أكد سعيد احميدوش، المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن قضاة المجلس الأعلى للحسابات لم يعثروا على اختلالات مالية داخل الصندوق، بقدر ما هي اختلالات إدارية عادية يمكن أن توجد في أي إدارة، موضحا خلال حواره مع «المساء» أن صندوق الضمان الاجتماعي استطاع استقطاب 1.2 مليون أجير خلال 7 سنوات فقط، وأن كل أجهزة الدولة معنية بإشكالية التهرب من التصريح، الذي يعتبر مخالفة خطيرة يعاقب عليها القانون، وأن نسبة التغطية الاجتماعية بكل من تونسالجزائر وتركيا أحسن من المغرب. - تطرق التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات إلى اختلالات داخل الصندوق. ما هو تعليقك؟ المواطن العادي عندما يقرأ بأن هناك اختلالات يقع في لبس ويتساءل ما هي هذه الاختلالات، لأن هذه الأخيرة لا تعني بالضرورة غش أو سرقة أو نية مبيتة لذلك، ففي جميع الإدارات والمساطر الإدارية يمكن أن تعثر على اختلال ما، فقضاة المجلس لم يقفوا على أي شيء يمكن أن يشكل جريمة مالية، لأن المجلس لو عثر على مثل هذه الجرائم لكان أقدم بنفسه على إحالة الملف على القضاء. هناك فقط مسائل إدارية وإدارية بحتة، وقد أخذ عمل قضاة المجلس الأعلى من زاوية إيجابية للاشتغال على تخطي الاختلالات الإدارية الموجودة في أي إدارة لتحسين أدائها. في بعض الحالات تكون هناك أحكام تقديرية، وفي هذا الصدد يمكننا أن نختلف لأن بعض الأمور التي يراها القضاة اختلالا إداريا نراها نحن تيسيرا لأمر ما في صالح المصرح بهم، لأنه لو لم نقم بذلك الإجراء لكان الأمر عكسيا على المستفيدين من خدمات الصندوق. - أين وصل مسار التدبير المفوض الخاص بالمصحات التابعة للصندوق؟ يجب التذكير بأننا لم نختر هذا الإجراء، فالقانون هو الذي ألزم ذلك على الصندوق، أي ضرورة الفصل بين تدبير التأمين الصحي وتسيير المصحات، و قد اتخذ قرار في صندوق الضمان الاجتماعي باختيار آلية التدبير المفوض لهذه المصحات، وبالطبع كانت هناك محاولة أولى دخلنا خلالها في نقاشات مع بعض المرشحين، لكن للأسف لم يستوفوا في آخر المطاف الشروط التي فرضها الصندوق، وقررنا إغلاق هذا الملف في ذلك الوقت لكي لا نخاطر بمصحات بها المئات من الأطر والمأجورين، على أساس أن تتم إعادة طرح الموضوع لاحقا، لكن جاءت الأزمة الاقتصادية ابتداء من 2008، ثم الربيع العربي، وهو ما جعلنا لا نعلن عن طلبات العروض خلال هذه السنين، وحاليا في 2012 قمنا بفتح الملف من جديد على مرحلتين، الأولى من خلال اختيار مكتب للاستشارة، والثانية تهييء دفتر تحملات سيعلن عنه خلال الأيام المقبلة. - كم سيبلغ عدد منخرطي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عند نهاية هذه السنة؟ الصندوق سيصل إلى استقطاب 2.7 مليون مصرح بهم عند نهاية هذه السنة. طبعا التطور الحاصل خلال السنوات الأخيرة تطور إيجابي، لكن ما زال هناك مجال للتقدم، لأن هناك العديد من الأجراء والمستخدمين لا تشملهم التغطية الاجتماعية، فمنذ سنة 2005 إلى الآن استطعنا إضافة 1.2 مليون أجير، أي كان لدينا 1.5 مليون أجير عند نهاية سنة 2005، لكن حاليا استطاع الصندوق استقطاب 1.2 مليون من الأجراء في ظرف 7 سنوات، بالمقارنة مع 1.5 مسجل خلال 50 سنة، وهو تطور إيجابي ومُرضٍ، لكن طموحات الصندوق هي الوصول إلى تغطية جميع الأجراء. طبعا هناك أشياء يجب أن يقوم بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولإنجاح هذا الورش يجب تضافر جهود الجميع، يجب ألا نعتبر اليوم أنها مسألة ما بين الصندوق كمؤسسة وما بين المشغل، بل يجب اعتبارها مسألة اجتماعية تهم الجميع، إذ ليس من المعقول أن يكون هناك تساهل من المجتمع ككل ومن القوانين التي تغض الطرف عن أصحاب مقاولات يشغلون أناسا في «النوار»، أي في القطاع غير المهيكل. هل هذه الأفعال مقبولة اجتماعيا وسياسيا وقانونيا أم غير مقبولة؟ ربما كان هناك شيء من التساهل، لكن يجب أن نضع اليوم هذا التساؤل، فإذا كان ذلك غير مقبول فعلى الجميع أن يقوم بدوره، أي أن القانون يجب أن يمنع ذلك ويجب أن يطبق ويفعّل هذا التشريع، وحتى العقوبات التي ينص عليها القانون، هل هي في مستوى التجريم الذي يريده المجتمع أم سنعتبر ذلك خطأ بسيطا وعند فرض العقوبة تكون جد بسيطة؟ هذه ليست مسألة قانونية، بل سياسية بالدرجة الأولى واجتماعية يجب أن يعاد فيها النظر. - بالمقارنة مع دول الجوار أين يمكن تصنيف المغرب من حيث عدد الأجراء المصرح بهم؟ هناك عدة مقاربات قمنا بها، واتضح لنا بأن التغطية الاجتماعية في الدول الجنوب متوسطية- لأننا لا يمكن أن نجري مقارنة مع دول شمال البحر المتوسط لكون التصريح بالأجراء هناك يكاد يكون أوتوماتيكيا- مثل الجزائروتونس وتركيا أحسن من المغرب، وربما ذلك لأسباب تاريخية، فمثلا الاقتصاد الجزائري تهيمن عليه الدولة، ودائما القطاع العام تكون لديه تغطية اجتماعية، أما الاقتصاد المغربي فالقطاع الخاص فيه واسع جدا عكس الجزائر. بالطبع هذا القطاع لديه إيجابيات، لكن من بين سلبياته عدم تطبيق قانون التصريح بالأجراء للاستفادة من الحماية الاجتماعية، مع العلم أن الأرقام تطورت إلى الأحسن حاليا، وبالتالي عند مقارنتنا بدول لديها اقتصاد متقارب، يتضح لنا أن المغرب لديه مجال شاسع للتطور من أجل اللحاق بها. - هناك حديث عن صعوبات يتعرض لها مفتشو الصندوق عند القيام بدورهم؟ بالفعل هذا إشكال عويص، حيث بدأنا نلاحظ أن العديد من المشغلين، بدون تعميم ويمكن أن نعتبرهم قلة، عندما تتأهب فرق التفتيش التابعة لصندوق الضمان الاجتماعي للقيام بعملها الاعتيادي في المراقبة، لا يكون هناك تعاون من طرف هؤلاء المشغلين، أو يتم منع هذه الفرق من القيام بمهامها، أو يختلقون أسبابا واهية من أجل عدم إتمام عمل المفتشين، مثل جواب حارس الشركة أو أحد المستخدمين بأن رب العمل غير موجود أو يجب الانتظار قليلا...إلخ. نحن نتفهم أنه في بعض الأحيان يكون هذا التبرير مقبولا، لكن عندما يحس المفتشون بأن هذه التبريرات واهية وهي فقط للمماطلة من أجل التستر على أشياء يجرمها القانون لا يكون الأمر مقبولا، ونحن داخل الصندوق لدينا مبدأ يقول إن عملية التفتيش يجب أن تتم، وفي حالة الرفض نلجأ إلى المساطر القانونية، حيث يمكن، قانونيا، للمفتشين طلب مؤازرة القوات العمومية لتنفيذ القانون. هناك حالات يكون فيها التجاوب الفعلي سريعا من قبل القوات العمومية، لكن في بعض الحالات لا تتم المؤازرة بشكل سريع، وتأخذ بعض الوقت لكي تفعل، وهو الأمر الذي يستغله، ربما، ذلك المشغل الذي يريد التستر على أشياء مخالفة للقانون، حيث إذا ما عاود المفتشون طرق بابه في الغد أو بعد يومين أو ثلاثة يرتب أموره، أي أنه يتحايل على الجميع بأن يحضر في اليوم الموالي 20 أجيرا مصرحا بهم، فيما هو في الأصل يشغل 100 أجير. ولكي يكون الصندوق أكثر نجاعة في هذا الميدان يلزم بأن يكون هناك تعاون أكثر ما بين العدالة والأجهزة الأمنية ومؤسسة الضمان الاجتماعي، لتطبيق القانون الذي يحمي حقوق الأجراء، وفي غياب هذا التآزر يكون الأجير غير المصرح به وعائلته هم الضحايا. كما أن هناك حالات لا تؤخذ للأسف بالجدية اللازمة، فمثلا بعض التقارير، التي يحررها المراقبون التابعون للصندوق، بخصوص عدم انضباط أو عدم تعاون المقاول أو المشغل أو رفضه إدخال المفتشين للقيام بعملهم لا يتعامل معها بالجدية اللازمة عندما تقدم إلى العدالة و النيابة العامة، كما لو أنها بدون قيمة، أو مجرد شكاية بسيطة، مع العلم أن مفتشي الصندوق موظفون بمؤسسة الضمان الاجتماعي ومحلفون، فوكيل الملك يكتفي باستدعاء المشغل مرة أو مرتين أو أكثر، وهو ما يسمح لبعض المشغلين بالتحايل واستغلال هذا النوع من الثغرات، والضحية لا يكون دائما هو صندوق الضمان الاجتماعي، بل الأجراء الذين يشتغلون عند ذلك المشغل المماطل. - ما هو تصوركم لجلب القطاع غير المهيكل للاستفادة من خدمات الصندوق؟ يجب أولا أن يعي هؤلاء المشغلون أن الضمان الاجتماعي ليس إكراها، بل إن الانخراط في الضمان الاجتماعي فيه فائدة للجميع، ويجب القول إن هناك عدة أمور تحسنت، ففي السابق عند الحديث عن الضمان الاجتماعي لم يكن الناس يعون أهميته، أو عندما تتحدث مع أناس عن التقاعد يرونه بعيدا وليس ذا أهمية في الوقت الراهن. إذن يجب تحسين أداء صندوق الضمان الاجتماعي، وهذا ما تم تداركه في السنوات الأخيرة، مثل إنشاء منظومة جديدة للتأمين الصحي، فسابقا كان المصرح به يقول إنه عندما يمرض فإن التغطية الصحية لا تشمله، لكن حاليا هناك تأمين صحي، والناس يستفيدون منه، وهذا ليس كلاما عاما، حيث يشمل التأمين الصحي الأجير وزوجته وأولاده، بل إن المصرح به يتوصل بالتعويضات العائلية عن الأبناء، ولا يجب أن ننسى أن هذه التعويضات، رغم أنها كانت موجودة، فقد كانت تؤدى إلى المشغل، على أساس إيصالها إلى الأجير، وفي الكثير من الحالات لم تكن تلك التعويضات تصل إلى المنتفعين بها، باستثناء الشركات والمقاولات المنظمة. لكن اليوم جميع التعويضات العائلية تؤدى إلى المستفيد مباشرة، وليست هناك وساطة. إذن المواطن يرى على أرض الواقع أن التسجيل في الضمان الاجتماعي ليس مجرد إجراء إداري، بل فيه منفعة له ولأسرته، ونحن واعون بأن تحسين خدمات الصندوق وطريقة أدائه وتقليص الآجال..إلخ، يؤثر لا محالة على استقطاب أناس جدد، وهذا ما نلاحظه، فالعديد من الأجراء يتصلون بالصندوق ويحرصون على التبليغ بعدم التصريح بهم من طرف مشغليهم. وهذا المحور أساسي، أي كيفية جعل الصندوق أكثر استقطابا وجاذبية. ثانيا، يجب اعتماد وسائل جديدة لحث المشغلين على التصريح بالأجراء. هناك بالطبع فرق للمراقبة، لكن إذا لم تنجح هذه العمليات يجب أن تكون هناك عقوبات زجرية وأن يطبق القانون في آخر المطاف، ويجب أن تكون العقوبة في مستوى التهرب من الأداء. ونجاحنا في هذين المحورين سيؤدي إلى نجاحنا في توسيع القاعدة بالنسبة إلى الأجراء. - وماذا عن القطاع غير المهيكل؟ بالفعل تبقى هناك فئة عريضة من المواطنين لديهم نشاط اقتصادي وموارد، لكنهم ليسوا أجراء، مثل أصحاب الدكاكين أو الحرفيين، وهذه من خصوصيات المجتمع المغربي، أي أن عدد المشتغلين على حسابهم الخاص أو المستقلين فئة عريضة جدا وعددهم أكبر من عدد الأجراء بالمغرب، والقليل من الدول لديها هذه الخصوصية، وهنا يجب القول إن الأجراء يسهل تأطيرهم في مجال استقطابهم للانخراط في الضمان الاجتماعي، أما إذا كان أصحاب القطاع غير المهيكل متفرقين فيصعب على الصندوق التعامل معهم كل واحد على حدة، كما يصعب عليه استخلاص الأداء الشهري بشكل مستمر، إذ لحد الآن ليست لدينا منظومة توحد غير الأجراء، وهذا ربما تحد يجب على السلطات العمومية الأخذ به، بالإضافة إلى الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين، أي كيفية إنتاج منظومة خاصة بغير الأجراء، تشتغل بمنطق غير ذلك الذي تشتغل به المقاولات، وما يعني ذلك من هيكلة وتنظيم يضم المحاسبة والمشغل الذي يمنح الرواتب...إلخ، عكس القطاع غير المهيكل. هناك بعض الأفكار لدى الصندوق في هذا الأمر، لكن ليست بذلك النسق الشامل الذي يمكن تفعيله، وهذا تحدٍّ يجب على السلطات العمومية وجميع المتدخلين التفكير فيه. - إشكالية التقاعد تهم صندوق الضمان الاجتماعي خاصة على اعتبار أن 2026 سيستنزف فيها الصندوق. أين وصل ورش الإصلاح؟ إشكالية التقاعد تهم جميع الصناديق، نظرا لعدة متغيرات، أهمها أن عدد المقبلين على التقاعد في تزايد مستمر مقابل تراجع القاعدة المصرح بها، وارتفاع معدل أمل الحياة الذي يصل في المغرب إلى 73 سنة، في حين كان هذا المعدل قبل نصف قرن من الآن لا يفوق 50 سنة، والإشكالية ليست خاصة بالمغرب، بل جميع الدول تعاني حاليا من ذلك، حتى أوربا تعيش نفس المشاكل، بل أصبح مشكلا أساسيا يتم ذكره في الحملات الانتخابية الكبرى لرؤساء الدول كفرنسا وألمانيا، فالإشكالية ليست تقنية، وبالنسبة إلى صندوق الضمان الاجتماعي فالدراسة الاكتوارية تقول إنه في سنة 2026 ستكون مصاريف صندوق التقاعد بالضمان الاجتماعي أكثر من الإيرادات، حيث سيكون من اللازم الاتجاه إلى الاحتياطي، مع العلم أن نفس الدراسات تقول إنه إذا أردنا الحفاظ على الوتيرة والتوازن يجب رفع نسبة الاشتراكات إلى أقل من 15 في المائة، أي أنه بإضافة نقطتين أو 2.5 عن المعدل الحالي (11.89 في المائة)، خلال الخمس سنوات القادمة، سيحافظ الصندوق على توازنه، عكس الصندوق المغربي للتقاعد مثلا، الذي يجب أن يرفع الاقتطاعات إلى 50 في المائة بدل 20 في المائة الحالية، وهو شيء مستحيل، مع التذكير بأن اللجنة التقنية كان من المفروض أن تقدم صياغة لجميع الصناديق، لكن لحد الآن لم تصغ اللجنة أمرا متوافقا عليه من طرف جميع الفاعلين، وربما ما زال النقاش دائرا في اللجنة. - وما رأيك في السيناريوهات المقترحة؟ أعتقد بأن توحيد الصناديق مجتمعة بدون تهيئة وبعشوائية ليس الحل المناسب. يجب أن يقوم كل صندوق على حدة بعدة واجبات، لتهييء ظروف مستقبلية للتوحيد. لكن هذا التجميع يجب أن يكون هدفا وليس منطلقا. نقطة ثانية تخص الوضع المالي للصناديق اليوم، ففي اعتقادنا، الوضع المالي لهذه الصناديق هو نتاج عوامل أخرى بعيدة عما هو ديموغرافي، من ضمنها عدم تأدية التعريفة الاكتوارية بالنسبة إلى الماضي، بمعنى أنه في بعض الصناديق، ومنها الصندوق المغربي للتقاعد، كانت الدولة كمشغل تؤدي في الماضي أقل من 10 في المائة كواجب الاشتراك، وفي العديد من السنوات لم تكن تؤدي أي سنتيم، وبالتالي فالتعريفة التي كانت تؤديها الدولة لم تكن كافية، فالخصاص يجب أن يؤديه شخص ما. ولو جمعنا هذه الصناديق ماذا يعني ذلك؟ يعني أن الدولة التي لم تكن تدفع في الماضي سيؤدي عنها المشغل في القطاع الخاص أو الأجير، وليس من العدالة أن يؤدي أجراء القطاع الخاص، وهم قلة، واجبات الدولة كمشغل لأن واجب الدولة يقف على عاتق 30 مليون مغربي، وليس على فئة أجراء القطاع الخاص. هذه من النقاط التي يجب أن تراعى في منظومة الإصلاح.أما رفع سن التقاعد، فهذه مسألة تقنية يمكن للفرقاء الاجتماعيين التوافق عليها أو العكس، لكن الأهم هو ضمان توسيع قاعدة المصرحين. والملاحظ أن معدل استفادة منخرطي الصندوق من التقاعد ليس هو 60 سنة، بل أكثر من ذلك، لأن هناك العديد من المصرحين لا يبلغون العدد الكافي من الأيام المصرح بها للاستفادة من التقاعد، وهو ما يحتم عليهم الاشتغال أكثر من 60 سنة.وبالتالي التقاعد الفعلي لمنخرطي الصندوق هو أكثر من 60 سنة. - وماذا عن بعض الأجراء المصرح بهم، ومع ذلك لا يستفيدون من تقاعد الصندوق؟ بالفعل هناك بعض الأشخاص الذين يصلون 60 سنة لا يستطيعون للأسف جمع عدد الأيام القانونية لكي يستفيدوا من معاش التقاعد، وهو 3240 يوما، لأسباب عدة، إما لعدم التصريح بهم بصفة منتظمة من طرف المشغل، أو التصريح بهم بشكل متقطع لأنهم يشتغلون بصفة غير دائمة ويبدلون مهنهم باستمرار. هؤلاء كانت لديهم حقوق مكتسبة بالصندوق، لكن عدم إتمامهم الأيام القانونية ووصولهم مثلا إلى 2000 يوم مصرح بها لا تخول لهم الحق في التقاعد، وهذا يطرح بعض التساؤلات من طرف هؤلاء المصرحين لكون الصندوق تغاضى عن تقديم خدماته إليهم، في حين أن القانون واضح في هذا الباب، وهو ما جعلنا نفكر في تقديم تعويض إلى هؤلاء ولو بسيط من أجل عدم تحسيسهم بحرمانهم من الاقتطاعات التي كانوا يقومون بها سابقا، حيث صادق مجلس إدارة صندوق الضمان الاجتماعي مؤخرا على تخصيص تعويض، مرة واحدة، لهؤلاء المستخدمين الذين انقطعوا عن أداء الواجبات ولم يصلوا إلى 3240 يوما المخولة للحق في التقاعد. هناك كذلك حالات أخرى تخص الأجراء الذين بلغوا 60 سنة ولم يصلوا إلى العدد الكافي، حيث يلزمهم مثلا 3 سنوات. هؤلاء يمكنهم أن يقوموا بعملية شراء إلى حين بلوغ عدد 3240 يوما. - قام الصندوق مؤخرا بحملة تتعلق بأداء الغرامات على تأخر التصريحات. أين وصل هذا الورش؟ هذه العملية هي تطبيق حرفي للقانون الذي كان موجودا، والذي ينص على إلزامية المشغل بالتصريح في الوقت المناسب، مع العلم أن العديد من المشغلين توصلوا بالتصريحات بصفة متأخرة، وللأسف فالأجير هو المتضرر الوحيد من تأخر المشغل في التصريحات، وبالتالي لا يستفيد من الحماية الاجتماعية، وهذا البند الذي كان موجودا في القانون لم يكن يطبق من قبل- لأن التأخير في التصريح يساوي الغرامة- لم يكن يطبق لعدة أسباب، من بينها أن التنظيم الداخلي للصندوق منذ 20 سنة لم يكن يسمح له بتطبيق البند، لكن مع التغييرات الحاصلة اليوم ومع التسهيلات الموجودة في التعامل ومعالجة التصريحات، ومع انطلاق استعمال البوابة الالكترونية للصندوق، أصبح من الممكن تطبيق هذا البند، وأصبح الصندوق يتابع التصريحات بصفة دورية وسريعة جدا. ويجب القول إن الغرض من هذا الإجراء ليس هو تغريم المشغلين، بل هدفنا حث المقاولين على تقديم تصريحاتهم في الوقت المناسب لكي يستفيد الأجير وأسرته من التغطية الاجتماعية والصحية مباشرة بعد التصريح به. وقد قمنا بمعية وكالات الضمان الاجتماعي جهويا بعملية تحسيس وتوعية المشغلين بأهمية التصريح في الوقت المناسب، وتمت مراسلتهم عدة مرات لشرح كيفية تطبيق هذا البند من القانون المنظم لعمل الصندوق، مع العلم أن أغلبية المقاولين كانوا أصلا يحترمون هذه المواعيد، وبالتالي لم نواجه صعوبات في هذه الحملة.