الداخلية تضبط العمل الخيري بالمغرب لمنع الفوضى والاستغلال    مع اقتراب نهاية ولايته.. حصيلة هزيلة لرئيس مجلس جهة سوس.. فشل في تنزيل ال"PDR" وإقصاء واضح للجماعات الهامشية    انخفاض جديد في أسعار المحروقات بالمغرب..    نشرة إنذارية.. رياح قوية وتساقطات ثلجية مرتقبة في عدة مناطق بالمملكة    "الثقافة جزء من التنمية المحلية" عنوان أجندة مجلس مقاطعة سيدي البرنوصي    لعزيز ينتقد التطبيع مع الفساد ومحاولة شرعنته بالقوانين ويحذر من خطره على الاستقرار    أمطار ‬الخير ‬و ‬قرارات ‬حكومية ‬فعالة ‬و ‬صرامة ‬السلطات ‬المحلية ‬في ‬التصدي ‬للممارسات ‬غير ‬القانونية‮ ‬    ستشهاد 6 فلسطينيين من بينهم أسيرة محررة لأول مرة منذ وقف النار.. يرفع حصيلة العدوان على غزة إلى 48 ألفا و572 شهيدا    عشرات الآلاف يتظاهرون في صربيا ضد الفساد    مصرع 33 شخصا على الأقل وإصابة العشرات جراء أعاصير مدمرة وسط وجنوب الولايات المتحدة    اتحاد طنجة يكرس سلسلة تعادلات الوداد و يرغمه على تعادله الرابع تواليا    جمهور نهضة بركان يحتفل بالتتويج التاريخي لفريقه بدرع البطولة    أين اختفت تونس قيس سعيد؟    في اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا    الإهانة في زمن الميغا امبريالية: عقلانية التشاؤم وتفاؤل الإرادة.    العدالة والتنمية يحمل الحكومة مسؤولية التأخير في إعادة إيواء متضرري زلزال الحوز    المُقاطعة أو المجاعة !    حالة الطقس ليوم غد الاثنين: أمطار، ثلوج، ورياح قوية بعدة مناطق    ضبط أزيد من 18 ألف قنينة من المشروبات الكحولية في مخزن سري بالناظور    المغرب يعتقل "زعيم الزعماء" تهريب المخدرات لأوروبا    إجهاض عملية ترويج 18 ألف و570 قنينة من المشروبات الكحولية بدون ترخيص    وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها مع الجزائر    المغرب وموريتانيا يعززان التعاون الإعلامي في عصر التحولات الرقمية    نسيم عباسي يتيح أفلامه السينمائي للجمهور عبر "يوتيوب"    الجزائر واكتشاف البطاقة البنكية: بين السخرية والواقع المرير    ترامب يجمّد عمل 3 إذاعات أمريكية    تطبيق "تيليغرام" يسمح بتداول العملات المشفرة    مصرع 51 شخصا في حريق بملهى ليلي في مقدونيا الشمالية    المغرب يتصدر إنتاج السيارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا    الإيقاع بشبكة نصب في الناظور.. انتحلوا صفة قاض للاحتيال على سيدة    من الناظور إلى الداخلة.. عضو في كونفيدرالية البحارة يكشف عن التلاعب بأسعار السمك    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال 25).. الفتح الرباطي يتغلب على الشباب السالمي (4-2)    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا لإجراء تجمع إعدادي تأهبا ل"شان" 2024    "آتو مان" أول بطل خارق أمازيغي في السينما: فيلم مغربي-فرنسي مستوحى من الأسطورة    فوزي لقجع.. مهندس نجاح نهضة بركان وصانع مجدها الكروي    أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و 6,5 متر ستهم المضيق والسواحل الأطلسية بين رأس سبارتيل وطرفاية ابتداء من الاثنين    استمرار ضطرابات الجوية بالمغرب طيلة الأسبوع المقبل    سائق دراجة نارية يحتج على سلوك غير أخلاقي في كورنيش طنجة    ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    نهضة بركان يتوج بالدوري الاحترافي    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    مشاريع إيلون ماسك في الصحراء تثير قلق جزر الكناري    نهضة بركان يتوج بلقب البطولة بعد تعادل مثير مع اتحاد تواركة    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    الحسيمة .. انطلاق النسخة الثانية من الأمسيات الرمضانية في فن المديح والسماع    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع أمام الأورو.. واستقرار في الأصول الاحتياطية الرسمية    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثلث الإسلام الأمريكي
نشر في المساء يوم 19 - 10 - 2012


عبد الله العلي
من المصطلحات التي أخذت مكانها في ثقافتنا المعاصرة، مصطلح «الإسلام الأمريكي»، ويقصد به الأفكار التي تطرح من جهات لها علاقة وثيقة بأمريكا الدولة، وهذه الجهات تعمل على زعزعة المفاهيم الإسلامية
الثابتة في كافة المجالات العقدية والشريعية والأخلاقية وحتى السياسية، ففي خضم التقارير الإعلامية الأمريكية وغير الأمريكية عن انقلاب في السياسة الخارجية للولايات المتحدة في التعامل مع الأحزاب السياسية التي تتخذ من الإسلام مرجعية لها بدل مقاطعتها، خصوصاً مع وصول بعض الأحزاب السياسية إلى سدة الحكم في بعض البلدان العربية والإسلامية، نجد أنفسنا أمام إسلام أمريكاني يريده الأمريكان وحلفاؤهم في الشرق الأوسط، ليس هو الإسلام الذي يقاوم الاستعمار، وليس هو الإسلام الذي يقاوم الطغيان، وليس هو الإسلام الذي يدعو إلى العدالة والمساواة بين الرعية، وليس هو الإسلام الذي ينصر المظلوم، بل هو الإسلام الذي يمارس أتباعه باسم الجهاد أقذر المنكرات والكبائر، فثوار العمالة يقطعون رؤوس إخوانهم الموحدين وهم يكبِّرون، ويمزقون صدور أخواتهم المسلمات الحرائر وهم يكبِّرون، ويزحفون تحت راية أمريكا وحراسة طائراتها في همجية صارخة لإهلاك الحرث والنسل وهم يكبِّرون.
إن إيصال قوى «الإسلام الأمريكاني» إلى سدة الحكم على ظهور الدبابات الأمريكية أو على متن طائرات حلف الناتو الحربية، أو بدعم وكلاء إقليميين للولايات المتحدة، يثير أشجانا عربية وإسلامية تذكر بانحياز هذه القوى تحت مظلة منظمة المؤتمر الإسلامي إلى المعسكر الأمريكي وأنظمة الاستبداد التقليدية إبان الحرب الباردة، خصوصاً عندما يرقب المشاهد كيف أن ازدواجية معايير القوى الإقليمية والدولية التي تدعم قوى «الإسلام الأمريكاني» دعماً انتقائياً، ما زالت تحاصر أطرافاً وتحول دونهم وجني ثمار نضالهم من أجل التغيير والإصلاح.
إن مؤشرات مثل تحول جماعة إسلامية إلى القوة الضاربة الرئيسية للولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي، ومطالبة هذه القوى والجماعات أمريكا بالتدخل والحماية، وأن تحظى بدعمها المالي والسياسي واللوجستي، في مقابل تبني جدول الأعمال الأمريكي الإقليمي في محوريه الفلسطيني والإيراني في حال وصول هذه الجماعات إلى السلطة - إن مؤشرات كهذه - تعزز ولا تخفف من الهواجس التي تثيرها التقارير التي تتحدث عن تفاهمات بين هذه القوى والجماعات التي ترفع شعار الإسلام وبين الولايات المتحدة، لذا فإن صعود القوى وجماعات الإسلام الأمريكاني ينذر بالتحول إلى فتنة طائفية كبرى بين «إسلام أمريكاني» يفرق صفوف المسلمين، ويعزز هيمنة الأجانب على قرارهم وثرواتهم، وبين «الإسلام الذي يقاوم الاستعمار والطغيان» الذي كان دائماً عنواناً لوحدة الشعوب الإسلامية، لا يفرق بين واحدهم والآخر إلا بالتقوى.
إن هناك مخططات وإستراتيجيات كثيرة، وراءها أموال وعلماء ومراكز للدراسات، ومخابرات من أعلى المستويات، ومزودة بأحدث التقنيات، وعلى أرض الواقع لها من يدعمها من قنوات ومجلات وإذاعات وجمعيات، وأقلام مأجورة أو غبية، تبرز الإسلام الذي لا تكون مرجعيته الأساسية في الفهم الوحي والسنة، وإنما تكون مرجعيته الواقع وضغوطاته.
إن العالم الإسلامي معضلة أمنية وإستراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم فلا بد من التدخل لضبطه وضبط أوضاعه، من خلال إيجاد مثلث إسلامي أمريكي تتكون أضلاعه من وسائل إستراتيجية - بحسب الفهم الأمريكي – وهي:
- الضلع الأول: الجماعات التكفيرية التي ترفض كل ما لا ينسجم مع فكرها حتى ولو كان على قاعدة الاجتهاد الإسلامي، حيث تقوم أمريكا بتشجيعهم على ذلك وتوفير كل ما يحتاجون إليه من إمكانيات مالية ولوجستية، فتجعلهم يعيشون الإسلام القشري، دون وعي أو فهم عميق للإسلام، بل يكفي المحافظة على المظهر دون الجوهر، والهدف من ذلك هو إظهار الإسلام بأنه إقصائي ولا يقبل الحوار، ويتميز بالشدة والعنف والقسوة.
- الضلع الثاني: الأنظمة العميلة والتي تقوم على أساس التمسك بالسلطة حتى لو كان ذلك على حساب هلاك الحرث والنسل، فنجد أن أمريكا راعية الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان تغض الطرف عن ممارسات هذه الأنظمة التي لا تفكر إلا بذاتياتها وشهواتها الهابطة، ولا ترى الدين إلا كما يرى التجار رؤوس أموالهم - وسيلة للثراء أو المنصب - فتعمد هذه الأنظمة بكل صلافة إلى نسيان كل الآيات والروايات المعارضة لميولها ومصالحها، فتقدم مصالح شعوبها المظلومة والمحرومة قرابين على مذبح الآلة الأمريكية والأوربية، وتركن بسبب جرائمها إلى هذه الآلهة كي تتربع أياماً أكثر على كرسي حكمها المخزي.
- الضلع الثالث: أصحاب الفكر الحداثي الذين لديهم مشكلة مع الدين في الحياة العامة، لأنهم يريدون النمط الغربي في شتى مناحي الحياة، فهم لا يؤمنون بخصوصيات لعالمنا الإسلامي، والهدف من دعم هذه المجموعة هو جعل أفكارهم وآرائهم في تأويل الدين متاحة لجمهور واسع على حساب الفهم التخصصي للدين، وجعل العلمانية والحداثة خياراً ثقافياً محتملاً للشباب الإسلامي غير المثقف ثقافة إسلامية.
من هنا يظهر حجم الدور الخفي الذي تلعبه واشنطن الآن وما تحيك مستقبلاً من مكائد وكمائن في طريق الشعوب المتحررة، والذين هم في طور التحرر، وما تنصب لهم من شباك وفخاخ على مسار مطالبتهم بالديمقراطية والتقدم، وحياة كريمة آمنة مستقرة مضمونة مستقلة سياسياً واقتصادياً عن سلطان الغرب وعبيدها الحكام المستبدين.
إن الإسلام الأمريكي كان إذن ولا يزال ورقة وذريعة وأداة وبروباكندا الإعلام في استغلال الشعوب المسلمة من قبل الاستعمار القديم الحديث، وفي نفس الوقت في تشويه سمعة المسلمين المعتدلين، فالغرب وخاصة بريطانيا وأمريكا لا تزال تتعامل مع شعوبنا على المبدأ المكيافيلي: الغاية تبرر الوسيلة، وها قد دفعتها الحاجة اليوم إلى مداعبة القوى والجماعات التي تدعي رفع شعار الإسلام كمنهج لها، أنهم لا يهمهم طبعاً سوى أن يأتي حاكم ينحني لما يملونه عليه من تعليمات وأحكام وإيعازات على مبدأ نفذ ثم ناقش، حتى ولو كان ذلك على حساب موت الشعوب الإسلامية في كارثة إنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.