كشفت لائحة «المحتلين» للسكنيات التابعة لوزارة التربية الوطنية، التي أعلن عنها محمد الوفا الأسبوع المنصرم، والذين يحتلونها بدون سند قانوني أو يرفضون تنفيذ قرارات الإفراغ الصادرة في حقهم منذ سنوات، رغم توصلهم بإنذارات رسمية من المعنيين، (كشفت) القناع عن أسماء عدد من المسؤولين الوازنين بقطاع التعليم (وزراء سابقين، وكتاب عامين، ومستشارين، ومدراء أكاديميات، ونواب التعليم وأساتذة وحراس عامين ومدراء...) . وهم – للأسف – يعتبرون من القائمين على تدبير شؤون الآلاف من الموظفين البسطاء من رجال ونساء التعليم، ويبتون في مسارهم المهني، ومن بينهم من يمعنون في اتخاذ القرارات الزجرية في حق العاملين تحت إمرتهم بالأكاديميات والنيابات، ويوقعون قرارات الإعفاء والاقتطاعات والتوبيخات والتنبيهات... هذا في الوقت الذي يعدون فيه «روادا» في خرق القانون والاستفادة من الريع «التعليمي». كل هؤلاء كانوا ينتظرون وزيرا اسمه محمد الوفا ليعلن عن هذا النموذج المصغر من «الاحتلال» الداخلي الذي تعيشه البلاد بعدد من القطاعات وعلى رأسها قطاع التربية الوطنية. بعض الظرفاء شبهوا خطوة الوفا بتلك التي قام بها عبد العزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، الذي خرج بتلك اللائحة المعلومة، والتي لم تتجاوز إلى حدود الساعة مرتبة «الكشف» و «الإعلان» عن الأسماء واللوائح . أكيد أن من بين هؤلاء «المحتلين» لسكنيات وزارة التعليم ضحايا القهر وقلة ذات اليد، من بسطاء رجال ونساء التعليم الذين لم يفلحوا في الظفر بسكن خاص بهم، ومنهم من يعيش ظروفا اجتماعية أو عائلية قاهرة اضطر تحت وطأتها إلى التعلق بأهذاب «الريع» التعليمي بعد أن أتم سنوات العمل وخرج إلى التقاعد بعد أن أفنى عمره بقطاع التعليم، لكن يوجد بينهم، بالمقابل، من يتوفرون على العشرات من السكنيات والمشاريع ويحتلون أكثر من سكن وظيفي، بدليل ورود مجموعة من الأسماء في اللائحة التي تحتل أكثر من سكن واحد، ومنهم من «اضطر» لاحتلال سكن الدولة لسنوات في انتظار إكمال «فيلا» أو «عمارة» في طور التشييد. ومن بين هؤلاء أسماء لم يكن أحد يتصور أنها ستطمع في سكن وظيفي أو إداري تابع لوزارة، في وقت يكتوي فيه الآلاف من البسطاء العاملين بالقطاع بنيران الكراء، بعدد من المدن المغربية كالرباط والدار البيضاء... السؤال المطروح اليوم هو: هل ستتوقف عجلة وزارة الوفا عند أول عصا توضع أمامها؟ أم أن المتتبعين للشأن التربوي وكذا الرأي العام الوطني، سيكون لهم شرف الاطلاع على اللوائح من جديد وقد خلت من أسماء «المحتلين»؟ وتم تغيير «عبارات» من قبيل: «بدون سند قانوني» و»حكم قضائي غير منفذ» و»دعوى قضائية جارية»، بالرغم من كونها عبارة ستكون قاسية على العديد منهم، سيما من قلنا بأنهم يعيشون ظروفا اجتماعية خاصة. اللوائح التي كشفت عنها وزارة التربية الوطنية وجهت، كذلك، رسالة إلى المسؤولين في وزارة العدل والحريات، عنوانها الأبرز مفاده أن المئات من القضايا المعروضة على المحاكم في شأن السكنيات الوظيفية «لازالت جارية»، لكن السؤال الذي يجب أن يجيب عنه مسؤول الوزارة هو كم هو عدد السنوات التي راجت فيها تلك القضايا داخل ردهات محاكم المملكة؟ ولماذا تظل مثل هذه القضايا بالخصوص رائجة داخل المحاكم؟ وإذا كان العديد من المتتبعين للشأن التربوي، قد ثمنوا قرار الوفا الإعلان عن هذه اللوائح، والكشف عنها علنا وبكل جرأة عبر الموقع الرسمي للوزارة، إلى درجة أن بعض العناوين وصفت القرار ب»تفجير قنبلة»، فإن البعض الآخر اعتبر أن القنبلة لازالت لم تفجر بعد، وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد وضع الشرارة قرب القنبلة، في انتظار تفجيرها والإعلان عن اللوائح وهي خالية من الأسماء التي جعلتها ثقيلة، وتوجيه مذكرات سريعة إلى الأكاديميات والنيابات للإعلان عن السكنيات التي تم تحريرها، ليتبارى عليها رجال ونساء التعليم بكل أطيافهم وفق المعايير المعمول بها، وإسنادها لأصحاب الحق فيها، حتى لا تكون عملية الكشف عن هذه اللوائح صورة طبق الأصل لعملية الكشف عن المستفيدين من الكريمات التي قام بها الرباح.