقر لمدة بالسعودية والكويت قبل أن يقيم بليبيا، حيث سيعلن من هناك مباشرة بعد صدور حكم في حقه بالسجن المؤبد في قضية بنجلون، عن العمل الثوري المسلح بشكل رسمي من خلال مجلة «المجاهد»، التي صدرت منها ثلاثة أعداد. وكانت المخابرات الليبية هي التي تتكلف بإيصالها إلى أتباع التنظيم بباريس عبر الحقائب الدبلوماسية قبل أن يتم تهربيها إلى داخل المملكة وتوزيعها بشكل سري. وبالموازاة مع الشروع في إصدار المجلة شهر فبراير 1981 انطلقت أول التدريبات العسكرية لأتباع مطيع الذين التحقوا بليبيا من مستقرهم بفرنسا، وفي سنة 1983 أصبح مطيع يبشر أتباعه من الشباب بأن الثورة المغربية ستندلع بعد سنتين. وقتها كان التنظيم قد فقد غالبية أعضائه، بين من اختار طريق العمل السلمي المهادن، الذي تزعمه عبد الإله بنكيران وعدد من المقربين منه، وبين من اختار التريث والتبين في الفتنة التنظيمية التي طالت «الشبيبة الإسلامية»، وبين من اختار مواصلة العمل الثوري بعيدا عن زعامة مطيع..وأصبح المخطط التنظيمي لأوفياء مطيع هو تقاسم المهام الثورية بين ثلاث مجموعات: مجموعة تخضع لتدريب عسكري، وتستعد للقيام بحرب عصابات أو أي عمل مسلح تقتضيه الظروف، ومجموعة تتكفل بنقل السلاح، وتخزينه والقيام بدور لوجيستي لدعم أي عمل مسلح يقوم به التنظيم ، ومجموعة سياسية، مهمتها استقطاب المزيد من الأتباع ونشر الوعي السياسي الثوري في صفوف الشعب المغربي، وإعداد ألوية الثورة. لكن الضعف التنظيمي في الاستقطاب أجبر مطيع على محاولة استقطاب جميع أعضاء التنظيم إلى ليبيا من أجل التدريب العسكري حتى لا يظهر أمام السلطات الليبية بأنه صاحب تنظيم ضعيف، خاصة أن الرقم الذي كان يتم تداوله وقتها هو خضوع مجموعة تضم 273 شخصا للتدريب العسكري من أجل إنجاح المخطط. كما أن انسحاب عبد الكريم فوزي، الرجل القوي في التنظيم وقتها، أربك مخطط مطيع، الذي كان يعول عليه كثيرا في الاستقطابات التي تباشرها الشبيبة بأوروبا، وخاصة فرنسا وإيطاليا. وفي نفس السنة (1983 ) وقبل أن يلتحق اعضاء جدد بمعسكرات التدريب سيتم اعتقال معظم أعضاء» فصيلة الجهاد»، التي كانت مهمتها التأطير السياسي وتوزيع المنشورات وتعليق اللافتات، ضمن ما سمي بمحاكمة مجموعة 71، وبعد فترة قصيرة سيضطر مطيع إلى مغادرة ليبيا إلى ايطاليا وفرنسا مباشرة بعد صدور بيان وجدة الوحدوي بين المغرب وليبيا لإقامة الاتحاد العربي الإفريقي شهر غشت 1984، ليبحث عن إيواء الجزائر كبديل لليبيا، ويقوم بمحاولة استقطاب جديدة في صفوف الشباب المغربي لمواصلة عمله الثوري المسلح. وباستثناء أعضائه الموجودين بفرنسا، أصبح الأعضاء السابقون إما معتقلين داخل السجون أو مختفين عن الأنظار. وهنا سيقوم عبد الرحيم مهتاد، أحد أعضاء القيادة العسكرية للتنظيم، التي تم الإعلان عن أسمائها بالجزائر، وتضم إلى جانب مهتاد كلا من عبد الإله زياد والنظيفي، بدور أساسي من خلال استقطابه خلية وجدة، التي شكلت العمود الفقري لأعضاء التنظيم، الذين خضعوا لتدريبات عسكرية بتندوف تحت إشراف المخابرات العسكرية الجزائرية، وبتأطير من مقاتلين من جبهة البوليساريو. دور المخابرات الجزائرية وإلى جانب توفير المخابرات الجزائرية لمطيع وأتباعه إقامات سكنية ومعسكرا تدريبيا بتندوف، وفرت لهم إمكانية بث برنامج يومي على أمواج إذاعة البوليساريو كان يذاع بصوت مهتاد. ومرة أخرى سيتعرض تنظيم مطيع لضربة أمنية موجعة بالمغرب، حيث تمت محاكمة 26 شابا من المتعاطفين مع «الشبيبة الإسلامية» او الذين كانت لهم اتصالات بأعضائها، ومن ضمنهم بلقاسم حكيمي وابن عمه عبد الله اللذين اعتقلا وهما يدخلان الأسلحة عبر الحدود المغربية الجزائرية، بعد عملية إدخال ناجحة في فترة سابقة. وبعد توتر العلاقة بين مطيع والمخابرات الجزائرية، التي سعت إلى توظيف العناصر التي تدربت على السلاح بشكل مباشر في عمليات تخريبية بالمملكة بعيدا عن أعين مطيع، وبعد رفض هذا الأخير الاعتراف بالجمهورية الصحراوية- لأنه رغم إعلان موقفه ضد الحرب القائمة بالصحراء، وإنكاره شرعية بيعة سكان الصحراء للعرش العلوي، فقد كان يقول إنه ضد التجزئة- اضطر زعيم «الشبيبة الإسلامية» إلى العودة مجددا إلى أوروبا، قبل أن يستفيد من توتر العلاقة بين الرئيس الليبي معمر القذافي والملك الحسن الثاني بسبب استقبال هذا الأخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز شهر يونيو 1986 ليرتب عودته إلى ليببا. وخلال هذه الفترة أصبح مطيع يعيش كالأفعى مقطوعة الرأس، فمعظم رجال ثقته وعدد من شباب التنظيم محتجزون بالجزائر، وعلاقة ليبيا بالمغرب تعرف مدا وجزرا، الأمر الذي أجبره على الدخول في كمون تنظيمي، خاصة بعد التوقيع على معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي يوم 17 فبراير1989، فاضطر حينها إلى إصدار بلاغ يعلن فيه قرار فصل أي عضو من التنظيم يقوم بأي نشاط ثوري ضد النظام المغربي، لكنه بالموازاة بحث عن شكل آخر للعمل الثوري بعيدا عن يافطة «الشبيبة الإسلامية»، فكلف رجال ثقته بفرنسا بإصدار مجلة «الشهاب» سنة 1990 باعتبارها «لسان لجنة التنسيق الإسلامي بالمغرب»، موازاة مع محاولته توحيد صفوف النشطاء والتنظيمات الثورية التي أسسها أعضاء كانوا ينشطون في «الشبيبة الإسلامية» سابقا. في هذه المرحلة احتفظ مطيع بشباب مجموعة وجدة (محمد حكيمي، عبد القادر حكيمي، محسن ودران، حسن بكير، الخضر بكير) إلى جانب الراحل حسن مشفي، المتحدر من مدينة الدارالبيضاء، معه بليبيا، وأصبحت استراتيجيته في العمل التنظيمي هي استقطاب أعضاء جدد بأوروبا، ومحاولة توحيد جميع الإسلاميين المغاربة من أصحاب الطرح الثوري المسلح. وهكذا كلف الراحل النظيفي بالتوجه إلى إيطاليا لإنشاء فرع للتنظيم هناك، وكلف زياد وزين الدين والإدريسي بتوسيع عملهم بفرنسا، إلا أن نظيفي تأثر بجهاديين التقاهم بإيطاليا فتخلى عن مطيع وتوجه إلى جبهات القتال بأفغانستان. وبالموازاة مع انفتاح زياد وزين الدين ومن معهما على معسكرات أفغانستان لإرسال الأعضاء الجدد للتدريب، كلف مطيع عنصرين من مجموعة وجدة بالتوجه إلى أفغانستان واستطلاع الأوضاع هناك في صفوف الجهاديين المغاربة والعرب. وبعد أن اخبراه بإمكانية تأسيس عمل لفائدة» الشبيبة الإسلامية» والحصول على معسكر تدريبي خاص بها، رفض مقترحهما وأمرهما بالعودة إلى ليبيا. وبعد صعود نجم الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر، أصبح مطيع ينشر مقالاته بصحيفتها» المنقذ»، ويربط علاقات ميدانية بين أعضاء الشبيبة بفرنسا، وعناصر الجيش الإسلامي للإنقاذ بعد اندلاع المواجهات العسكرية بالجزائر عقب الانقلاب على فوز الجبهة في الانتخابات، بل إن عملية استقطاب أعضاء جدد للتنظيم بفرنسا تمت في صفوف مغاربة وجزائريين كذلك. بداية نهاية التنظيم وقوع عملية أطلس آسني سيكون بداية نهاية تنظيم مطيع، فالورقة التي كان يلعبها لاستقطاب الشباب المتحمس، من خلال توهيمهم بأن القيام بعمل مسلح بالمغرب سيمثل النقطة التي ستفيض كأس الثورة بالمملكة، أصبحت ورقة محروقة بعد تنفيذ العملية. والمعتقلون بالسجون المغربية، الذين كان يعول عليهم للقيام بمبادرة تنظيمية جديدة بعد خروجهم، لم يتمكنوا من القيام بأي دور تنظيمي جديد لتجميع قدماء الشبيبة، بل حتى محاولة احتواء مطيع لبعض المعتقلين الإسلاميين بالسجن من خارج صفوف» الشبيبة الإسلامية» مثل «مجموعة المحاكمة العسكرية» 1994، التي كان يرسل إلى أحد عناصرها مبالغ مالية زهيدة، باءت بالفشل. وموازاة مع النشاط الحقوقي لعبد الرحيم مهتاد، عضو القيادة العسكرية للشبيبة الإسلامية سابقا، في إطار» لجنة النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين» حاول مطيع استقطاب السلفيين الجهاديين من خلال تبني ملف معتقليهم بالسجون المغربية من حين لآخر عبر موقعه الالكتروني وبعض البلاغات، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على موقع بخريطة القيادات السلفية لأتباع التيار بالمغرب. ولا يبدو أن خطة مطيع لاختراق الأجهزة الأمنية والجيش، من خلال توجيه شباب التنظيم إلى الدراسة بالثانويات والمعاهد العسكرية والمدارس الإدارية قد لاقت نجاحا، حيث لم يتمكن زعيم «الشبيبة الإسلامية» من الاحتفاظ بعلاقة مع بعض هؤلاء الشباب القليلين، الذين واصلوا مسارهم الدراسي والمهني بهذه المؤسسات، كما أن محاولة مطيع استقطاب الضابط أحمد رامي، اللاجئ السياسي بالسويد، وإقناعه بحاجة «الشبيبة الإسلامية» إلى قيادات عسكرية باءت بالفشل كذلك.
أسئلة الشباب وأجوبة مطيع عمل عبد الكريم مطيع على تأطير شباب تنظيمه نظريا عبر توجيهات عملية من خلال مجلة «المجاهد»، التي اعتبرت المرجع الأساس للتأطير السياسي للأعضاء والملتحقين الجدد بالتنظيم. وضمت أعداد المجلة مقالات وأخبارا وقصصا منتقاة، إلى جانب تقنية طرح أسئلة على أساس أسئلة الشباب وتقديم أجوبة عنها، وفيما يلي بعض النماذج: من الرجوع إلى طبيعة نشأة الحركة وأسلوب عملها، والأهداف المحددة لها منذ أولى خطواتها على الدرب، ومن مراجعة الدرس التوجيهي»البعث الإسلامي» الموجه إلى الشباب في شريط مسجل منذ سنوات، يتبين أن مفهوم الجمعية يختلف كلية عن مفهوم الحركة، فالأولى منظمة قانونية تستمد شرعية وجودها من التشريع الوضعي، والثانية تيار إسلامي يستمد مفاهيمه وشرعية وجوده من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا فالشبيبة الإسلامية المغربية حركة بعث إسلامي غايتها الإطاحة بالقوانين الوضعية وليس الامتثال لها، في حين أن الجمعية ما هي إلا منظمة من جملة المنظمات الموازية المحيطة، مهمتها القيام بالنشاطات الاجتماعية والثقافية والرياضية ذات الصبغة الإسلامية في حدود ما لا يغضب الطاغوت. ارجع يا أخي إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تعرف الجواب. لقد كان يسقط في كل مرحلة عدد من الناس: في حادثة الإفك، في غزوة أحد، في غزوة حنين، في موت الرسول صلى الله عليه وسلم…الخ لذلك فالدعوات الأصيلة المتميزة ذات القيادة الصلبة ،التي لا تخور ولا تخون، هي التي يسقط الناس منها في الطريق. استشاط وزير الداخلية غضبا من صدور المجلة التي أحرجته أمام سيده، ومن مقال» تيوس سوداء وأكباش بيضاء»، الذي كشف خطتهم لضرب المعارضة، وصاح في أعوانه قائلا: «إذا رفضوا أن يصارعوا الطوائف السياسية الأخرى فشقوا صفهم، واجعلوا منهم التيوس والأكباش، يتصارعون فيما بينهم». ثم وُضعت الخطة على الأساس التالي: شن حملة تخويف للشباب المسلم من الخط الجهادي الذي تبشر به المجلة، والادعاء بأنها فوق مستوى الشباب، وستورطه وتحرض السلطة عليه.وتسرب هذه الحملة الإرهابية بطرق غير مباشرة بواسطة السذج والطيبين… عدم مهاجمة المجلة مباشرة لأن هذا يكشف طبيعة الحملة، ومن يسيرها من وراء الستار. مهاجمة قيادة الحركة وتشويه سمعتها، وشغلها بالدفاع والجدل والمراء والتوضيح كي يتوقف صدور المجلة بطريقة آلية شغل الشباب بمناقشة الشائعات والأكاذيب والترهات، فينصرفون عن دراسة العدد الأول من المجلة ولا يستفيدون منها أي فائدة، وبذلك تتم تصفية هذا العدد الذي وصل إلى أيادي القراء دون علم السلطة. يخوض الطلبة في المغرب معارك مطلبية نقابية متواصلة. هذه المعارك ينبغي أن يخطط لرفع مستواها، حيث تصير مقدمة لثورة الشعب المسلم كافة، وأن تجتنب المعارك الهامشية الطائفية والسقوط في شرك النظام وحباله، وأن ترفع شعار»الوحدة الجهادية» في الشارع لا وحدة رؤساء الجماعات والحركات، وحدة النضال ضد النظام الجاهلي القائم، لا وحدة لمسؤولين من ملوك الطوائف (رؤساء الأحزاب والتيارات).