قام عدد من المتشددين في فرنسا، أول أمس، باقتحام مسجد للمسلمين قيد الإنشاء في مدينة «بويتيرس» وسط فرنسا، في خطوة عنصرية واستفزازية للمسلمين الفرنسيين، أياما قليلة قبل عيد الأضحى الذي يعتبر مناسبة دينية يحتفل بها المسلمون في بلدان المهجر وينظرون إليها كمناسبة كبرى لإعلان شعيرة دينية وكرمز للتضامن الديني. إن اقتحام مسجد (على وجه الحقيقة) يقيم به المسلمون شعائر دينهم في بلد مسيحي شبيه باقتحام مسلمين (على وجه الافتراض) لكنيسة في بلاد الإسلام، لأنهما معا تعبير عن الكراهية الدينية والعنصرية والتمييز والتطرف؛ ولا ندري ماذا سيكون رد فعل المسيحيين لو أن مسلمين في بلد مسلم اقتحموا -مثلا- كنيسة يؤدي فيها المسيحيون المتدينون طقوسهم الدينية. المسجد، الذي تعرض للاقتحام والاحتلال من طرف عشرات المتشددين لمنع المسلمين من بنائه، يقام بطرق قانونية؛ والحيلولة دون بنائه هي تعدٍّ على القانون وعلى حرية مكون ديني هام -هو: المسلمون الفرنسيون- في ممارسة عباداتهم دون إكراه أو تضييق على هذه الحرية؛ فالعالم، اليوم، أصبح أكثر انفتاحا على الأديان والثقافات المغايرة، والإسلام في فرنسا بات يشكل الديانة الثانية بعد المسيحية البروتستانتية، وصارت له هيئات رسمية تمثله أمام الدولة والحكومة، لكن وسائل الإعلام الفرنسية، والأوربية بشكل عام، لا تزال منكمشة على الانطباعات القديمة التي لا علاقة لها بمسايرة التشريعات الوطنية والدولية الأوربية حول الإسلام والديانات الأخرى، والتي ترمي إلى تكريس أخلاقيات التسامح والحوار. على فرنسا أن تدرك أن التطرف في مختلف الأديان يتغذى من غياب التسامح مع الآخر والتضييق على حريته الدينية وانعدام الحوار.