فاجأت مجموعة من النساء، المنتميات إلى الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة، الحاضرين في الندوة الإقليمية للوقاية ومحاربة العنف ضد النساء، المنظمة صباح أمس في الرباط، بالاحتجاج على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزيرة التضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية، بسيمة الحقاوي. واستنكرت الجمعيات النسائية ما اعتبرته «إقصاء» لتراكم تجاربها الرائدة في مجال مناهضة العنف ضد النساء، وتغييبا لها من البرنامج المقترح لأشغال الندوة. ورفعت الجمعيات المحتجة شعارات مكتوبة تطالب الوزارة الوصية باعتماد مقاربة تشاركية مع المجتمع المدني، وتوضيح استراتيجيتها في مجال مناهضة العنف ضد النساء، والإسراع بإخراج هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. وعمدت الجمعيات المحتجة إلى توزيع بيان داخل القاعة تطالب فيه بتغيير القانون الجنائي ومراجعته بشكل جذري وشمولي بما يضمن للنساء الحماية من التمييز والعنف، والعمل على إصدار قانون إطار لمناهضة العنف ضد النساء وفق مقاربة حقوقية يوفر آليات للوقاية والحماية وجبر الضرر للنساء الضحايا ووضع حد لظاهرة تزويج القاصرات، مع ضرورة تصديق المغرب على الاتفاقيات الأوربية لمناهضة العنف ضد النساء. إلى ذلك، اعتبر رئيس الحكومة أن «النتائج التي أسفر عنها البحث الوطني حول العنف الممارس ضد النساء، والذي كشف أن ما يقارب 6 ملايين من النساء المغربيات يتعرضن للتعنيف، تشكل بالنسبة إلى الحكومة ناقوس خطر يحتم علينا جميعا اتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات قانونية وتنظيمية وتربوية وتوعوية لقطع دابر هذه الآفة». وأكد أن «العنف الممارس ضد النساء يشكل ظاهرة مشينة تنم عن انحراف خطير في سلوك مقترفيه، ويشكل أحد أبرز مظاهر التمييز التي ما تزال تطال المرأة، مما يفرض علينا أن نعمل جميعا، كل من موقعه، على اتخاذ تدابير وقائية لتطويقها وتعزيز حماية المرأة للنهوض بحقوقها الأساسية في جميع الميادين». ونوه بنكيران بمجهودات مراكز الاستماع والإرشاد القانوني للنساء، والجمعيات النسائية، وكذا بالدور الهام لوسائل الإعلام والصحافة الوطنية في التعريف بهذه الظاهرة وبعواقبها الوخيمة على سلامة النساء الجسدية والنفسية بصفة خاصة، وانعكاساتها السلبية على تطور الأسرة والمجتمع بصفة عامة. في السياق ذاته، أوضحت بسيمة الحقاوي أن «العنف يتركز بالخصوص في الفئة العمرية النسائية النشيطة (18-45 سنة)، وهو معطى إحصائي وديمغرافي له كثير من الآثار الاقتصادية والاجتماعية»، وأن «الظاهرة يبقى تقديرها، إحصائيا، جد نسبي لأن الأمكنة التي يمارس فيها العنف بكثرة وبترددات كبيرة وبنسب عودة عامة بآثار سلبية جمة، هي عموما الفضاءات الخاصة، حيث يتصدر العنف المنزلي بين الأزواج أشكال العنف بنسبة تفوق 50 %». وأكدت الوزيرة أن هناك صعوبة في توحيد مسارات حماية النساء المعنفات، لكن الدولة هي المسؤولة عن حماية مواطناتها من العنف والاستغلال والأذى؛ وفي غياب قوانين خاصة، يدخل مسار الحماية في متاهات خصوصيات المقاربات وتنوعها، مما يؤدي إلى تشتت المجهودات المبذولة في هذا المجال، مشيرة إلى أن «النساء المغربيات أكثر صبرا وتكتما».