خرج عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عن هدوئه، مساء أول أمس الخميس، خلال اجتماعه بالفريق النيابي للتحضير للدخول التشريعي الجديد، صابّا جام غضبه على بعض «إخوانه». ولم يتمالك بنكيران أعصابه بعد أن وجد نفسه في وجه عاصفة من الانتقادات الحادة التي وجهها إليه عدد من برلمانيي الحزب، وكان يكفي أن يذكره أحد البرلمانيين بضرورة أن يراعي مسؤوليته حتى انفجر في وجهه بنبرة قاسية وحادة: «واش انت اللي باغي تعلمني»، قبل أن يتابع هجومه: «انتوما ما تتعرفوش وما تتفهموش الوضعية، وتطرحو علي الجزئيات. الشعب في طنجة ومراكش ووجدة هو اللي تيفهم وتيعرف أننا نريد الإصلاح ويدرك الإكراهات». وحسب مصادر حضرت اللقاء، فإن رد بنكيران «القاسي جدا» جاء بعد أن ضاق ذرعا بانتقادات وأسئلة لم تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتطرقت إليها، بدءا بأراضي الجموع واحتلال الملك العام، مرورا بالعلاقة بأعضاء الحكومة والتشريع، وانتهاء بالعلاقة برجال السلطة والتدخلات الأمنية والبطالة وتشغيل مجموعة من الصحراويين مؤخرا. ولم يفوِّت برلمانيو الحزب الإسلامي، خلال الفترة الصباحية التي غاب عنها بنكيران ووزراء الحزب بسبب مشاركتهم في المجلس الحكومي، الفرصة ليوجهوا سهام نقدهم إلى الحكومة التي يقودها، إذ بدا لافتا خلال تدخلاتهم، تركيزُهم على ثلاث نقط ضعف تخص نوعية أجوبة أعضاء الفريق الحكومي عن أسئلة نواب الأمة، وصعوبة التواصل معهم ومع دواوينهم، وكذا غياب تصور للعمل في إطار الأغلبية. إلى ذلك، عمد بنكيران إلى لعب ورقة الإكراهات ووضعية البلد في مواجهة عاصفة انتقادات برلمانيي حزبه، إذ شدد خلال كلمته، التي استمرت 25 دقيقة، على ضرورة استحضار وضعية البلد الصعبة اقتصاديا وسياسيا والإكراهات الموجودة. واختار بنكيران الانسحاب من جلسة التداول في انتخاب رئيس الفريق النيابي، وهو الانسحاب الذي قرئ على أنه إشارة إلى عدم رغبته في التأثير على نتائج الانتخاب في ظل حديث عن توجهه إلى تصفية حساباته مع عبد الله بوانو بإبعاده عن رئاسة الفريق النيابي، بعد أن كان قد أبعده عن عضوية الأمانة العامة إلى جانب كل من المقرئ أبو زيد وعبد العزيز أفتاتي. وبالرغم من انسحاب بنكيران من جلسة انتخاب رئيس الفريق، فإنه مازال يملك كل المفاتيح للإطاحة ببوانو الذي تصدر نتائج الانتخاب، عبر بوابة الأمانة العامة التي ينتظر أن تلتئم خلال الساعات القادمة وقبل جلسة الأسئلة الشفوية ليوم الإثنين للحسم وتزكية أحد الأسماء الثلاثة التالية: عبد الله بوانو، عبد العزيز العماري، عبد الصمد حيكر. وحسب مصدر حزبي، فإن التقدم الواضح الذي أحرزه بوانو خلال جلسة الانتخاب بحصوله على 65 صوتا من أصل 88 صوتا في مرحلة أولى، متقدما على عبد العزيز العماري، الرئيس السابق للفريق، وعبد الصمد حيكر، 62 صوتا من أصل 85 صوتا، متبوعا بالعماري ب 29 صوتا وحيكر ب 15 صوتا في المرحلة الثانية، لا يعبد الطريق أمامه لرئاسة الفريق. المصدر المذكور لم يستبعد أن يقطع بنكيران الطريق على طبيب مكناس مرة أخرى للوصول إلى منصب قد ينغص به على الأمين العام وعلى حكومته، وهو الذي كان قد هدد أكثر من مرة تماسك الأغلبية الحكومية بسبب هجومه المتتالي على وزير الداخلية، مما وضع رئيس الحكومة في موقف لا يحسد عليه في مواجهة أقرب حلفائه في التحالف الحكومي.