إذا ألقينا نظرة جانبية على فتاة ترتدي حذاء بكعب عالي، فإننا نلاحظ تموّجا في شكل جسدها، إذ إن هذا الحذاء يثبت القدم على شكل طولي ويرغم منطقة الساق على الاندفاع إلى الأمام، فما الذي يحدث؟ خطورة الكعب العالي إن هذه الوضعية تقلص الأوتار والأربطة الخلفية للقدم وعضلات الساق. ولتعويض ميَلان الجسم إلى الأمام، فإنها تصبح مرغمة على إرجاع منطقة الفخذين إلى الوراء، وهو ما يثبت مفصل الركبة في وضعية سيئة تُحدِث احتكاكات في ما بين العظام المُكوِّنة لمفصل الركبة، قد تتسبب في الإصابة بالتهاباتٍ مفصلية مع مرور الوقت. كما أن وزن الجسم ينزل بشكل غير متوازن على غضروف الركبة، ما يجعل الجزء الخلفيَّ للغضروف أكثرَ عرضة للتآكل لكونه يحمل تقريبا كلَّ وزن الجسم.. وهو ما يجعل المرأة التي ترتدي هذا النوع من الأحذية أكثرَ عرضة للإصابة بالتهابات في المفاصل والعظام وما يصحب هذا الأمر من آلام ومعاناة. أشير إلى أن عظم الكاحل هو الذي يحمل وزن الجسم كاملا، والله عز وجل هيّأه لنا في شكله وقوته لتحمل وزن الجسم، لكن في المقابل فإن الكعب العالي يُعيق التوزيع الجيد لوزن الجسم على باطن القدم، ما يؤدي إلى أن ينزل وزن الجسم على العظم الأول من عظام مشط القدم.. ولنا أن نتخيل كيف أن حوالي وزن الجسم كاملا ينزل على عظم صغير، وهذا الأمر يؤدي إلى تورّمات وتشوهات في شكل هذا العظم وفي عظام أخرى في القدم، وما يرافق الأمر من آلام شديدة.. ولذلك، فإن الوقوف والمشي بالكعب العالي يضع ضغطاً متزايدا على مفاصل وعضلات الجسم لتعويض عدم التوازن هذا، على أن القدْر الأكبرَ من هذا الضغط تشعر به القدم، عضلات الساق، منطقة أسفل الظهر والحوض... الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق وتشنّج العضلات، وقد يسبب إطالة انحناءة الظهر الطبيعية ويفضي إلى آلام الظهر. تأثير الكعب العالي- على مشي المرأة حتى عند المشي حافية القدمين، فالمرأة التي اعتادت انتعالَ الكعب العالي تصبح طريقة مشيها مختلفة عن المرأة التي لا تلبس الكعب العالي أو تلبسه في حالات نادرة، بسبب الضرر الذي يلحق العضلات، حسب دراسة أسترالية نشرت في مجلة «Applied Physiology». وشملت الدراسة 19 امرأة، أعمارهنّ في حدود ال25 سنة، تسع منهن انتعلن الكعب العالي لأربعين ساعة على الأقل في الأسبوع، لمدة سنتين، فيما لبست العشر نساء الأخريات اللواتي شملتهن الدراسة الكعبَ العالي بشكل نادر أو لم ينتعلنه بالمرة. لوحظ، بعد ذلك، أن النساء اللواتي لبسن الكعب العالي أصبحن يتمشين بقدم مقوسة وبخطوات قصيرة وبجهد أكبر عند كل خطوة، حيث يستمر هذا النمط المشوه من المشي حتى عند المشي بقدمين حافيتين.. خطورته في الحياة اليومية الكعب العالي يتسبب في عدم توازن الجسم، وبالتالي فالمرأة تكون معرضة للسقوط، أو للإصابة بالتواءاتٍ في مفاصل القدم قد تصل إلى تمزق في الأربطة. ففي المساء بعد نزع الحذاء، تجد معظم النساء أنفسهن عاجزات عن أداء كثير من أشغال البيت، بسبب الآلام التي يعانينها في الظهر والساق والقدم. ومن جانب آخر، فالنساء قد يرتكبن العديد من حوادث السير بسبب ارتدائهن أحذية غير مناسبة ذات كعب عالٍ، بسبب انزلاق أحذيتهن أو التصاقها بين أو تحت دعسات سياراتهن. أثره على المرأة الحامل تزداد خطورة الكعب العالي بالنسبة إلى المرأة الحامل، فإضافة إلى الوزن الزائد خلال الحمل، يتم إفراز هرمون «la relaxine»، الذي يتسبب في استرخاء العضلات والأربطة، ما يجعل مفاصل القدم والكاحل أقلَّ قوة واستعداد لتحمل توازن الجسم. وبالتالي تكون المرأة أكثر عرضة للسقوط ولنا أن تتخيل خطورة سقوط إمرأة حامل.
نصائح تجنب أي حذاء بكعب عالٍ يزيد في علوه على 5 سنتيمترات، لأنه كلما زاد طول الكعب زادت شدة مخاطره على الجسم. كما أن الطول المثالي لكعب الحذاء الذي ينصح به هو بين 1.5 و 3 سنتيمترات، أن تكون مدة انتعال هذا الحذاء جد قصيرة وفي أيام جد محدودة، كما أنه خلال فترة انتعال هذا الحذاء يجب تجنب الجري والمشي وصعود الدرج ما أمكن، ينصح بنزع الحذاء عند الجلوس في المكتب، فالعديد من النساء لا ينتبهن إلى أنهن يتركن أقدامهن في تلك الوضعية المشوهة داخل حذاء بكعب عال طيلة جلوسهن في المكتب لساعات عديدة، في المساء ينصح بتدليك عضلات الساق والقدم، مع مزاولة تمارين رياضية خاصة بهما، بين الفينة والأخرى.
عثمان الصوافي، أخصائي في الترويض الطبي والعلاج الفيزيائي