أحرج عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي للعدالة والتنمية، حكومة عبد الإله بنكيران في أولى جلسات مناقشة قانون المالية، التي انعقدت صباح أمس الخميس بمجلس النواب. فيما بدا لافتا تحول الأغلبية البرلمانية إلى معارض شرس وفر على فرق المعارضة عناء شحذ سيوفها. برلماني العاصمة الإسماعيلية انتقد بشدة غياب أي إشارة إلى انتخابات المجالس الترابية واستكمال بناء المؤسسات الدستورية في أول تمرين مالي تعده الحكومة التي يقودها الإسلاميون، رغم تأكيد رئيس الحكومة ووزيره في الداخلية على أن سنة 2013 هي سنة انتخابات المجالس الترابية. وفضلا عن عدم تضمنه أي إشارة إلى الانتخابات آخذ بوانو خلال تدخله في لجنة المالية بالغرفة الأولى على المشروع عدم إشارته إلى الجهوية والقانون التنظيمي للأمازيغية، مشيرا إلى أن على الحكومة أن تتعهد بأن تكون الانتخابات القادمة نزيهة وحرة تقطع مع كل أساليب الماضي التي استمرت خلال الانتخابات الجزئية الأخيرة. كما آخذ رئيس الفريق الإسلامي على واضعي قانون الميزانية توسيع الإعفاءات التي انتقلت في المشروع إلى 36 مليار درهم، وقال:«نريد أن نعرف من يستفيد من هذه الإعفاءات ودواعي الاستفادة، وآثارها على أولويات الاستثمار والأولويات الاجتماعية والاقتصادية»، داعيا إلى مراجعة الإعفاءات والاستثناءات الممنوحة في التعمير. وواصل بوانو انتقاداته للحكومة بدءا بالمخطط التشريعي الذي طالب بالتعجيل والتسريع في تنزيله، وأن تكون سنة 2013 سنة تشريعية بامتياز، مرورا بالاقتطاع من أجور المضربين الذي اعتبر أن على الحكومة أن تمتلك نفس القوة في اتخاذه في الوفاء بالتزاماتها في إطار الحوار الاجتماعي، ومواجهة أرباب العمل. من جهة أخرى، أبدى بوانو استغرابه من عدم متابعة زميله في الحزب عبد العزيز الرباح، وزير النقل والتجهيز، مسار كشف لوائح المستفيدين من الرخص، وقال:«ما يقع داخل وزارة النقل والتجهيز غير مفهوم. صحيح أن هناك مقاومة، لكن يتعين أن ندرك أن تلك المقاومة طبيعية لا يتعين أن تثنينا عن عملنا»، معتبرا أن محاربة الفساد لا تكفي فيها التصريحات والنوايا الحسنة، بل يتعين أن تتوجه نحو التشريع من جهة وتوفير الأدوات والآليات من جهة ثانية. واعتبر بوانو أن هناك استهدافا للإصلاحات التي تعرفها وزارة العدل والحريات من طرف جهات لم يسمها، مشيرا إلى أن إصلاح هذا القطاع لن يكتب في ميزان حسنات مصطفى الرميد أو عبد الإله بنكيران، وإنما في ميزان حسنات البلد. وأشار بوانو إلى أن الانتخابات الجزئية الأخيرة التي شهدتها مراكش وطنجة أكدت أن الحكومة ما زالت تتمتع بشعبية كبيرة وبثقة المواطنين، وبأنهم مازالوا يتفاعلون معها ويعقدون عليها آمالهم.من جهة ثانية، اعتبر بوانو أن هناك مقاومات كثيرة ومتعددة من طرف جهات في مختلف المجالات قد تعاكس هذا التحول الديمقراطي، قبل أن يستدرك قائلا: «لكن مع ذلك نعتبر أن هذا التحول الديمقراطي لا رجعة فيه لأنه تحول مبني على الثقة والوفاء بالالتزامات والمحاسبة». وحسب بوانو، فإن التحول الديمقراطي الذي تحقق يفرض أن يكون له انعكاس اقتصادي مبني على منطق وفكر وتعامل جديدين يضع المواطن في مركز الاهتمام. واعتبر بوانو أن مشروع قانون المالية بني على فرضيات معقولة وحذرة تتماشى مع ما هو معمول به دوليا، داعيا إلى الخروج من المنطق المحاسباتي الصرف والخضوع لأصحاب النفوذ واللوبيات وضغط القطاعات إلى منطق استهداف المواطن بشكل مباشر، وإعادة توزيع النمو والثروة، حيث هناك استفادات لجهات ومناطق وعمالات وجماعات بدون منطق، وكذا القطع مع الممارسات القديمة ومنطق «هذا مقرب من وزارة المالية وهذا قطاع مهم». إلى ذلك، تقمص نور الدين مضيان، رئيس الفريق الاستقلالي بمجلس النواب، بدوره دور المعارض لحكومة بنكيران، مستعينا بقاموس «العفاريت والتماسيح» الذي يتقنه رئيس الحكومة. وعاب مضيان على مشروع قانون المالية عدم إدراجه صندوق الزكاة الذي نص عليه البرنامج الحكومي، وقال:«واش كاينة شي تماسيح ما بغاش هذ الصندوق؟ قولو لينا»، مسجلا خلال تدخله غياب حماس لدى الحكومة لإصلاح صندوق المقاصة الذي وصفه ب«الفيل» الذي يبتلع مليارات الدراهم. ووجه رئيس الفريق الاستقلالي تحذيرا إلى الحكومة بالتأكيد على أن المحاسبة الحقيقية تبدأ من السنة الحالية.