نشرت مجلة «شارلي ايبدو» أول أمس الأربعاء رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد، وذلك بعد أسبوع على اندلاع أعمال عنف في بلدان عربية وإسلامية عدة احتجاجا على بث مقاطع من فيلم مسيء للإسلام أنتج في الولاياتالمتحدة. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن السفارات والقنصليات والمدارس الفرنسية ستغلق اليوم الجمعة في حوالي 20 بلدا كإجراء «احترازي» إثر نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في مجلة فرنسية. وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية فيليب لاليو: «نفضل استباق الأمور، وبعدها نعدل التدابير حسب تطور الوضع»، موضحا أنه تم اتخاذ تدابير ذات صفة عامة (تعزيز الإجراءات الأمنية ودعوات إلى اتخاذ تدابير الحيطة والحذر في البلدان المعنية ...). واتخذ هذا القرار في وقت أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في تصريح لإذاعة فرانس أنفو أن فرنسا اتخذت «احتياطات أمنية خاصة» لحماية سفاراتها. وقال فابيوس «أرسلت تعليمات لاتخاذ احتياطات أمنية خاصة في كل البلدان التي يمكن أن تحصل فيها مشاكل». ودعا موقع وزارة الخارجية الفرنسية على شبكة الانترنت المسافرين «إلى أخذ أقصى درجات الحذر»، نظرا إلى «الاضطرابات الراهنة» في العالم الإسلامي. وأضاف موقع الوزارة في خانة «نصائح إلى المسافرين» التي تم تحديثها اليوم «نوصي بالابتعاد عن أي تجمع وتجنب سلوك المحاور التقليدية للتظاهرات في الشوارع ومحيط المباني الحساسة (سفارات غربية وأماكن عبادة)». وفي باكستان، تلقى الرعايا الفرنسيون رسائل نصية جاء فيها «تهديدات خاصة للجالية الفرنسية والمصالح الفرنسية على إثر نشر مجلة «شارلي ايبدو» رسوما كاريكاتورية اليوم. ندعوكم إلى أقصى درجات الحذر». واعتبر فابيوس أن نشر مجلة «شارلي ايبدو» الأسبوعية الساخرة رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في «الوضع الراهن» يصب «الزيت على النار». وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي جان مارك آيرولت أنه سيتم حظر تظاهرة دعي إليها السبت المقبل في باريس احتجاجا على الفيلم المسيء للإسلام، مذكرا من صدمهم نشر رسوم كاريكاتورية للنبي محمد في مجلة فرنسية هزلية أن بإمكانهم اللجوء إلى القضاء. وقال آيرولت متحدثا لاذاعة ار تي ال إنه «تم تقديم تصريح عن التظاهرة، وهذا التصريح سيصدر بشأنه حظر»، موضحا أنه «لا داعي لاستقدام نزاعات لا تعني فرنسا إلى أراضينا». وأضاف رئيس الوزراء «نحن في جمهورية لا تقبل بتاتا أي ترهيب من أي كان في ما يتعلق بقيمها». وتابع «لن نتسامح مع أي تجاوزات»، مشيدا ب»روح المسؤولية والاعتدال الكبيرين التي يتحلى بها مسؤولو الديانة الفرنسية في فرنسا». وأكد آيرولت أنه «يعود إلى القيمين على هذه الصحيفة أن يقرروا ما الذي ينبغي القيام به أو عدم القيام به». وأضاف أنه «يفهم» أن البعض قد تكون «مشاعرهم جرحت. ولكن نحن في دولة علمانية، دولة جمهورية». من جانبه، أعلن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس أن حرية التعبير بما فيها رسم الكاريكاتور هي «حق أساسي» يصونه القانون. وقال الوزير إثر نشر أسبوعية «شارلي ايبدو» الفرنسية الساخرة رسوما كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد إن «حرية التعبير حق أساسي وحرية رسم الكاريكاتور جزء من هذا الحق الأساسي». لكنه أضاف أنه «يتعين على كل شخص تحمل مسؤوليته، وكل عمل فردي وكل مقالة وكل رسم وكل تصريح يمكن أن يؤجج أو يتسبب في مواجهات». ورفض الوزير الفرنسي الذي استقبل مسؤولي المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية أي تعرض «لحرية التعبير وحرية الإعلام والرأي والكاريكاتور في إطار القانون»، موضحا أن «المحاكم موجودة لنصرة الذين يعتبرون أنهم أهينوا». وخلص وزير الداخلية إلى القول إن «كل تظاهرة تهدف إلى الإخلال بالأمن العام وتأجيج المشاعر وبث البغضاء، لن تنال الترخيص وستمنع وأعطيت تعليمات إلى كل مديري الأمن لتطبيق هذه الموانع تطبيقا تاما». وتعذر الدخول إلى موقع المجلة شارلي في حين امتلأت صفحتها على موقع فيسبوك بتعليقات إيجابية وأخرى سلبية حول الرسوم التي نشرتها. وأعلنت المجلة الفرنسية تعرض موقعها الإلكتروني «للقرصنة». وفتحت النيابة تحقيقا حول القرصنة التي تعرض لها موقع «شارلي ايبدو» على الانترنت. وقد فتح هذا التحقيق الذي عهد به إلى سرية التحقيق حول عمليات التزوير في تكنولوجيا الإعلان بعد شكوى رفعتها المجلة على إثر تعرضها لعملية تسلل إلى منظومة المعلومات. وفي ردود الفعل الإسلامية، أدان شيخ الأزهر، أعلى مرجعية للمسلمين السنة، نشر الأسبوعية فرنسية للرسوم، فيما لا تزال المنطقة تعاني من تبعات الفيلم المسيء للإسلام الذي أشعل تظاهرات عنيفة على مدار الأسبوع الماضي. وقال شيخ الأزهر أحمد الطيب في بيان «إن الأزهر يعبر عن كامل رفضه وكل المسلمين لإصرار المجلة الفرنسية لنشر الكاريكاتورات المسيئة للإسلام ورسوله، رسول الإنسانية». من جانبها وصفت صحيفة «اوسيرفاتوري رومانو» الصادرة عن الفاتيكان نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول في أسبوعية «شارلي ايبدو» الفرنسية بأنها «تصب الزيت على النار». وكتبت صحيفة الفاتيكان «في الوقت الذي يتم فيه بذل جهود مضنية لتخفيف التوتر الذي يعيشه العالم الإسلامي بسبب فيلم براءة المسلمين، يخشى اليوم فتح جبهة احتجاج جديدة» بعد نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول. وأفاد مصدر قضائي أن جمعية قدمت شكوى أمام النيابة العامة في باريس ضد مجلة «شارلي ايبدو» بتهمة «الحض على الكراهية» وأضاف المصدر نفسه أن النيابة العامة فتحت من جهة ثانية تحقيقا حول تعرض موقع المجلة على الانترنت للقرصنة ما أدى إلى عدم التمكن من الدخول إليه. وقد رفعت الشكوى على «شارلي ايبدو» باسم منظمة تسمى الجمعية السورية من أجل الحرية التي تقول إن مقرها في الدائرة 20 في باريس. واعتبرت الجمعية أن «شارلي ايبدو» «قررت صب الزيت على النار». من جانبه شكك البيت الأبيض في الحكمة من وراء قيام مجلة «شارلي ايبدو» الفرنسية الساخرة بنشر الرسوم الكاريكاتورية، مع تشديده على أن أي عمل لا يمكن أن يبرر العنف. وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض «لدينا أسئلة حول الحكمة من وراء نشر أمور من هذا النوع». وأضاف المتحدث الأمريكي «نعلم أن هذه الصور ستكون صادمة جدا للكثير من الناس» ويمكن أن تتسبب بردود فعل عنيفة.