خلال فترة لا تتعدى شهرا واحدا تقريبا، عقد رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لقاءين مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، اللقاء الأول أبرم في غشت الماضي واللقاء الثاني التأم يوم الأربعاء، في محاولة للدفع بالتفاهم بين الحكومة والباطرونا، بعد المذكرة التي تم التوقيع عليها بين الطرفين في شهر مارس الماضي، والتي رسما فيها خارطة الطريق من أجل التعاون والتنسيق. وقد سمع بنكيران، الذي ربما كان يتوقع مقترحات عملية من الباطرونا لتحريك الملف الاجتماعي المتوتر، من مريم بنصالح «توجيهات» على شكل مطالب للحكومة باعتماد الشفافية والحكم الرشيد لتأمين المناخ السليم للاستثمار الاقتصادي، وبوضع رؤية جديدة ووسائل عمل مغايرة و»إضفاء صبغة أخلاقية على الاقتصاد». إن الإقلاع الاقتصادي يحتاج إلى باطرونا ذات هاجس وطني، لأن اقتسام التنمية هو سر النجاح الاقتصادي في البلدان المتقدمة، التي فهمت أن ديناميكية المقاولة مرتبطة بالتنشيط الاقتصادي والعمل على قاعدة الحوار والتعاون مع الحكومات، لكنها وعت كذلك بأنها تتطلب إعمال مبدأ الشفافية والحكامة الجيدة، وهي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والباطرونا، وليست مسؤولية الحكومة وحدها. المقاولات المغربية تريد مناخا جيدا للاستثمار، وهذا شرط أساسي لأنه لا استثمار بدون توفير الأجواء المناسبة، مثل إصلاح القضاء وإعمال الشفافية في الصفقات العمومية وغيرها، لكن المناخ الجيد للاستثمار يتطلب أيضا مقاولات وطنية تؤدي مستحقاتها للدولة وتقطع مع عهد التملص الضريبي الذي يكبد الدولة خسائر تقدر بالملايير كل سنة. والانخراطُ في المرحلة الجديدة التي دخلها المغرب مع دستور فاتح يوليوز يبدأ من إدراك الباطرونا للأدوار الطليعية التي يمكن أن تلعبها في هذه المرحلة.