بعدما أصدر القضاء الإسباني الحكم بخصوص شرعية المكتب الجديد للفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية، الذي يرأسه منير بنجلون الأندلسي، بعد الطعن في شرعية «السبتاوي» حامد محمد علي، والتطواني محمد خرشيش، بدأت المحكمة الابتدائية في مدريد، قبل أسبوع، في اتخاذ إجراءات وقائية ضد المكتب المسيّر السابق، ممثلا في كل من حامد محمد علي، الذي لم يمتثل لجلستين أمام القضاء الإسباني، الأمر الذي اعتبرته المحكمة حالة «عصيان» وعدم احترام القضاء. وأمرت المحكمة المكتبَ السابق بتسليم كل الوثائق الخاصة بالفدرالية، على وجه السرعة، إلى المكتب الذي يُسيّره بنجلون الأندلسي، وكذا جميع العقود الموقعة باسم الفدرالية السابقة والكشوفات البنكية والوثائق المتعلقة بتسديد الضرائب والتسيير الإداري، سواء كانت عمومية أو خصوصية، كما أمرت المكتب السابقَ بالتوقف عن القيام بأي أنشطة باسم الفدرالية. من جهته، طالب منير بنجلون الأندلسي، الرئيس الجديد للفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية، المعروفة اختصارا ب»فيري»، مكتبَ خبرة عالميّ بافتحاص مالية الفدرالية لكشف ملابسات صرف المبالغ المالية التي تلقتها الفدرالية من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والتي تقدر، إلى حد الساعة، ب497 ألف أرور (حوالي 600 مليون سنتيم). كما وعد، في نفس الوقت، بنشر كل الوثائق المتعلقة بالفدرالية وتفاصيل صرف المساعدات التي تلقتها الفدرالية من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية وبعرض نتائج عملية الافتحاص المالي التي أمرت بها المحكمة أمام الرأي العام. وكانت وزارة العدل الإسبانية قد طعنت في نتائج انعقاد الجمع العامّ العادي للفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية، المعروفة اختصارا ب»فيري»، ثاني أكبر هيئة تمثيلية للمسلمين في إسبانيا، والذي كان قد أجمع على إعادة انتخاب السبتاوي المغربي حامد محمد علي، المعروف بربطه علاقات وطيدة مع وزارة الأوقاف وبالسلطات المغربية. وأفادت مصادر إسبانية «المساء» أن وزارة العدل سجلت، يوم 27 أبريل الماضي، المكتب الجديد للهيئة برئاسة المغربي منير بنجلون، المقرب من جماعة العدل والإحسان. وأضافت مصادرنا أن عدم قبول وزارة العدل الإسبانية بإعادة رئاسة الفدرالية من طرف حامد، بسبب صدور عدة تقارير إعلامية، بعضها محلي من منطقة شمال المغرب والأخرى إسبانية، تقول بربط هذا الأخير علاقات متشعبة مع السلطات المغربية، فيما كان تقرير استخباراتي إسباني، صدر في السنة الماضية في يومية «إلباييس»، قد أشار إلى توزيع الفدرالية، تحت رئاسة محمد علي، أموالا «ليس فقط بين أعضائها، بل كذلك بين الجمعيات التي هي على استعداد لاتباع التعليمات التوجيهية من الرباط».. واعتبر المكتب القديم للفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية أن عدم الاعتراف بمحمد علي واختيار منير بنجلون كرئيس لهذه الفدرالية، التي تضم أكثر من 100 جمعية تشتغل على المستوى الوطني الإسباني وتشرف على المساجد الكبرى هناك، هو بمثابة رسالة قوية لإمارة المؤمنين في المغرب وللمذهب المالكي بعدم التدخل في الشأن الديني في إسبانيا، عبر قبول طعن منير بنجلون، نائب رئيس الفدرالية الإسلامية في مورسيا، ضد القيادة السابقة سنة 2010. وكان اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية قد حاول، منذ السنة الماضية، عقد لقاءات ثنائية مع الجمعيات والفدراليات الدينية الإسلامية الناشطة فوق التراب الإسباني وكذا عقدَ لقاءات ثنائية ومتعددة مع مختلف الأطراف المعنية، قصد توحيد كلمة المسلمين ورصّ صفوفهم وتقوية شوكتهم في إطار قانونيّ يجمعهم تحت لواء واحد، لكنْ رغم حصول اتفاق على عقد مؤتمر خاص بالاتحادات الجهوية الإسلامية المنضوية تحت لواء اتحاد الجمعيات الإسلامية الإسبانية، في 26 مارس 2011 في العاصمة الإسبانية مدريد، من أجل تقييم أطوار الحوار الجاري مع الفدراليات الإسلامية الأخرى، وخصوصا الناشئة منها، والذي تمخّضَ عنه قبول جميع الاتحادات الجهوية بالتحاور مع كل الفدراليات، ومن بينها الفدرالية الإسبانية للهيئات الدينية الإسلامية، التي يتزعمها حامد محمد علي، قصد الخروج بقرار يفضي إلى توحيد المنظمات والفدراليات الإسلامية في إطار واحد مجمع عليه ومتوافَق بشأنه من طرف الجميع، فإن هذا الأخير، حسب مصدرنا، لمّا علم بالمبادرة التي اتخذها اتحاد الجمعيات الإسلامية في هذا الاتجاه، قام بإجراء اتصالاته مع الأطراف الأخرى كي يكون الاتحاد سباقا إلى عقد هذا المؤتمر برئاسته، بمساندة مطلقة وبتمويل من المجلس الأعلى للجالية المغربية المقيمة في الخارج، والذي يعتبر حامد محمد علي، سالف الذكر، إلى جانب زميله محمد خرشيش، عضوين فيه ويتقاضيان أجرهما من ميزانيته.