تواصل الأميرة للا سلمى مساعيها لمحاربة داء السرطان عن طريق جمعية تحمل اسمها، هذه المساعي لم تأت من دور بروتكولي اعتادت عقيلات الملوك والرؤساء القيام به لإضفاء وجه إنساني على السلطة. بل إن جذوره عند السيدة الأولى في المغرب يعود إلى أيام الصبا عندما اختطف المرض اللعين «والدة الأميرة» وابنتها مازالت في الرابعة من عمرها. ترؤس للا سلمى لجمعية لمحاربة داء السرطان لم يكن ترؤسا شرفيا فحسب، تقول بعض المصادر، التي تضيف، أن لالة سلمى هي «دينامو الجمعية، حيث تسهر على تتبع كل أنشطتها وأعمالها سواء في الداخل أو الخارج». وفي السياق ذاته، يقول نور الدين عيوش: «عمل لالة سلمى داخل الجمعية هو عمل متميز بالجدية والديمقراطية والحرفية العالية». ويضيف عيوش أن الأميرة تؤمن بدور جميع أعضاء المجلس الإداري لجمعيتها، لذلك فهي لا تتوانى في أخذ آرائهم في كل صغيرة وكبيرة. كما أن تكوينها كمهندسة، يؤكد، جعلها تتبنى أسلوبا تقنيا متميزا في التسيير، حيث تحضر أغلب اجتماعات المجلس الإداري، وتناقش مع الأعضاء استراتيجية العمل والحصيلة كذلك. وطريقة التسيير المتميزة هذه، يقول عيوش، جعلت الجمعية تكتسب مكانة وطنية ودولية كبرى، حيث إن الأميرة لا تتوانى في الاستعانة بالخبرات الدولية في هذا المجال. منذ إنشائها، شرعت جمعية لالة سلمى لمحاربة داء السرطان في التكفل بالمرضى، عن طريق نظام «دور الحياة» التي ترعى المرضى المصابين، وتوفير الأدوية ودعم أقسام السرطان بمختلف المستشفيات الكبرى عن طريق تزويدها بأحدث التجهيزات، والعمل على تخفيض كلفة الدواء، إلى جانب أنشطة أخرى. وهو ما يتطلب دعما ماليا كبيرا، لا تساهم فيه الدولة بأي شيء، يقول نور الدين عيوش، بل على العكس تستفيد منه. والدعم المالي لجمعية لالة سلمى يكون غالبا من الشركات والمؤسسات الكبرى، التي تحرص على أن تدعم بشكل كبير العمل الجمعوي لزوجة الملك، فضلا عن المساعدات الدولية، وخاصة من دول الخليج. ولتفادي أي خلل مالي، شددت الأميرة لالة سلمى على أن تتكلف شركات افتحاص عالمية بمراقبة مالية الجمعية بشكل دوري. رسميا، يجهل العدد الحقيقي للمغاربة المصابين بالأورام السرطانية، وإن كانت جمعية للا سلمى ترى أن عددهم يتراوح ما بين 35 و50 ألف حالة إصابة سنويا، لكن غياب مراكز التشخيص والعلاج في المدن الكبرى بالمملكة يعرقل جهود الأطباء لحصر عدد المصابين بشكل حقيقي. ولفتت الأميرة للا سلمى، عقيلة الملك محمد السادس، الأنظار مجددا إلى عدد المصابين ب«المرض الخبيث» في المغرب، خلال ترؤسها لأشغال الجمع العام لجمعية للا سلمى لمحاربة داء السرطان الذي احتضنه أول أمس السبت فضاء قصر الضيافة، وهو الجمع الذي تزامن والاحتفال باليوم الوطني لمحاربة داء السرطان. واعتبر الدكتور الباشوشي أن الأدوية الجديدة لعلاج السرطان متوفرة في السوق المحلية وإن كانت باهظة الثمن، مشيرا إلى أن نظام التغطية الصحية الإجبارية مكن المصابين بالداء من الاستفادة من التعويض عن مصاريف العلاج الباهظة، وقال الباشوشي: «كان المريض مطالبا بدفع 20 ألف درهم للاستفادة من حصة واحدة من العلاج بالمواد الكيماوية، والآن وبعد اعتماد نظام التغطية الصحية الإجبارية صار المريض يدفع فقط 100 درهم لمراكز العلاج العمومية كسعر للحصة الواحدة، لكن هذا لا ينفي أن نسبة كبيرة من المواطنين ممن لا يتوفرون على نظام التغطية الصحية مازالوا يعانون من ارتفاع تكاليف علاج الأمراض السرطانية، الآن هناك فقط نسبة 30 في المائة ممن شملهم نظام التغطية الصحية الإجبارية ولا يزال 70 في المائة بدون تغطية، وأعتقد أن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إضافة إلى شركات التأمين يساهمون في التخفيف من عبء ارتفاع تكاليف علاج الأمراض السرطانية بالنسبة إلى المواطنين المنخرطين في نظام التغطية الصحية».