تسببت الخلافات التي طغت حول برنامج البعثة البرلمانية الأوربية المكلفة بقضية الصحراء في تأجيل زيارة لهذه الأخيرة للمغرب كانت مقررة في الفترة الممتدة ما بين 21 إلى 24 نونبر الجاري. وعزت مصادر مقربة من البعثة أسباب هذا التأجيل إلى الشكوك التي راودت عناصر هذه البعثة المكونة أساسا من نشطاء سياسيين أوربيين معروفين بمناصرتهم للبوليساريو حول ما اعتبروه تلاعبات جديدة من قبل السلطات المغربية، حيث فضلوا تأجيل انطلاقهم إلى شهر يناير المقبل بعد أن رفضوا البرنامج الذي اقترحته عليهم السلطات المغربية، لكونه لا يندرج ضمن أهداف بعثة الوفد الخاص. وكان البرلمان الأوربي قد أسس سنة 2005 لجنة خاصة بالصحراء بعدما صادقت كافة المجموعات السياسية خلال شهر أكتوبر من نفس السنة على لائحة سياسية مشتركة حول الصحراء من أجل تقصي الحقائق حول الأحداث التي عرفتها المنطقة في تلك السنة، حيث تقرر في يناير 2006 إيفاد لجنة خاصة إلى الصحراء. وكان من المقرر أن يعرض هذا الوفد تقريرا أمام لجنة الحريات والشؤون الخارجية حول وضع حقوق الإنسان بالمنطقة، لكن توقفت صياغة هذا التقرير على هذه الزيارة التي تم تأجيلها أكثر من مرة. وكان رئيس وفد المغرب العربي قد أعلن في وقت سابق خلال اجتماع بمقر البرلمان أن سفارة المغرب ببروكسل قد أنهت إلى علمه أن السلطات المغربية موافقة على الزيارة المشتركة لخمسة برلمانيين منهم اثنان من اللجنة الخاصة والبقية من وفد المغرب العربي. مصدر من الكوركاس حمل البعثة الأوربية مسؤولية التأجيلات المتكررة من خلال تسطيرها لبرنامج يتوخى الالتقاء فقط بالعناصر المعروفة بمناصرتها للبوليساريو، وإقصائها لباقي أبناء المنطقة. وكشف المصدر ذاته أن المغرب وافق على مضض على زيارة هذه اللجنة، بشرط أن يتسم عملها بنوع من التوازن من خلال الاستماع إلى كافة الأطراف، وعدم تغليب وجهة نظر معينة، مشيرا إلى أن مثار اعتراض المغرب على هذه البعثة يكمن في التشكيلة المكون منها الوفد، باعتبارهم ينشطون داخل جمعيات الصداقة مع الشعب الصحراوي، ويستغلون يافطة البرلمان الأوربي للترويج لأطروحة البوليساريو. وأوضح المصدر ذاته أن جوهر الصراع حول الصحراء قد تم اختزاله بالكامل خلال الفترة الأخيرة في موضوع حقوق الإنسان، كما أن موافقة المغرب على زيارة عناصر هذه البعثة جاء تحت ضغط الطلب الذي تقدم به لاتحاد الأوربي من أجل الحصول على الوضع المتقدم من أجل التعبير عن حسن النية من جهة، وحتى لا يحرج أصدقاءه داخل البرلمان الأوربي، لكن تلك الموافقة -يشير المصدر ذاته- بقيت دون ذكر تاريخ محدد. وبعد ذلك نظم المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، في سابقة هي الأولى من نوعها بالمنطقة، ندوة حول واقع حقوق الإنسان، وكان الغرض من هذه الندوة هو تهييء المجال أمام هذه اللجنة لسد الطريق أمام العناصر الموالية للبوليساريو. وتوقع المصدر ذاته أن يكون للمواقف المسبقة لعناصر هذه البعثة تأثيرها البالغ على طبيعة التقرير الموجود حاليا أمام لجنة الحريات والشؤون الخارجية حول وضع حقوق الإنسان، حيث تطالب جبهة البوليساريو بالكشف عن نتائجه. وفي موضوع ذي صلة، استعرض وفد عن بوليساريو الداخل بمقر الأممالمتحدة بنيويورك جملة ما اعتبروه انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الواقعة تحت سيطرة المغرب. وقد نشطت الحقوقية أمنتو حيدار رفقة اعلي سالم التامك محاضرة عن الانتهاكات وأوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة. كما التقى الوفد، الذي ضم كلا من محمد لحبيب خليلي ومحمد المتوكل، بأعضاء من الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، حيث تم استعراض ما اعتبروه أوضاعا مأساوية يعيشها السجناء السياسيون الصحراويون في السجون المغربية.