الديباجة التي اختار أن يبدأ بها عبد الله بوانو بإعتباره رئيسا لفريق العدالة والتنمية في أول جلسة لمناقشة قانون المالية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية أمس بمقر البرلمان ،كانت ديباجة تؤشر على أن الأمور لن تمر بسلام في مناقشة هذا المشروع ، حيت اختار بوانو وكعادته لغة « الهضرة عليك الحادر عينيك» باستحضار أعداء الحكومة الوهميين مفضلا عدم تسميتهم بالتماسيح والعفاريت نظرا لتقادم الكلمتين على لسان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. وحاول بوانو من خلال الحشو الكثير الذي شاب كلمة كان من الفروض أن تتحدث عن الاختيارات الكبرى التي اعتمدتها الحكومة في مشروع هام واستراتيجي يتطلب أرقاما وسياسة تدبيرية تراعي دقة المرحلة وحساسيتها التي لا تعني تداعيات الربيع العربي كما جاء على لسان بوانو بل تهم اقتصادا وطنيا يعاني تحديات داخلية في التوازنات المالية وبطء النمو والتراجع الكبير في عديد من قطاعاته والذي هو من تداعيات السنة البيضاء 2012 التي تلقي اليوم بظلالها على 2013 كما جاء في اليوم الدراسي الذي نظمه الفريق أول أمس بمقر البرلمان . لقد اختار بوانو أن يترافع لصالح بعض من الحكومة وأن يكون مدافعا شرسا ضد من قال عنهم أنهم واهمون لأن لبعض من هذه الحكومة شعبية كبيرة ،عائدا في هذا الجانب الى أسطوانة الانتخابات الجزئية في طنجة ومراكش ومعتبرا إياها دليل على استمرارية شعبيتها ومضيفا أن الكتابات التي تصدرت الصفحات الأولى للجرائد هي تشويش على هذا البعض في حكومة بنكيران ، لكن هذا التشويش لن ينال من عزمها في محاربة أعدائها الموجودين في كل المجالات حسب قوله، وأن فريقه وحزبه جمع هذه الكتابات التي سماها بكتابات التشويش في كتيب لرصد الأقلام المشوشة ، الشيء الذي يدعونا الى التساؤل حول حرية التعبير والتفكير والنقد في حكومة ترفع شعار محاربة الفساد ولنقول نحن بدورنا « من رأى منكم منكرا فليغيره ...» وذكر بوانو بأزمة الرميد في قطاعه معتبرا أن هناك أطراف تستهدف اصلاح العدالة، لكنه استدرك ليقول أن ما يحدث هو مقاومة طبيعية وهي ضريبة للنجاح ؟ وإن اختار بوانو أن يدافع عن بعض قطاعات الحكومة في العدل مثلا ، فإنه وجه انتقادا الى قطاع الداخلية مبرزا تضارب التصريحات بين رئيس الحكومة ووزير الداخلية فيما يخص الاستحقاقات المقبلة مطالبا بالوضوح ،في غياب إشارة الى مخصصات مالية للإنتخابات المحلية في مشروع قانون المالية برسم 2013. لقد تحدث بوانو عن كل شيء لكن حديثه لم يمس عمق إشكالية قانون المالية رغم إشاراته الى العديد من الإختلالات التي لم تمنعه من التنويه بالمشروع . هذه الإختلالات التي قال عنها الفريق الاشتراكي أنها نابعة من كون هذا القانون غير منسجم وتشوبه عملية « البريكولاج» وأن إمعان الحكومة في تأجيل إصلاح صندوق المقاصة والنظام الضريبي تعتبر عناوين أساسية لهذا العجز خاصة وان ملفات أساسية في هذا المنحى قد تتحول الى معضلات بنيوية وبالتالي الى محور اصطدام بين الدولة و المجتمع، في حين قال بوانو أن هناك تراكمات في العديد من الصناديق وخاصة صندوق المقاصة تعود الى عقود خلت والتي يستعصي حلها مما يؤشر على أن الحكومة عاجزة عن تقديم حلول في الأفق وهو الأمر الذي ناقشه الفريق الاشتراكي في يوم دراسي بالبرلمان ووقف عند ثغراته بدقة سنعود لها في عدد لاحق.