تدخلت قوات الأمن، صباح أمس، لمنع عشرات المحتجين من النقابة الديمقراطية لموظفي العدل من دخول المدرسة الغابوية للمهندسين بإفران، التي كانت تجري فيها أشغال الندوة الجهوية الرابعة للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة. وحسب مصادر نقابية، فإن الكاتب العامّ للنقابة الديمقراطية للعدل، عبد الصادق السعيدي، تعرض لكسر في العنق استدعى نقله، على عجل، نحو مستشفى محمد الخامس في مدينة مكناس، بعد أن لم يتمكن مستشفى مدينة إفران من معالجته، فيما تم تسجيل بعض الإصابات الطفيفة في صفوف المحتجين، الذين حاصرتهم قوات الأمن في نقطة غابوية مجاورة لمكان انعقاد الندوة، وسط شعارات قوية ضد وزير العدل والحريات. ووصف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، الإضرابات التي يعرفها قطاع العدل ب«المتوحشة»، والتي أصبحت ظاهرة تؤدي إلى تعطيل السير العادي للعدالة. وأكد الرميد، في كلمة بمناسبة افتتاح أشغال هذه الندوة أنه «لم نعد أمام مجرد إضراب، بل أصبحنا أما ظاهرة الاعتداء على حق المواطنين في تلقي خدمة العدالة، وأصبحنا أمام جرائم اقتحام الجلسات لإيقاف أشغالها». وقال وزير العدل والحريات إن «القاعدة الذهبية التي تقول إن الأجر مقابل العمل قاعدة لن نتخلى عنها ولن نتهاون في إدراكها ونؤكد، مرة أخرى، أن الإضراب يساوي الاقتطاع، وهذا قرار لا رجعة فيه، مهْمَا كلفنا الثمن، وهذه بداية نحو تخليق الإضراب، الذي يصل في أحيان كثيرة إلى نوع من التوحش، حيث إنه دونما أسباب يصبح الناس يتغيبون عن أعمالهم وفي النهاية تُؤدّى الأجور». واعتبر الرميد أن «موظفي كتابة الضبط، الذين جاؤوا للاحتجاج، تركوا عملهم، فلو كنا يوم هذا الاحتجاج هو يوم السبت فليس هناك مشكل، لأن حق التظاهر حق مشروع وليس لديّ أي تعقيب، لكنّ اليوم هو يوم عمل وهم تركوا عملهم وجاؤوا إلى إفران ليتظاهروا دون أي اقتطاع من أجورهم». إلى ذلك، وصف وزير العدل والحريات وضع بعض محاكم المملكة ب«المأساوي» و«المزري»، وأكد أنه خلال زيارته لمحكمة الناظور ذرف الدموع على الحالة التي توجد فيها هذه المؤسسة القضائية، والتي لا يتحمل فيها القضاة أو كتاب الضبط المسؤولية، وفق تعبير الوزير. وأوضح الرميد أن «الوزارة ستستمر في تنظيم الزيارات الميدانية لمحاكم المملكة، ولن نترك محكمة إلا وسنزورها لنقف على مشاكلها وكل زاوية ومكتب فيها، من أجل إيجاد الحلول الناجعة لتجاوز هذا الوضع»، مشيرا في السياق ذاته إلى أنه «سيتم وضع لائحة حمراء للمحاكم التي تعاني من مشاكل جسيمة من أجل وضع برامج استثنائية لإنقاذها. وأضاف الرميد أن «تخليق منظومة العدالة سيشمل كافة مكوناتها وتركيبتها، سواء منها القضاة أو كتابة الضبط أو المهن القضائية، من محاماة ومفوضين قضائيين وعدول وموثقين وخبراء وشرطة قضائية وكافة المنجزين للمحاضر القضائية.. وأمامنا محطات هامة سنناقش فيها موضوع تحديث السياسة الجنائية وتطبيق العدالة الجنائية». وسجل الوزير أن «موضوع ضمانات المحاكمة العادلة موضوع مترامي الأطراف، ويتركب من مواضيع لا حصر لها، وينبغي أن نجيب في الندوتين المقبلتين عن الأسئلة الكثيرة التي تُسائلنا في موضوع العدالة الجنائية والسياسية الجنائية، ثم سيأتي موضوع الحكامة القضائية وتحديث الإدارة القضائية والبنية التحتية للمحاكم، ثم الموضوع المهمّ، الذي أكد عليه جلالة الملك في خطابه الأخير، وهو موضوع استقلال السلطة القضائية، لتكون الخاتمة بموضوع تأهيل قضاء الأعمال».