سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تجمعات عائلية تنخر إدارة كلية العلوم والتقنيات.. وتوظيفات مشبوهة وصمت مطبق للوزارة عميدة الكلية قالت ل« المساء »: «واش نتوما حاضيِينْ غير عائلْتي وما شفْتوشْ عائلات أخرى؟»
غضب غير مسبوق يسود أوساط الطلبة والأساتذة الجامعيين والموظفين العاملين في كلية العلوم والتقنيات «إف إس تي»، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي في طنجة، بسبب وجود «تجمعات عائلية» تعرفها هذه المؤسسة، وتتزعمها عميدتها أمينة أزماني، التي ضمت إلى هيئة أساتذة وموظفي المؤسسة 3 من أفراد أسرتها، هم ابنها وزوجة ابنها وشقيقها، والذين صعد بعضهم في سلالم الترقية بسرعة حتى صار رئيسا لمسلك. كما أن رئيس جامعة عبد المالك السعدي نفسه، حذيفة مزيان، يوجد في قلب هذه الزوبعة، بعد أن أشارت إليه عميدة «إف إس تي» نفسها، بأنه أيضا يوظف أكثر من خمسة من أفراد عائلته وأقاربه، إضافة إلى عائلة أخرى تحمل لقب «عبد الوهاب». وكشف مجموعة من الطلبة والأساتذة العاملين في الكلية، فاض بهم الكيل مع بداية الموسم الجديد، خاصة مع محاولة عميدة كلية العلوم والتقنيات ترقية زوجة ابنها، حديثة التخرج، من متصرفة إلى أستاذة جامعية، إلى جانب «ممارسات» أخرى دفعت عددا من أولئك الطلبة والأساتذة إلى إعلان رفضهم لهذه التصرفات، واعتبروا ما يجري «فسادا مستشريا في أروقة الكلية، وتسترا عليه من طرف إدارتها ورئاسة الجامعة». حكاية عميدة كلية العلوم والتقنيات بطنجة، بدأت مع ابنها، خريج الكلية نفسها، والذي درس عند والدته ونجح على يديها، قبل أن يتم دراسته في الخارج، وعاد بشهادة تقول والدته إنها خولته أحقية تولي منصب أستاذ جامعي لمادة الإلكترونيك. لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، فالابن الذي يصر بعض الأساتذة على وصفه ب«المحظوظ»، تحول إلى رئيس لمسلك الإجازة في الإليكترونيات. وحسب مصادر مطلعة، فإن ابن عميدة الكلية وصل إلى هذا المنصب دون اجتيازه لأي مباراة، في الوقت الذي يقول أساتذة عن مرشحين آخرين إنهم كانوا أكفأ منه بكثير. حكاية أسرة عميدة كلية العلوم والتقنيات مع توظيف أفراد من أسرتها استمرت مع شقيقها أيضا، الذي درس بدوره عند شقيقته في الكلية ذاتها، قبل أن يتحول إلى أستاذ جامعي في مادة الإعلاميات. وأمام استغراب عدد من الطلبة والأساتذة الجامعيين، الذين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم خشية انتقام الإدارة، وجد العاملون في الكلية أنفسهم أمام ثالث حالة توظيف لأشخاص تربطهم صلة عائلية بالعميدة أزماني، عندما أقدمت على توظيف زوجة ابنها فور تخرجها، في منصب متصرفة داخل الكلية، لكن النقطة التي أفاضت الكأس، حسب المصادر نفسها، كانت هي محاولة ترقيتها إلى أستاذة جامعية بعد فترة وجيزة، وهو ما أثار غضبا كبيرا في أوساط الكلية. وحسب مصادر من داخل كلية العلوم والتقنيات، فإن هذه المؤسسة «تعيش غليانا حقيقيا»، كون أن عددا من الأساتذة باتوا يعتبرون أن عميدة الكلية «تستبد بقرارات التعيين دون استشارة أي من إداريي أو أساتذة الكلية، وتضع أفراد عائلتها والقريبين منها على رأس قائمة المستفيدين من التوظيف أو الترقية الوظيفية». وتضيف مصادر «المساء»، التي شددت على عدم ذكر أسمائها تخوفا من إجراء عقابي أو انتقامي قد يطالها، على حد وصفها، بحكم «النفوذ» الذي تتمتع به عميدة الكلية، وقُربها من رئيس الجامعة حذيفة أمزيان، (تضيف) أن بعض الأساتذة دخلوا في نقاش حاد مع العميدة أمينة أزماني، بداية الموسم الجامعي الحالي، بعد رفضها تسجيل طلبة جدد تتوفر فيهم جميع الشروط، في حين حاولت تسجيل طلبة آخرين غير مخول لهم الالتحاق بكلية العلوم والتقنيات. وحسب مصادر مقربة من إدارة كلية العلوم والتقنيات، فإن قوة عميدتها تستمدها من علاقتها القوية برئيس الجامعة حذيفة أمزيان. من جهتها، اتصلت «المساء» بعميدة كلية العلوم والتقنيات لمعرفة ردها حول المعطيات المتوفرة، حيث لم تخف أزماني «صدمتها» لهذه «الاتهامات»، والتي اعترفت ضمنيا بها، وقالت إن أفراد عائلتها «مواطنون مغاربة من حقهم شغل وظائف الكلية»، التي تتربع على رأسها، وأضافت أن ابنها وصل إلى موقعه ب«شكل قانوني ومستحق بالنظر لتفوقه»، حسب قولها. غير أن العميدة انتقلت بسرعة للحديث عن نفسها وعن «سمعتها الجيدة»، معتبرة أنها «فوق الاتهامات الموجهة لها». وطلبت «المساء» من العميدة أزماني، الكشف عن وثائق ومسطرة توظيف أقاربها، والشواهد التي حصلوا عليها، ومعادلة الشواهد المتحصل عليها من الخارج، وهو الأمر الذي قالت العميدة إنها تحتاج لموافقة رئيس الجامعة قبل القبول به، قبل أن تعلق قائلة: «هل رأيتم أسرتي أنا فقط؟، ألم تسمعوا بمسؤولين جامعيين في جامعة عبد المالك السعدي نفسها، يوظفون 5 إلى 6 أشخاص من أقاربهم..؟ ألم تسمعوا بعائلة «عبد الوهاب» وعائلة «أمزيان»..؟» وختمت كلامها بغضب: مَا شفْتُو غِيرْ عائلتي أنا؟». من جانبه، لم يبتعد رئيس جامعة عبد المالك السعدي، حذيفة أمزيان، كثيرا عن السياق الذي مضت فيه العميدة أمينة أزماني، حيث كان أول أجوبته على استفسارات «المساء» هي أن «من حق أقارب الموظفين أن يشغلوا وظائف داخل مؤسسات يشرف عليها أقرباؤهم، بصفتهم مواطنين مغاربة»، حسب تصريحه. وفضل رئيس الجامعة الرد بأجوبة عامة من قبيل أن «أي موظف يشغل وظيفة عمومية لابد أن يحترم الشروط والمساطر»، غير أن إلحاح «المساء» على المسؤول الجامعي ليفسر وجود 4 أشخاص من أسرة واحدة داخل المؤسسة نفسها (أسرة ازماني، وخمسة أو ستة أفراد من أسر أخرى)، واجهه المتحدث بالقول إنه لا يملك معلومات آنية حول الموضوع، وأن الموضوع الوحيد الذي هو على استعداد للإجابة عليه هو الدخول الجامعي الجديد، لكن «المساء» تلقت وعدا شفويا من أمزيان بإعادة فتح الملف بعد منحه «مهلة» لجمع معطيات عنه. وحسب مصادر من داخل الكلية، فإن وزارة التعليم العالي سبق أن بعثت استفسارا إلى عميدة كلية العلوم والتقنيات، وخاصة بعد توظيفها زوجة أخيها، ووعدت الوزارة الوصية ببعث لجنة لتقصي الحقائق حول الموضوع، والتي لم تُكشف نتائجها إلى الآن. وفي اتصالها بالكاتب العام لوزارة التعليم العالي، عبد الحفيظ الدباغ، لمعرفة المعطيات الرسمية حول هذا الموضوع، كان أول ما واجه به الجريدة هو القول بأن «الصحافة تستمع كثيرا للإشاعات»، قبل أن يطلب بدوره مهلة للتعرف على حيثيات الموضوع. ويطالب عدد من أساتذة كلية العلوم والتقنيات وزارة التعليم العالي بالتحرك للكشف عن مدى قانونية توظيف العميدة أزماني وأمزيان وعبد الوهاب لأفراد أسرهم، كما يطالبون بإيفاد لجنة للتحقيق في الخروقات التي تعرفها الكلية، غير أن مصادر جامعية قالت إن وزارة التعليم العالي تعرف تفاصيل ما يجري في كلية العلوم والتقنيات بطنجة، بالإضافة إلى خبايا جامعة عبد المالك السعدي، ورغم ذلك لم تتحرك، وهو ما أصبح يتطلب فتح تحقيق قضائي من طرف النيابة العامة، عوض انتظار تحرك لن يتم من جانب وزارة لحسن الداودي. وحسب آخر المعطيات التي تتوفر عليها «المساء»، فإن عددا من الأساتذة الجامعيين وموظفي الكلية باتوا يطالبون بالتحقيق مع عميدة كلية العلوم والتقنيات، ما دفعها إلى إبداء رغبتها في الرحيل عن عمادة الكلية، حيث ستكون هذه السنة هي الأخيرة لها كعميدة، علما أنه كان من المفروض، حسب مصادر من إدارة الجامعة، أن تترك منصبها قبل سنتين، بالنظر إلى انتهاء مدة العمادة القانونية. ويرتقب أن يكون الموسم الدراسي الحالي في جامعة عبد المالك السعدي ساخنا، نظرا إلى اتهامات أخرى تتجمع فوق سماء مكتب رئيس الجامعة، حذيفة أمزيان، من بينها طريقة تصريف ميزانية البرنامج الاستعجالي، وطرق توظيف عدد من الأساتذة من خارج التجمعات العائلية المذكورة، بالإضافة إلى الزج بخمسة طلبة في السجن بعد قيامهم بأخذ أجهزة حواسيب بدون إذن، وهو ما تم اعتباره سرقة، حيث تم تدمير مستقبلهم تماما وأدخلوا السجن مثل عتاة المجرمين.