كان المغرب أول دولة تقيم مستشفى ميدانيا بالأردن من أجل تقديم الخدمات الطبية والصحية للاجئين السوريين. تطور الإقبال بشكل ملموس على هذا المستشفى، رغم إقامة مستشفيات مماثلة في مخيم «الزعتري»، لأنه يعتبر الأكثر من حيث التجهيزات والوحدات والتخصصات المتوفرة فيه. لا يكتفي بإسعاف الجرحى وعلاج المعطوبين وفحص المرضى ومداواتهم، بل إنه يتضمن أيضا وحدة خاصة بطب النساء والتوليد أشرفت على ولادة العديد من اللاجئات السوريات. بات المستشفى الميداني المغربي بالأردن المقام خصيصا لتقديم الخدمات الطبية للاجئين السوريين، الذين يفرون من بلادهم خوفا من القتل على أيدي شبيحة «الأسد»، يخطف الأضواء في مملكة الأردن الهاشمية. فقد توافد عليه آلاف السوريين طلبا للعلاج، وقدم لأرقام قياسية منهم خدمات طبية أشرف عليها طاقم طبي كفء وعلى مستوى عال من التكوين في العديد من التخصصات. وتفيد المعطيات المتوفرة بأن المستشفى الميداني المغربي الخاص باللاجئين السياسيين، الذي تم نصبه من قبل القوات المسلحة الملكية، قدم خدماته لقرابة عشرين ألف لاجئ سوري بالأردن في الفترة الممتدة بين عاشر غشت المنصرم و17 شتنبر الجاري. وقدرت مصادر إعلامية عربية أعداد المستفيدين في هذه الفترة لوحدها بنحو 19 ألفا و450 شخصا. وإلى جانب هؤلاء المرضى المستفيدين من خدمات طبية مباشرة، وزع المستشفى أدوية متنوعة على زهاء 10 آلاف و275 لاجئا سوريا. قبل ذلك بأربعة أيام، كانت حصيلة المستشفى كالتالي: إجراء 826 فحصا، استفاد منها 330 طفلا و227 من النساء و269 رجلا، بالإضافة إلى أربع عمليات جراحية. وقد أقيم المستشفى الميداني المغربي في بداية شهر غشت الماضي، بمبادرة من الملك محمد السادس لمواكبة جهود الأردن المحمودة في مساعدة اللاجئين السوريين. كما أرسلت المملكة المغربية أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية للاجئين السوريين في المملكة الأردنية الهاشمية. ففي الأسبوع الأول من غشت الماضي، حطت 7 طائرات عسكرية مغربية في مطار العاصمة الأردنية عمان، حاملة مساعدات إنسانية، طبية وغذائية، للاجئين السوريين، الذين لاذوا بأنفسهم إلى الأردن فرارا من بطش «شبيحة» الرئيس بشار الأسد. وتضمنت تلك المساعدات مستشفى طبيا ميدانيا يتكون من العديد من الوحدات ويتوفر على تخصصات عديدة، بالإضافة إلى مساعدات غذائية وصلت إلى 60 طنا من المواد الأساسية مثل السكر والدقيق والمعجنات والزيت، فضلا عن 55 طنا من الأرز والحليب المجفف المخصص للأطفال. وفي الوقت الذي وجدت فيه المساعدات الغذائية طريقها إلى الهيئات المشرفة على توزيع المساعدات الإنسانية على اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري، تم تركيب المستشفى الميداني المغربي وشرع في تقديم خدماته اعتبارا من 10 غشت المنصرم. إقبال متزايد لم تمر سوى بضعة أسابيع على إقامة المستشفى المغربي في منطقة المفرق الأردنية، ليكون قريبا من أماكن تجمع اللاجئين السوريين على الحدود السورية الأردنية. وقد سجل تزايد ملموس في عدد المقبلين على هذه المؤسسة الاستشفائية بعيد إقامتها، بعد أن ذاع صيت الخدمات التي تقدمها في صفوف اللاجئين، علاوة على تنامي أعداد السوريين اللاجئين نحو الأردن فرارا من بطش قوات نظام الرئيس بشار الأسد. ويتوفر هذا المستشفى الميداني على كفاءات طبية عالية التكوين في مختلف التخصصات، وقد وضعت رهن إشارتها تجهيزات طبية حديثة تمكنها من القيام بمهمتها بسرعة كبيرة ودقة فائقة. ومع ذلك، فإن الضغط يتزايد على المستشفى يوما بعد آخر، حيث إن رئيسه مولاي الحسن الطاهري، أكد أن مختلف مصالح وأقسام المستشفى تستقبل يوميا حوالي 500 حالة، وفي جميع التخصصات الطبية المتوفرة بالمستشفى، وهو ما يرفع المعدل الشهري للمستفيدين من خدمات هذه المؤسسة الاستشفائية الميدانية، والموجهة خصيصا للاجئين السوريين، إلى 15 ألف لاجئ. ولا يكتفي هذا المستشفى باستقبال المرضى من اللاجئين السوريين وتشخيص حالاتهم المرضية، بل يتعداه إلى التكفل بهم كمرضى وجرحى ومعطوبي الحرب الدائرة رحاها بسوريا في جميع مراحل العلاج. إذ يحرص الطاقم الطبي على توفير كل الأدوية الضرورية لعلاج كل الحالات التي ترد عليه. وبما أن اللاجئين يضمون في صفوفهم فئات لا تعاني فقط من جروح جسدية وبدنية وأمراض عضوية، بل تمتد معاناتها لتشمل أمراضا نفسية، فإن الأطباء المغاربة يحرصون على المتابعة النفسية لجميع الحالات التي يعالجونها إلى حين تمكنها من استعادة عافيتها الكاملة. وقد أرجع رئيس المستشفى هذا الإقبال الكبير على المستشفى المغربي، رغم وجود مستشفيات ميدانية أخرى أقامتها دول عديدة في المنطقة لإسعاف اللاجئين السوريين إلى «كون اللاجئين الوافدين عليه يجدون فيه العلاجات المطلوبة كيف ما كان نوع مرضهم أو إصابتهم». وأكد الطاهري كذلك على أن المغرب كان أول دولة تقيم وحدة طبية متكاملة داخل مخيم الزعتري في منطقة المفرق، التي اجتمع فيها عشرات آلاف اللاجئين السوريين. وأفاد رئيس المستشفى نفسه بأن الوحدات الطبية، التي التحقت بالمنطقة في وقت لاحق، استعانت بخدمات القائمين على المستشفى الميداني المغربي من أجل تسهيل مأموريتها في المخيم، الذي يتزايد أعداد الوافدين عليه يوما بعد آخر. تجهيزات وكفاءات يداوم في المستشفى الميداني المغربي المقام بمخيم الزعتري للاجئين السوريين 75 إطارا طبيا، منهم 28 طبيبا في 20 تخصصا و26 ممرضا متخصصا و32 إطارا آخرين متخصصين في الصيانة الطبية. وقد أكد المسؤولون عن هذا المستشفى أن المغرب حرص بعيد إقامته على مضاعفة عدد الأطباء الجراحين في عدة تخصصات، من قبيل الجراحة العامة التي وضع فيها طبيبان رهن إشارة المستشفى وعدد مماثل في تخصص جراحة العظام، بالإضافة إلى طبيب مختص في الجراحة التقويمية وآخر متخصص في جراحة الجهاز العصبي. وتتضمن هذه المؤسسة الاستشفائية المتنقلة كذلك كفاءات ومؤهلات كبيرة في مجال اليقظة الصحية، حيث تتوفر على خلية مكونة بالأساس من طاقم مختص في علم الأوبئة والصحة العمومية والطب الجماعي، فضلا عن أطباء مختصين في الطوارئ والمستعجلات وطب الأسنان والأطفال والنساء والبيطرة والقلب والجلد والأمراض الباطنية والطب النفسي والعيون . ورغم أن المستشفى عبارة عن وحدة طبية متنقلة كبيرة، فإن طاقته الاستيعابية تناهز 60 سريرا في الوقت الراهن، علما أن القائمين عليه يؤكدون وجود إمكانيات لتوسعته إذا اقتضت الضرورة ذلك. وبالإضافة إلى الفضاء الخاص بالأسِرة، يتكون المستشفى كذلك من غرفة عمليات مجهزة بكل الأجهزة الضرورية لإجراء مختلف أنواع العمليات الجراحية في ظروف تجعل سلامة المريض أولوية. ويتضمن المستشفى كذلك قاعة للمستعجلات وأخرى للعلاجات الأولية ومختبرا لإجراء جميع الفحوصات الضرورية، بما فيها الفحوصات بالأشعة، وغرفا لمختلف الفحوصات الطبية، فضلا عن سيارتي إسعاف مجهزتين بكل ما يلزم من معدات. إجمالا، يتوفر المستشفى الميداني المغربي على نحو 20 تخصصا طبيا، حيث تعكف أطر طبية مؤهلة وعلى قدر كبير من الكفاءة والتكوين، على تقديم الخدمات الصحية للاجئين السوريين حسب طبيعة كل حالة على حدة. وتتوزع هذه التخصصات بين الجراحة بمختلف أنواعها، التي خصصت لها غرفة عمليات مجهزة كما سلف الذكر، وطب الأطفال والنساء والقلب والجلد والأمراض الباطنية والطب النفسي والعيون وطب الطوارئ واليقظة الصحية. كما يتوفر على مختبرات لإجراء الفحوصات بالأشعة، مما منح المستشفى المغربي، حسب تصريحات القائمين عليه لوسائل إعلام دولية، ميزة خاصة عن باقي المستشفيات الميدانية، التي لا تتوفر على هذا الكم من التخصصات. تنسيق ثلاثي وكان لافتا إقدام القائمين على المستشفى الميداني الفرنسي بالأردن، الذي أقامته الحكومة الفرنسية لتقديم الخدمات الطبية للاجئين السوريين، الذين يلوذون إلى المملكة الأردنية، على التماس التنسيق مع المستشفى المغربي بهدف تحسين الخدمات المقدمة للسوريين في مخيم الزعتري. وانضم إلى عملية التنسيق مستشفى «الملك المؤسس»، الذي يعتبر من أبرز المؤسسات الاستشفائية الجامعية في الأردن. وينتظر أن يفرز هذا التنسيق الثلاثي مركزا استشفائيا ميدانيا، خصوصا وأن المركز الاستشفائي الأردني بادر إلى الانخراط في تعاون وطيد مع المستشفى المغربي منذ البداية، قبل أن تتسع دائرة التعاون بافتتاح المستشفى الميداني الفرنسي. وتتم عملية التنسيق هذه تحت أنظار ممثلي المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الصحة العالمية. ووفق مصادر إعلامية عربية، حضرت جل الاجتماعات الممهدة للتنسيق بين المغرب وفرنسا والأردن لعلاج اللاجئين السوريين، فإن هذه الاجتماعات ركزت على توزيع عمل المستشفيات وركزت على سبل استثمار التخصصات المتوفرة في المستشفيين الميدانيين، المغربي والفرنسي، ودرست الحالات التي تلزم إحالتها على المركز الاستشفائي الأردني من أجل إسعافها. وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام دولية عن مولاي الحسن الطاهري، رئيس المستشفى الميداني الطبي الجراحي المغربي، قوله، عقب هذه الاجتماعات، أنه جرى بحث سبل تنسيق العلاجات المقدمة للمرضى والمصابين من اللاجئين السوريين، الذين تتطلب حالاتهم عناية مركزة ولمدة طويلة. وبخصوص دور المركز الاستشفائي «الملك المؤسس»، أوضح الطاهري أن المباحثات معه تركزت بالأساس على كيفية التدخل في الحالات التي يستلزم علاجها في إطار ما يعرف بالتخصصات الطبية من مستوى أعلى، وهو «المستوى الرابع»، خصوصا أن هذا النوع من التخصصات غير متوفر في المستشفيين الميدانيين المغربي والفرنسي، على حد سواء. اهتمام فرنسي لم تقف تجليات الاهتمام الفرنسي الكبير بالمستشفى الميداني المغربي بمخيم الزعتري عند حد طلب التنسيق وبحث سبل التعاون لتقديم أجود الخدمات الطبية للاجئين السوريين، بل تبدت بوضوح في حرص وزيرين في حكومة الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند على زيارة المستشفى المغربي في وقتين متقاربين. فقد حرص وزير الدفاع الفرنسي، جان ايف لادريان، على القيام بزيارة خاصة إلى المستشفى المغربي يوم تدشينه المستشفى الميداني الفرنسي بمخيم الزعتري الخاص باللاجئين السوريين بالأردن، الذين باتت الإحصائيات تقدرهم بما يزيد عن 150 ألف لاجئ، وأثنى على مبادرة المغرب إلى إرسال دعم لوجيستيكي وإنساني هام لفائدة اللاجئين السوريين بالأردن، خصوصا إقامة المستشفى الميداني الطبي للجراحة، علاوة على عشرات الأطنان من المساعدات الغذائية. وبعيد فترة قصيرة من زيارة وزير الدفاع الفرنسي، أقدم وزير فرنسي ثان على القيام بزيارة مماثلة للمؤسسة الاستشفائية الميدانية المغربية بعيد تجوله في المستشفى الميداني لبلاده، الذي افتتح بعد ستة أيام من نظيره المغربي، وتحديدا في 16 غشت الماضي، ويتضمن فريقا من الأطباء والجراحين، غير أنه لا يرقى إلى أهمية التجهيزات وحجم الأطر المتوفرة في المستشفى الميداني المغربي. ولادات جديدة تفيد الإحصائيات المتوفرة بأن الجناح الخاص بقسم النساء والتوليد بالمستشفى الميداني المغربي بمخيم الزعتري أشرف على توليد العديد من اللاجئات السوريات، ضمنهن من ولدن بعد إخضاعهن لعمليات قيصرية. فبعد الإشراف على ولادة 16 لاجئة سورية بمخيم الزعتري في أسبوعيه الأولين، ضمنهن 5 حالات ولدن بعد خضوعهن لعمليات جراحية قيصرية، عرف المستشفى نفسه تسجيل ثمان حالات ولادة جديدة في الأسبوع الأخير من شهر غشت المنصرم. ولم يكشف بعد عن الإحصائيات الخاصة بالأسبوعين الأولين من شهر شتنبر الجاري في مجال الولادات، التي تمت تحت الإشراف الطبي لطاقم المستشفى الميداني المغربي. وفي هذا الإطار، أفاد رئيس المستشفى بأن طاقمه أشرف في الأسبوع الأخير على ثمان ولادات جديدة، اثنتان منها تمتا بعملية قيصرية، مشددا على حرص أطره الطبية على التعامل مع هذه الحالات بأعلى درجات الدقة الطبية والمهنية، تفاديا لحصول أي مضاعفات للأمهات ومواليدهن الجدد. وبخصوص الحالة الصحية للأمهات والمواليد الجدد، أكد الطاهري أنها «جيدة»، غير أنه عبر عن مخاوفه من الأخطار التي قد تتهدد صحة الرضع وأمهاتهم بعد خروجهن من المخيم، مؤكدا حاجتهن للرعاية الطبية في مكان تتوفر فيه الشروط الصحية والطبية. وبالإضافة إلى الإشراف على عملية الولادة وتوفير الرعاية الطبية، يبادر المستشفى الميداني المغربي إلى منح كل الأمهات اللاجئات، اللواتي يضعن مواليدهن الجدد تحت الإشراف الطبي لأطقمه، بيتا متنقلا بهدف الحفاظ على صحتهن وصون سلامة مواليدهن قبل أن يغادرن المستشفى عائدات إلى مكان إقامتهن بمخيم الزعتري. ويتوقع القائمون على المستشفى الميداني المغربي تسجيل تزايد ملموس في عدد حالات الولادة، التي تتم في المستشفى، خصوصا في ظل التزايد الملحوظ في أعداد اللاجئين المتوافدين على مخيم الزعتري، بالإضافة إلى عدد النساء اللواتي يتابعن وضعية حملهن في المستشفى الميداني المغربي.
إشادة سورية بالمستشفى الميداني المغربي بالأردن يحظى المستشفى الميداني المغربي المقام بمخيم الزعتري بمنطقة المفرق الأردنية من أجل تقديم الخدمات الصحية والطبية للاجئين السوريين، الذين توجهوا إلى الأردن تحصنا من آلة قتل «شبيحة» الرئيس بشار الأسد، بمكانة متميزة في المخيم. مكانة لم تجد الاعتراف من قبل الفرنسيين والأردنيين فقط، بل إن المستشفى يحظى، وفق تأكيدات وكالات أنباء دولية، بإشادة من قبل اللاجئين السوريين الذين يقصدونه لتلقي العلاج في مختلف الوحدات. وفي هذا الإطار، نقلت مصادر إعلامية متفرقة اهتمت بتجربة المستشفى الميداني المغربي بمخيم الزعتري تصريحات عن لاجئين سوريين يصفون فيها الخدمات التي يتلقونها على أيدي الأطقم الطبية والصحية المغربية ب»الجيدة والممتازة». وعبر لاجؤون سوريون كثر، كذلك، عن ارتياحهم لمستوى الخدمات التي توفر لهم داخل المستشفى، مشيدين بأهمية التخصصات التي يتكون منها، والتي تخول لهم إجراء العديد من الفحوصات وتلقي مختلف أنواع العلاجات حسب حاجة كل حالة. كما كشف لاجؤون آخرون، ضمنهم نساء، عن تأثرهم بكون المغرب أول دولة تبادر إلى إقامة مستشفى ميداني من هذا النوع في مخيم الزعتري من أجل إسعاف اللاجئين السوريين. وبما أن شبيحة بشار الأسد لا تزال تواصل أعمال العنف في سوريا، فإنه ينتظر أن يزداد عدد الوافدين على هذا المخيم في الفترة المقبلة، وينمو بذلك الطلب على المستشفى الميداني المغربي، الذي يؤكد القائمون عليه قابليته للتوسعة إذا اقتضت الضرورة.